فيما كانت واشنطن تحتفي بنتائج «أم القنابل»، كانت موسكو تتأهب لإعلان نتائج مؤتمر إحلال السلام بين طالبان وحكومة أفغانستان، وسبحان مغير الأحوال!في كل الأحوال بات من الثابت واللازم إصدار كتاب جديد مغاير لـ»لعبة الأمم» يكون عنوانه ومضمونه أن «الأمم لعبة» في يد الروس والأمريكان!والحاصل أنني عدت لتأمل «لعبة الأمم» الصادر في السبعينيات من القرن الماضي فوجدت أننا أو أنها- اللعبة- إما توسعت بضم صيصان «جمع صوص» جدد! وإما أن ديكاً شرساً اسمه بوتين قد اشترك!وفي الحالتين شعرت براحة عجيبة وأنا أقرأ للمؤلف الأمريكي الشهير في مقدمة الكتاب أنه «من السهل لمؤرخ، وذلك بعد مرور عشرين عاماً على حادث أن يرى الحماقة التي ارتكبت من جانب المشتركين فيها»صحيح أنني لست مؤرخاً بقدر ما كنت باحثاً أو ناقلاً أو شاهداً على أحداث كبيرة بل مريرة على مدى أكثر من عشرين عاماً، لكنني أقول من جديد إنني اكتشفت ذلك وأكثر منه! وعلى سبيل المثال يمكنني بضمير سليم أن أقول إنني شخصياً استخدمت ولو كمتفرج في لعبة الأمم المريرة، بكلمة أو بصورة أو تقرير أو تحقيق أو حوار صحفي لهذا «الصوص» أو ذاك!تقول «لعبة الأمم»: «إذا لم تستطع تغيير الاطار - إطار اللعبة - فعليك تبديل اللاعبين! حدث ذلك ورأيته بأم عيني ليس في أفغانستان فقط وإنما في أنحاء عديدة.. أيامها كنا منشغلين أو شغلونا «في دعم الجهاد المشروع حينها للتصدي للغزو الشيوعي»!«علينا حتى يتيسر لنا الوقت لصياغة أهداف صلبة بعيدة المدى أن نركز اهتمامنا في البحث عن وسائل تضمن النوع المناسب من الزعماء»! عاصرت شيئاً من ذلك، وسجلته بقلمي، لكنني كنت مشغولاً أيامها، أو شغلت بالانبهار بهذا والرفض لذاك!«حتى تكسب عليك أن تفوز على الذين أنت في صراع معهم، وأن تفوز أنت وهؤلاء الذين يربطك بهم تعاون، فاذا وجدت أن الأمر لايمكن تحقيقه فعليك ، إما أن تغير آراءك المتعلقة بالفوز، أو عليك أن تغير اللاعبين الذين يقفون حجر عثرة في طريقك» .. تابعتها وحققتها بنفسي كثيراً في أكثر من دولة!«نعتقد أنه إذا كانت الزعامة القومية وفي أي مكان بالعالم في شكل يمكن معه تبرير تدخلنا في شؤونها فهي الزعامة لدى العديد من الدول العربية!.. تابعتموها معي بالتأكيد خاصة في العراق وسوريا!«قررنا أن يكون للاعب الجديد الذي سنأتي به، أهدافه وسياسته الخاصة.. لا علينا.. المهم أن يكون في حوزة ذلك الشخص، ما يكفل له الاستمرار في سدة الحكم مدة أطول» «وفي كل الأحوال يجب ألا ينسب إلينا شيء في أي انقلاب، ولا يفكر أحد من رجالنا بينه وبين نفسه أن لنا في القضية دوراً ضليعاً»! لن أعلق لكني أكرر هنا بدهشة أن هذا الكلام أو الكتاب صدر في السبعينيات، وليس قبل سنتين أو ثلاث! هذا ما ينقلني مباشرة الى تعليق زكريا محيي الدين نائب عبد الناصر في الستينيات الذي علق على لعبة الأمم بقوله» «إن هدف اللاعبين العام في «لعبة الأمم» هو المحافظة على استمرار اللعبة.. فتوقفها يعني الحرب» ! وقد كان!توقفت اللعبة قليلاً أو كثيراً، أو ربما دخل لاعب لايجيد أصولها، فنشبت الحرب في العراق ثم في سوريا وهلم جرا إلى أن وصلنا الآن الى نذر حرب مدمرة كبرى في كوريا الشمالية!أعود لما بدأت به عن تغيير «اللعبة» في أفغانستان.. حيث باتت واشنطن تضرب بأم القنابل، فيما أصبحت موسكو مركزاً للحوار الوطني الأفغاني!يصرخ حامد كرزاي «الرئيس السابق» وهو الذي كان واحداً من أشد القادة الأفغان كراهية لظاهرة الأفغان العرب، والذي وجدت فيه الإدارة الأميركية الشخص المناسب، مطالباً برحيل القوات الأمريكية، ومهدداً بكشف حقائق «أم القنابل»! ثم أتابع أشرف غي «الرئيس الحالي» فأجده يوافق على إرسال وفد للتفاوض مع طالبان في موسكو؟!هل هو فرع «تغيير اللاعبين» أم نظرية «الصوص» في لعبة الأمم والتي تقضي بأنه « إذا علمت أنني لست ذاهباً لأربح فأنا ذاهب لأموت، ولكني سأطرحكم أرضاً معي»؟! أم أن اللعبة كلها انتهت بفعل التقنية الحديثة؟ أم أن الديك الجديد أفسد الحلبة، أم أن ظهوره وترْكَ كل هذه المساحة له جزء من اللعبة المطورة؟ ماذا عن قدرات الديك التقنية التي وصلت للتدخل في تحديد الرؤساء ليس في بلاد العرب فقط وإنما في بلاد أمريكا وأوروبا؟!كنت أميل الى ذلك لولا أن مؤلف لعبة الأمم يقول» لست أدري إذا ما كان مركز الألعاب لايزال قائماً في واشنطن، لكن الأكيد منه هو أن مثل هذا النوع من الممارسة لايزال يُعمل به، ويُمارَس في الكثير من جامعاتنا»!من الواضح على هذا النحو أنني مجرد «صوص صغير»!