يصطف طابور طويل من السيارات في قلب المنطقة التجارية بإسلام أباد، حيث ينتظر ركابها جميعا مشاهدة المركز التجاري الجديد "سينتوروس". لكن الحدث الأكبر في هذا المركز التجاري الأضخم والأحدث والأعلىبالعاصمة الباكستانيةيتمثل في افتتاح مجمّع سينمائي يضم خمس صالات عرض، ينتظر أن يشكّل ولادة جديدة للفن السابع في باكستان. ولم تكن هناك أي دار عرض سينمائي في إسلام أباد حتى افتتاح "سينتوروس" الشهر الماضي، بعدما اختفت جميع دور السينما بطريقة أو بأخرى على مدار العقد الماضي في ظل تصاعد وتيرة العنف في البلاد. وداخل ممرات المركز التجاري المكيف الهواء والواعدة بمشهد سينمائي مختلف، يتجولالناس من جميع الأعمار وكلهم شعور بالحماس. يشاهدون واجهات العرض التيتحتويسلعا متنوعة من أحدث الصيحات، وينتظرون اليوم الذي سيشاهدون فيه أفلاماعالمية بأحدث التقنياتداخل قاعات المجمّع التجاري الحديث. وحسب ما ذكرته مجلة "مظهر" الباكستانية المتخصصة في شؤون السينما، فقد انخفضعدد دور العرض السينمائي في البلاد من 750 في العام 1995 إلى 139 في العام 2007 وتقتصر العروض على أفلام "بوليوود" التي تحمل نفس "الجار اللدود" الهند، وفي قاعات صغيرة وتفتقر للتقنيات الحديثة. وكان حشد غاضب قام بإضرام النار في أقدم مسارح إسلام أباد وهو "ميلوديسينما" التي شيدت في 1966، وذلك أثناء احتجاجعلى مقتلعالم دين مسلم. أما سينما "نيفديك" التي شيدت في العام 1974 وهي تعود لوزارة الثقافة فقد أغلقتها الوزارة في العام 2005، ثم بيعت لمستثمر خاص بعد أن اعتبرتعديمة الجدوى من الناحية التجارية. كما واجهت ثالث وآخر دار عرض سينمائي بالعاصمة، "كوسار"، نفس المصير في نفس العام. ويقول مدسر إرشاد وهو موظف حكومي ويعشق السينما: "افتقدتمشاهدة الأفلام على شاشة كبيرة، وبصوت مرتفع. كل ما في الأمر إنني أعشقذلك لكن ليس هناك أي مكان نذهب إليه". صناعة الفرح كما يقول أفق شاه وهو مسؤول إداري بالمركز التجاري الجديد: "الناس سعداءإلى حد الجنون بأن يكون لديهم سينما جديدة في مدينتهم". جمهور باكستاني في مدينة لاهور ينتظر دوره لمشاهدةفيلم النجم الهندي شاروخان (الأوروبية) ويؤكد أمير حيدر مدير شركة "مانديفوالا إنترتينمنت" صاحبة مشروع مجمعالسينما في سينتوروس: "من المقرر افتتاح مجمع السينما غدا الجمعة وهي تستخدم النظام الرقمي بالكامل وتتسع لأكثر من 500متفرج". وأضاف حيدر أن إحدى الدور تضم 17 مقعدا فقط، وهي مصممة خصيصا للدبلوماسيين وكبار الشخصيات الأخرى. وكانت الشركة تقوم في السابق بتشغيل مجمع سينمائي يضم عدة دور عرضفيمدينة كراتشي الساحلية اعتبارا من العام 1988، ولكن المجمع تعرض للحريق،بالاضافة إلى ثلاث دور أخرى العام الماضي أثناء احتجاج قام به طلاب بعد أن أثار غضبهم تسجيل فيديو نشر على موقع "يوتيوب"الإلكتروني تردد أنه يمثل إساءة للنبي محمد. وقال حيدر "معظم الناس في باكستانيحبون المرح ويريدون الخروج والترفيه عن أنفسهم، وهم سيشاهدون السينمالو عرضت نوعية جيدة من الأفلام". أما بارك اللهخان -وهو موزع للأفلام الهندية في مدينة لاهور- فيقول إنصناعة السينما في باكستان كانت "تجارة تدر ربحا قبل الاتجاه بالمجتمعإلى التشدد الممنهج بدءا من أواخر سبعينيات القرن الماضي". ويأمل خان في أن تعود السينما إلى سابق عهدها، بعد أن خفضتالحكومة الضرائب على التذاكر من 150% إلى0% على مدىالأعوام الخمسة الأخيرة. وقال أيضا إنه يجب أن تنتعشصناعة الترفيه لكي تواجه ما سمّاه "التطرف الديني". وأوضح أن القرصنة على الأفلام قد أضرت أيضا بصناعة السينما، وقال أمير حيدر "سيتعين على الحكومة التصدي لظاهرة القرصنة على الأفلام، إذا أرادت النهوض بالصناعة التي يمكن استخدامها أداة لمكافحة العقلياتالمتطرفة".