بقلم - مايكل شراج: يبدو الإحباط حليف مؤسسات كثيرة تستثمر الملايين في حزم البيانات الضخمة والتحليلات، ففي حيازتها بيانات أكثر وبنوعيّة متحسّنة، وفي متناولها محلّلون وتحليلات من الدرجة الأولى. ومع ذلك، لا يزال المدراء غارقين في النوع ذاته من الجدال والنقاش - إنّما بوجود بيانات أفضل. هل من حلّ لهذه المشكلة؟ بعد تسهيل جلسات عن حزم البيانات الضخمة والتحليلات لشركات مؤشر «فورتشن 1000»، وتمضية الكثير من الوقت الجدّي مع مؤسسات راضية عن العائدات التي حقّقتها جرّاء الاستثمار في التحليلات، ظهرت «أساليب بحث للبيانات». ويشار إلى أنّ الشركات التي تحقّق نتائج تكون ما بين السيّئة والمقبولة تستخدم حزم البيانات الضخمة والتحليلات لدعم قراراتها، في حين أنّ الشركات الناجحة التي تحقق عائدات من التحليلات تستعمل حزم البيانات الضخمة لرصد تغييرات السلوك ودعمها. ولا تكون التحليلات المتحسّنة والموجّهة من البيانات مرتبطة بالإجراءات والمراجعات الراهنة وحسب، فهي تُستعمَل أيضاً للتشجيع على حوارات وتفاعلات مختلفة. ولعلّ التحدي الحقيقي يكمن في الإقرار بأن استعمال حزم البيانات الضخمة والتحليلات لحل المشاكل وتحسين عملية اتخاذ القرارات يعتّم على واقع مؤسسي مفاده أن التحليلات الجديدة غالباً ما تتطلب أنواع سلوك جديدة . وعلى سبيل المثال، وفي إحدى شركات الإمدادات الطبية، تطلّب دمج التحليلات المرتبطة بـ«العملاء الأكثر ربحيّةً»، وبـ«المنتجات الأكثر ربحيّةً» إعادة تعليم كاملة لفريق المبيعات المعني بكلّ عميل، وللعاملين في قسم الدعم التقني، لأنّ العمليّة «أغضبت» عملاء و«أطلعتهم» عن عروض بقيمة مضافة أعلى. وأدركت الشركة أنه لا يمكن لهذه التحليلات أن تُستعمَل فقط لدعم مبيعات وممارسات خدماتيّة حاليّة، بل اعتبرتها فرصة تفسح المجال أمام نوع جديد من المبيعات التيسيريّة والاستشارية، وتسمح بدعم المؤسسة. من المفارقات أن تكون نوعية حزم البيانات الضخمة والتحليلات أقل أهمية من الغاية التي أُنشئَت من أجلها. فلطالما كانت أهمّ الآراء تتناول ما إذا كانت المؤسسة قادرة على جني أكبر العائدات جرّاء استخدام التحليلات لتعزيز أنماط السلوك الراهنة حيال الإجراءات، أو لحثّ الناس على التصرّف بطريقة مختلفة. لكنّ التوافق السائد أشار إلى أنّ الحوارات الأكثر إنتاجية ترتكز على الطريقة التي تنجح فيها التحليلات في تغيير السلوك، أكثر من نجاحها في حل المشاكل. لقد تبيّن أن الحصول على الجواب الصائب ليس محور الاهتمام الطاغي في المؤسسات التي تحقق عائدات عالية من التحليلات. ولا شكّ في أنّ الأسئلة، والأجوبة تعتري أهمية - بشأن البيانات والتحليلات. إلا أنّ كيفية تماشي هذه الأسئلة والأجوبة والتحليلات - أو تناقضها - مع أنماط السلوك الفردية والمؤسسية تعتري قدراً أكبر من الأهمية، علماً بأنّ أفضل التحليلات، حتّى هي، تتسبب بسلوك غير منتج وفي بعض الأحيان. وبالتالي، إيّاكم أن تستهتروا بالتحليلات في متناولكم. - (مايكل شراج شريك بحث في مركز الأعمال الرقمية التابع لكلية «سلون» في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وهو مؤلف «رهان جدّي»).