ثمانية سنوات مرت أو أقل على إعلان شركة ريدبول عن تملكها لنادي ألماني ليكون الخامس المملوك لهم على مستوى العالم، مدينة لايبزج كانت اختيار ديتريش ماتشيز أحد ملاك المجموعة لإقامة نادي كرة قدم هناك بناء على نصيحة قدمها له الأسطورة الألمانية فرانز بيكنباور. لا يوجد ممثل للمدينة في البوندسليجا منذ 1994 جعل سكانها يلتفون حول النادي الناشئ الذي فشل ملاكه في الحصول على تصاريح لإطلاق اسمهم "ريدبول" عليه فكان البديل "راسنبولسبورت". بداية من الدرجة الخامسة والمشروع لا يعتمد على صرف الأموال بل على جذب المواهب الصغيرة من حول أوروبا وجمعها في نادي صغير، الأمر بالنسبة لرئيسه أندرياس سادلو كان سهلا فهو وكيل لاعبين سابق. 88 مليون يورو أو أكثر بقليل هو كل ما خرج من خزينة الفريق طوال السنوات الثمانية الماضية لجلب والتعاقد مع لاعبين والصفقة الأغلى في تاريخهم كانت إستقدام نابي كيتا من الزميل ريدبول سالزبورج بـ 12 مليون يورو فقط. "أمامنا ثلاث إلى خمس سنوات للوصول إلى البوندسليجا" صرح ماتشيز في 2011 عن طموحاته مع الفريق الذي أنشئ في 2009. وتابع المالك "نطمح إلى اللعب في الدرجة الأولى ومن هناك يمكننا الوصول إلى دوري أبطال أوروبا" وكما كان مخطط وصل لايبزج إلى الدرجة الأولى في خمس سنوات وبالأمس وصل الفريق رسميا إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل. يعتبر هذا هو أول مواسمهم وسط كبار ألمانيا ولكن الفريق مع مدربه النمساوي رالف راسنهوتل لم تبدو عليه أعراض الصدمة المعتادة للفرق الصاعدة حديثا ورغم صغر سن تشكيلته التي لم يتجاوز متوسط أعمارها الـ 23 عاما إلا أنه كان منافسا وندا قويا لبايرن ميونخ على اللقب. تصدر في بعض لحظات الموسم جدول الترتيب وظل بلا خسارة حتى الأسبوع الـ 14 من عمر البطولة وعندما خسر لم يسقط ويتراجع بل نجح في المحافظة على تواجده كمنافس على اللقب. المدرب الملقب ب"كلوب جبال الألب" نجح في أولى مواسمه مع الفريق بمساعدة من المدير الرياضي رالف راجنيك الذي قادهم إلى الصعود مدربا قبل أن يتحول لإدارة كرة القدم في الفريق للإستعانة بخبراته الكبيرة في كرة القدم الألمانية ودمجها بطموح وشغف المدرب راسنهوتل. 58 نقطة بعد الأسبوع الـ 28 حققت حلم رئيس النادي وطموحات إدارته بضمان الوصول إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل ولكنها لم ولن تكون كافية لهم لتفجير مفاجئة كبرى وإزاحة البافاري عن قمة الدوري الذي أقترب من أن يتم حسمه بشكل رسمي. نجاح الفريق الألماني الشرقي ليس محببا في ألمانيا منذ بداية الموسم فرغم أن قاعدة جماهير الفريق تعتبر كبيرة نظرا لتمثيله الكروي ليس فقط للمدينة ولكن لشرق ألمانيا كله بعد سبع سنوات من الغياب ولكن لايبزج كسر كل قواعد الكرة الألمانية. نظريا الفريق لم يكسر قاعدة 50+1% التي تعطي الجماهير الحق أكثر في إدارة الأندية الألمانية فلا تعطي للمالك الحق في التصرف في النادي كيفما يشاء ولكن لايبزج تحايل عمليا على تلك القاعدة. زيادة أسعار الإشتراك إلى 800 يورو وهو ما يعادل عشرة أضعاف ما يدفعه عضو بايرن ميونخ جعل الجمعية العمومية للنادي تضم 17 عضوا فقط لا يكفون لإكمال فريق كرة قدم حتى. الإتحاد الألماني يرفض إطلاق أسماء شركات خاصة على الأندية فما كان من ريد بول إلا أن أخذت أول حرفين من أسمها وقامت بتسمية النادي بكلمتين تبدءان بنفس الأحرف حتى تظل "أر بي" ملاصقة تذكر الجميع أن ريدبول العلامة الأشهر هي المالكة للنادي. كل ذلك أثار غضب ليس مشجعي الفريق الذين يتزايدون لدعم الفريق في ملعبهم بالمدينة فوصل معدل حضورهم الجماهير إلى أكثر من 30 ألف بعد أن كان ألفين فقط في الدرجة الخامسة ولكن الغضب كان من جماهير الاندية الأخرى. إعتراضات على تواجد ريدبول لايبزج وسطهم وتصوير النادي بالنازية ورئيسه ماتشيتز بهيتلر وأخر قام بإلقاء رأس ثور "العلامة لرئيسية لريدبول" داخل الملعب ليعبر عن إعتراضه على الفريق. لكن الفريق أستمر وحقق هدفه الرئيسي هذا الموسم وجعل الجميع مجبرا على إحترام مشروعه ونجاحاته خصوصا أنها جاءت بالإجتهاد وبتنفيذ لخطة لا تتضمن صرف الأموال وجلب الأسماء الجاهزة. *الأسماء المميزة يمتلك الفريق العديد من الأسماء المميزة على رأسها المهاجم الألماني الشاب وهداف الفريق هذا الموسم تيمو فيرنر الذي وصل من شتوتجارت الصيف الماضي. سجل 16 هدفا تصدر بها قائمة هدافي الفريق حتى الآن وأصبح مستقبل الهجوم الألماني والخليفة الشرعي للمهاجم ميروسلاف كلوزه في هجوم الماكينات الألمانية. خلفه يلعب صانع الألعاب الأبرز في أوروبا هذا الموسم السويدي إيميل فورسبرج الأفضل في الفريق بصناعته ل15 هدفا جعلته الأعلى رقميا بين كل لاعبي الدوريات الخمس الكبرى أوروبيا بجانب تسجيله لثمانية أهداف أخرى. إضافة إلى لاعب الوسط المطلوب بين كل كبار أوروبا نابي كيتا والذي لا يكتفي بتحطيم هجمات المنافسين وتحجيم خطورتهم في خط الوسط بل أيضا في تسجيل الأهداف برصيد 8 أهداف. بينما لم يكن الموسم الحالي هو الأفضل للقائد والهداف التاريخي للفريق يعقوب بولسن صاحب ال22 عاما والذي أكتفى بتسجيل 3 أهداف فقط ليصل إلى الرقم 31 في صدارة هدافي الفريق تاريخيا. *معجزة ليستر؟ حقق ليستر سيتي معجزة الموسم الماضي بالحصول على لقب الدوري الإنجليزي ولكن تكرارها هذا الموسم يبدو مستحيلا وإن كانت خطة الفريق أن يحصد اللقب في المواسم القليلة المقبلة. "لن أنتظر حتى أصل إلى عامي ال80 للإحتفال بأول لقب دوري مع الفريق" كان هذا تصريح سابق لمالك الفريق الذي يبلغ من العمر حاليا 72 عاما، الفريق أمامه أقل من 8 سنوات للحصول على اللقب الأول له محليا. بينما في دوري الأبطال فالفريق يعاني من نقص الخبرات فلا يوجد سوى خمسة لاعبين فقط في قائمة الفريق تجاوزوا ال25 عاما والمدافع مارفين كومبير هو فقط الذي تجاوز الثلاثين بجانب حارس المرمى البديل كولتورتي. ولا يضم الفريق سوى ثلاث لاعبين فقط شاركوا في دوري أبطال أوروبا سابقا بمجموع مباريات هو 22 مباراة منهم 12 مباراة لنجم الفريق إيميل فورسبرج مع مالمو السويدي. كما لا يمتلك المدرب رالف رانسهوتل الذي بدأ التدريب في 2011 أي خبرات خارج الدوري الألماني سابقا ولم يشارك تدريبيا في أي بطولة قارية فدوري أبطال الموسم المقبل سيكون الأول له ولمعظم الأسماء بفريقه في مسيرتهم الكروية القصيرة حتى الآن. الخروج من الفريق لا يبدو الفريق مجبرا على التخلي عن أحد نجومه ليس بسبب القوة المالية التي يمتلكها ولا يستخدمها ولكن بسبب قدرته على الإقناع ونجاح مشروع الفريق عمليا قبل أن يكون نظريا. أوليفي بوركي الشاب الأسكتلندي دليل على ذلك فرفض لاعب نوتينجهام فورست العديد من عروض الأندية الإنجليزية الكبرى الموسم الماضي للذهاب إلى لايبزج والإنضمام إلى كتيبة شباب الفريق. هناك في لايبزج ستطور أكثر وأكثر والرحيل في منتصف الطريق لن يفيدك والبقاء سيكون أفضل لك فنيا ومسيرتك الكروية في بدايتها مازالت. نابي كيتا وتيمو فيرنر هم أبرز الأسماء المطلوبة في كبار أوروبا بداية من الصيف المقبل وفورسبرج تحت أنظار العديد من الأندية أيضا ولكن لا يوجد نية لإدارة الفريق للبيع لرغبتها في التدعيم وليس في بدء البناء من جديد.