توالت معاركه وتوالت معها الهزائم.. دون كيشوت أراد محاكاة عصر الفرسان الجوالين. تجهز جيدا وأقنع خادمه الساذج أن يتبعه في رحلته، فكانت أول معاركه مع طواحين الهواء. كان يدرك تماما في كل مرة أنه يخسر لكنه يرفض التسليم بالخسارة. يخيل له عقله أن خصومه من السحرة أرادوا حرمانه من نصر مؤكد فمسخوا بسحرهم العمالقة الشياطين إلى طواحين هواء ومسخوا الفرسان المحاربين إلى أغنام. دون كيشوت اعتاد دخول المعارك الخاسرة، وهكذا مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك. صنع الجدل وبدأ المشكلة، لن ألعب مباراة المقاصة، والسبب؟ "اتفقت على ذلك مع إدارة الفريق الفيومي". رفض خوض المباراة فاعتبره اتحاد الكرة خاسرا. أضاع على الزمالك ست نقاط بأمس الحاجة إليهم، لا للصراع على الدوري لكن من أجل التأهل الإفريقي، وهذا أضعف الإيمان. هل ينتصر مرتضى منصور؟ ما هي أساسا معايير الانتصار، أو مطالب مرتضى التي سيعتبر نفسه منتصرا إن تحققت؟ 1) عدم دفع أي غرامة وقعها الاتحاد على النادي 2) إعادة مباراة مصر للمقاصة 3) وبالتالي، عدم خصم النقاط المسحوبة. حسنا، ومع افتراض تحقيق مرتضى منصور لمطالبه، ما الذي استفاده الزمالك هنا؟ ما الانتصار الذي حققه الزمالك في إعادة مباراة كان متاحا له منذ البداية خوضها؟ وإعادة نقاط كان بالفعل قد حققها. ماذا إن لم تعاد المباراة أو لم تعاد النقاط المخصومة للزمالك؟ كيف لرئيس ناد محب لكيانه أن يقامر على مستقبل فريقه دون أي انتصار يمكن تحقيقه؟ هل ستعاد المباراة من الأساس؟ القوانين واضحة والزمالك خسر بالفعل أمام مصر للمقاصة واتسع الفارق بينهما إلى 20 نقطة بدلا من فوز كان يمكن أن يقلصه إلى 11 نقطة. هل يعرف مرتضى منصور توابع عدم تأهل الزمالك لدوري أبطال إفريقيا بالموسم المقبل؟ تسويقيا وماديا، وقبل ذلك على التصيف الذي ما لبس للفريق الأبيض أن عاد للمرتبة الأولى أخيرا به هذا الموسم؟ هل تظنون أن المباراة ستعاد حقا ومنكم من يثق بقدرة رئيس النادي على ذلك؟ حسنا، لنتذكر معا ما حدث في أيام مرتضى الأولى رئيسا لنادي الزمالك في 2005. ماذا إن كنت رئيسا لنادي تعشقه، ناديك على وشك الظفر باللقب ولكنك ممنوع من الحضور وإلا يعتبر فريقك خاسر.. هل ستحضر أم أن الأهم هو تتويج ناديك؟ في 2005 وفور توليه رئاسة النادي، وجه مرتضى منصور وابل من السباب لأعضاء مجلس اتحاد كرة اليد في نهائي بطولة الدوري بين الزمالك والأهلي، والتي حصل عليها الفريق الأبيض. حسن مصطفى رئيس الاتحاد المصري للعبة والاتحاد العالمي أيضا وقتها، أصدر قرارا بحرمان مرتضى منصور من حضور نهائي بطولة الكأس على خلفية هذا الخلاف بينهما. أقيمت المباراة والزمالك كان صاحب الفرصة الأكبر لتحقيق الفوز بالنظر لمستوى الفريقين. مرتضى منصور اقتحم المباراة حاملا كأسا مزورة، وجاب أرجاء الملعب معلنا تتويج الزمالك باللقب رغم أن المباراة مازالت في شوطها الأول والنتيجة تشير لتقدم الأهلي 13-12. اتحاد اليد اعتبر الزمالك خاسرا وذهبت البطولة للأهلي، ليس هذا وحسب، فقررت الجمعية العمويمية لليد تجميد نشاط الزمالك تماما لحين تقديم مجلس الإدارة اعتذارا مكتوبا. هل أعيدت تلك المباراة أو احتسب الكأس للزمالك بالفعل؟ لا، ولم يعد الزمالك لسجلات اتحاد كرة اليد أيضا إلا بعد أن تقدم مجلسه بالاعتذار المكتوب. وهكذا اعتاد مرتضى منصور الدخول في معارك خاسرة، لا يخرج فيها إلا هو منتصرا –فقط في وجهة نظره-. هل تذكرون كم مرة اعترض مرتضى منصور على ملعب مباراته أمام الأهلي؟ في كل مرة يؤخر سفر اللاعبين، يؤكد أن المباراة لن تقام إلا على الملعب الذي اختاره، وفي النهاية وبعد أن يخرج اللاعبون عن تركيزهم، يسافرون مكانا ما حُدد للمباراة منذ البداية. يخسر الفريق فيكون هو أول المنتقدين لهم وللمدرب، وكأنه لم يشتتهم قط. هل ر’فض نظام الاستبدال منتصف هذا الموسم؟ مرتضى أعلن رفضه للنظام وتحدى مرارا أن يتم تطبيقه، ورغم ذلك تم تطبيقه في النهاية واستفادت منه كل الأندية إلا الزمالك.. سليماني كوليبالي سجل 4 أهداف في 5 مباريات بقميص الأهلي مثلا، والثنائي محمد الشامي وعبد الله جمعة أصبحا من أعمدة تشكيل المصري الأساسية. _ _ _ "أزلت الأشجار من أجل الأعضاء.. أوراق الأشجار كانت تتساقط في أطباق الطعام" هكذا برر مرتضى منصور قطع مجموعة كبيرة من الأشجار الأثرية، المهداة لنادي الزمالك من وزارة الزراعة بعدما تولى رئاسة النادي في الولاية الأولى. البعض ذهب بخياله وقال إن سبب إزالة الأشجار هو اعتقاد رئيس النادي بإن كمال درويش خبأ له "أعمال" تحتها، لكن مرتضى لم يصرح يوما بذلك، تماما مثلما لم يصرح بسبب هدم صالة كبار الأعضاء التي لم يكن قد مضى سوى عدة أشهر على الانتهاء من تشييدها قبل ولايته. الأشجار لم تكن فقط ضحية مرتضى، هل تظنون أن الأهلي وحده من يملك دولابا عامرا بالبطولات؟ للزمالك مبنى اجتماعي تاريخي وقديم -ربما لن يمكنك مشاهدته الآن إلا لثوان معدودات في مشهد بفيلم غريب في بيتي، مدخل هذا المبنى كان يحتوي على دولاب مليئ بالكؤوس والبطولات.. كثيرا ما شد نظري كلما مررت أمامه في طفولتي. مرتضى منصور هدم هذا المبنى، منذ هذا الحين لم أر الدولاب مرة أخرى، وحقيقة لا أعرف مصير الكؤوس التي كانت بداخله، أتمنى ألا تكون يد الهدم قد طالتها، هي والثرايا الأثرية التي كانت بداخل المبنى :) منذ 2005 وحتى 2017 مازال المبنى الاجتماعي الجديد تحت الإنشاء في نادي الزمالك، مع العلم إن سمير حلبية رئيس النادي المصري مثلا، أنشأ فرعا للنادي البورسعيدي في عام واحد به مبنى اجتماعي وحمامات سباحة تماما كالتي يفتخر بها مرتضى، وهو الآن بصدد البدء في الفرع الثاني. نعود للعصر الحالي في الحقيقة أن الأشجار لم تزعج الأعضاء مثلما قال مرتضى، الأعضاء بكوا بعد إزالتها في الواقعة التي أسموها "مذبحة الأشجار". هدم مرتضى للمبنى الاجتماعي لم يكن لإنشاء مبنى أفضل وأكثر تطورا مثلما قال، أو لأنه آيل للسقوط كما ادعى، حقيقة الأمر أن مرتضى يريد محو كل ما سبق رئاسته للزمالك، يريد أن يكون الزمالك هو مرتضى منصور. تماما مثلما فعل في ملعب "حلمي زامورا" حين هدم مدرجاته بحجة أنها آيلة للسقوط، رغم أن الأهلي مر بنفس الأمر، فهدم جزء صغيرا من المدرجات ورمم البقية، أما مرتضى فأزال كل المدرجات، فقط لتغيير معالم النادي. لم يغير معالم الملعب فقط، فغير أيضا اسمه وأزال اسم أسطورة النادي التاريخية حلمي زامورا وأبدله بـ "عبد اللطيف أبو رجيلة". وحين هاجمه البعض على ذلك، رد الهجوم على روح الأسطورة المتوفية متهمه بأسوأ الصفات. سيحاول نسب النجاح لنفسه، دون الاعتراف بأنه كان سبب الفشل في البداية، تماما مثلما يتفاخر بمنشآت النادي الجديدة، متناسيا أنه نفسه من هدم المبنى الاجتماعي القديم، وهدم ملاعب كرة القدم للأعضاء وأزال الأشجار التاريخية في ولايته الأولى. مرتضى سيغير كل شئ، سيحاول جاهدا أن يجعل من الزمالك متفوقا، لكن إياك أن تشاركه أسباب هذا التفوق، إذا نجح النادي سيكون مرتضى هو السبب وحده، وإذا رأت الجمهور غير ذلك سيكون مصير من هتفت الجماهير باسمه هو الرحيل، تماما مثلما حدث مع جوزفالدو فيريرا. وإذا رفض أحدهم العمل معه سيكون مصيره التشويه، تماما مثلما يفعل مع رموز النادي العريق.