السعوديون يقفزون مرحلة المراهقة فلذلك لا تفرق أحيانا بين ممارسات مراهق الخمسين ومراهق العشرين في شانز باريس أو في سيتي سنتر البحرين أو في مجمع الظهران. لهذا يقول طبيب نفسي عربي شهير «الشعوب المعقدة تطول فيها فترة المراهقة». المراهقة مرحلة لا تحظى بالاهتمام في السعودية فلذلك يقولون للفتى «خلك رجال» وللفتاة «خليك مرة» أي امرأة ناضجة هذا النضج المبكر يجعل بعض النساء السعوديات يمارسن المراهقة في بيت الزوجية بعد أن عجزن عن ممارستها في بيت الأهل. المراهقة لا تعني الانحراف بأي حال من الأحوال ولكنها مرحلة مختلفة من الحياة تتميز بفورة الشباب وحيويته وكثرة الأسئلة وكثرة المقارنات. تجاهل هذه المرحلة بكل مضامينها يجعلنا نشاهد مراهقين ومراهقات في الخمسين. حرق المراحل في الحياة السعودية يؤدي إلى خلق مشاكل في الشخصية من الصعب معالجتها، والإصرار على ظهور الناس بصورة واحدة تسمى «الصح» وما خالفها «خطأ» هو الذي يجعل الناس يختارون الحلول الآمنة فيغتالون شخصياتهم في المراحل الأولى من الحياة ولكن هذه الشخصيات لا تغادرهم فيعودون إلى ممارستها في سن متأخرة مما يشكل حالة مرضية تستحق الوقوف عندها. الحكاية باختصار «المراهقة» مرحلة ليست كلها شر ولكنها مرحلة مليئة بالتناقض والصراعات الداخلية التي تحتاج إلى كثير من الاهتمام والاستماع من خبراء متخصصين. جمع المراهقين كلهم في صفة واحدة كارثة لأن كل مراهق حالة خاصة كما أن كل إنسان حالة خاصة عبارة عن مزيج من استعداد فطري وتربية وظروف حياتية وإمكانات اقتصادية ومستوى تعليمي وخلافه.