توقع لودو فان دير هايدن - المدير الأكاديمي لمبادرة إنسياد لحوكمة الشركات - انتشار الحوكمة خلال السنوات القادمة في منطقة الخليج العربي، إذ تستعد المنطقة لاقتصاد مرحلة ما بعد النفط، وفيها يتوجب على المستثمرين أن يقودوا عملية التطوير والنمو. مؤكداً أن من أهم سمات هذه المنطقة من العالم أن قرارات القيادة تصبح واقعاً ملموساً. وقيادات دول مجلس التعاون الخليجي تريد تطبيق الحوكمة، لذلك أتوقع أن نشهد انتشاراً للحوكمة، وهي أمر جيد لكل من المستثمرين والشركات والحكومات على حد سواء. وقال هايدن إن نقص الشفافية يشجّع على اتباع الأساليب الملتوية وفي نهاية الأمر تصبح الأمور مكشوفة وتتزعزع الثقة وتُخسر السمعة مما يدفع بالموظفين إلى ترك الشركة أو يبقون ولكن بهمة منخفضة. لذلك فإن الحوكمة الجيدة تزيد من «قواعد وشروط الأعمال» وتضمن أن تكون الشركات المنتجة للقيمة أفضل حالاً، ومستويات الأداء التي تقدّمها تضفي المزيد من القيمة للمستهلكين. وليس من قبيل الصدفة أن تكون الدول الاسكندنافية أفضل حالاً على المستويين الاقتصادي والسياسي بشكل كبير على الرغم من معاناتها من تحديات الموقع الجغرافي والمناخ، والحوكمة في سنغافورة أفضل حالاً من الدول التي تحيط بها، وسكانها أكثر سعادة ويشعرون بالأمان بشكل أكبر. فقد شكّلت الأزمة الاقتصادية فشلاً كبيراً للحوكمة على مستوى الشخصي والأخلاقي والصناعي والتشريعي، وما زلنا حتى الآن نعمل على التخلّص من آثارها. احتيال وحول الصعوبات والتحديات التي تواجه تطبيق الحوكمة، وما الأخطار المُحتملة لعدم تطبيقها، قال: معظم حالات الاحتيال هي نتيجة للحوكمة الضعيفة، والتحدي هو أن الحوكمة الضعيفة تفيد الأفراد ذوي النوايا الخبيثة، وهذه النوعية من الأفراد يسعون بشكل تقليدي لتأسيس علاقات مع الحكومة (بهدف الاستمرار في نمط أعمالهم على غرار المافيا). ويجب تحييد هذا النوع من الأفراد على أقل تقدير، ولكن ذلك يحتاج للوقت. كما أن العلاقة بين الحوكمة والأداء المستدام ما تزال غير مفهومة بعد، وذلك لأنه يتم التركيز على الأعمال بشكل كبير على المدى القصير وتنفيذ الصفقات الآنية مهما كانت النتائج. وهذا يجب أن يتغير، والتغيير في العقليات يحتاج وقتاً طويلاً، لأنها تشكّل تغييراً في ثقافة تنفيذ الأعمال. ومن الصعب تحقيق الأرباح بطريقة شفافة بالكامل، حيث سيؤدي ذلك إلى طلب العملاء لتخفيض الأسعار (مما يجعلك تقدم لهم قيمة أكبر). وفيما إذا كانت هناك ضرورة لسنّ قوانين وتشريعات لفرض تطبيق الحوكمة في الشركات الخاصة، أجاب: بالطبع، إن تنظيم السوق لا يمكن أن يُترك للسوق نفسه، وكل سوق بحاجة إلى قوانين تنظمه، لكن التشريعات أكثر من مجرد قواعد وقوانين، وهي بالنهاية فكر. والحوكمة الجيدة تتطلب الثقافة المناسبة ومجالس إدارة ممتازة مع النشاط المناسب. وسيبقى ذلك بحاجة للمزيد من الوقت والكثير من المناقشات والتعليم. التزام وفيما يتعلق بنسبة التزام الشركات في الإمارات وخاصة المدرجة في أسواق المال بمعايير الحوكمة، قال هايدن: ما تزال الحوكمة تعتبر نوعاً من أنواع العلاقات المحلية في يومنا هذا، إلا إذا كانت مبنية على القوانين والتشريعات والتي تكون وطنية وملزمة بحكم العادة. أعتقد أن الشركات في الإمارات متوافقة بشكل جيد مع التشريعات الحالية. وبنفس الوقت يدور النقاش في الوقت الحالي حول زيادة معدلات الشفافية التي لطالما كانت قضية حساسة. وفي نهاية المطاف، تبقى الشفافية جيدة وذات قيمة، لكنها عادةً ما تحتاج للكثير من الوقت لتطبيقها والوصول بها إلى مستويات عالية. انظر كم استغرق الأمر بالحكومات الأوروبية الأساسية لقبول التحول الكامل لبيانات معلومات البنك، فعلى مستوى الأفراد قد يكون إخفاء المعلومات الشخصية منطقياً، لكن على مستوى الشركات يجب ألا يكون ذلك مشكلة، إذ لا تحتاج الشركات لأن تكون مخفية. حقوق وعن أثر حوكمة الشركات المساهمة على حماية حقوق المساهمين والمستثمرين في أسوق المال، تابع قائلا: يمكن للحوكمة تحقيق تأثير كبير، وبشكل أدق لأن الشركة لا تبقى شركة خاصة بعد ذلك، والقرار لا يظل بيد أفراد الأسرة والمقربين منها. فالحوكمة مرتبطة بالحرص على احترام صغار المساهمين من خلال حماية حقوقهم وإطلاعهم بشكل مباشر على الأخبار الجيدة والسيئة على حد سواء، وذلك من أجل المحافظة على ثقتهم. فمعظمهم في الواقع لا يثقون بكبار المالكين، ويشعرون بأن كبار المالكين لا يمثلون مصالحهم بالشكل الكافي، أنا أسمي ذلك بـ«خطر كبار المالكين» وهو بسبب كونهم قد يغيروا من رأيهم بشكل مفاجئ. نذكّر بأنه عندما تهدف شركة مدرجة إلى الاستحواذ على شركة أخرى، تخسر الأولى من قيمتها بشكل تقليدي على المدى القريب (يمكن أن تصل إلى 10% عندما يتم اعتبار الخطوة ذات مخاطر عالية) وذلك لأن صغار المساهمين لا يوافقون على عملية الاستحواذ هذه فيبيعون حصصهم، ومع ذلك يستمر كبار المساهمين في انتهاج استراتيجيتهم الرئيسية غير مكترثين بقرار صغار المساهمين. مخاطر وحول تأثير الحوكمة في الحدّ من المخاطر الاستثمارية للشركات، قال: الحوكمة الجيدة عامل رئيسي في الحد من المخاطر الاستثمارية، فهي توضح الخطر وتراقبه، مما يساهم بشكل رئيسي في تخفيض المخاطر غير الضرورية، وتحقيق أقصى مستوى من المجازفة التي يرغب المالكون في أخذها على عاتقهم مع معرفة جيدة لما يواجهونه. تحديات الكيانات العائلية اعتبر لودو فان دير هايدن أنه قد توجد قطيعة بين الحوكمة والشركات العائلية، لكنها ليست ذات طابع مستمر، حيث تعتبر الطبيعة التنظيمية للمؤسسين والمالكين واحدة من أهم المشاكل التي تواجه هذا القطاع. حيث يكون المؤسس موهوباً ويعرف كيف تُدار الأمور ويبدأ بالمشروع، وتواجهه العديد من التحديات، ثم ينجح مشروعه. ما يحدث لاحقاً أن مؤسس المشروع لا يعير الكثير من الاهتمام للتأسيس لهيكلية حوكمة جيدة، وهي ليست فقط لضمان فاعلية الأعمال، بل للمحافظة على مستوى مستدام للأعمال. ومن المسائل المهمة أيضاً مسألة وراثة الأعمال، فعلى سبيل المثال هناك الكثير من الشركات التي يتم تقسيمها بسبب عدم رغبة الأخوة بالتعاون فيما بينهم أو كل أخ يريد أن يدير شركته الخاصة.