في الوقت الذي تعكف فيه الدولة على حل أزمة الإسكان عبر حزمة من القرارات والمشاريع التي تعمل عليها وزارة الإسكان، بجانب العديد من الإجراءات الحكومية الأخرى، بالتوازي لتأمين مساكن للمواطنين في ظل تزايد أعداد المتقدمين على بوابة الإسكان، طالب متخصصون في إحدى الندوات التي عقدت أخيراً، بأن تتحمل الدولة تكاليف فوائد قروض البنوك العقارية في مقترح رأوا من خلاله أنه قد يسهم في حل مشكلة الإسكان المتفاقمة في البلاد. ورافق ذلك المقترح تأييد كاسح من مشاركين استطلعت آرائهم "الوطن" في تساؤل طرحته قبل أسبوعين عبر موقعها على شبكة الإنترنت حول هل تؤيد أو تؤيدين تحمل الدولة لفوائد إقراض البنوك لسكن المواطنين، وصوت 96% من المشاركين بنعم تجاه تحمل الدولة ذلك في سبيل حل إشكالية المسكن في ظل تزايد أسعار الأراضي الذي شهده قطاع العقار الأعوام الأخيرة والتي جعلت الأرض شيئا من الأحلام التي تراود المواطن، في حين رأى 4% من المشاركين عكس ذلك، معتقدين بعدم جدوى تحمل الدولة لفوائد إقراض البنوك على السكن. وكان عدد المشاركين في الاستفتاء قد وصل إلى 1366 مشاركاً، أجاب منهم بنعم 1306، فيما أجاب بلا 60 مشاركاً. أمام ذلك، عبر مختصون ومسؤولون عن رأيهم بعدم وجاهة الطرح إزاء حل الإشكالية بشكل عام فيما يتعلق بالفوائد البنكية، وأوضح عضو مجلس الشورى عضو لجنة الشؤون المالية بالمجلس الدكتور سعيد الشيخ، أنه ليس من المناسب طرح هكذا تساؤل. وبيّن د. الشيخ في حديثه لـ"الوطن"، أنه إذا لم تكن هناك فوائد على تلك القروض فلن هناك عمليات ضبط للإقراض بشكل عام، وقال: "ليس منطقياً أن تتحمل الدولة فوائد الإقراض، هذا سيفتح المجال أمام الجميع للاقتراض وهذا أمر سيشكل أزمة أخرى". وأشار إلى أنه من الطبيعي حينما تعطي خياراً بمجانية الوقود هل تريد أم لا وكذلك رسوم الكهرباء هل تريد إسقاطها أم لا، فإن الإجابة ستكون بنعم، وذلك في معزل عن النظر في انعكاسات ذلك. وحول وجهة نظره تجاه قرار مؤسسة النقد العربي السعودي بإلغاء فوائد القروض التراكمية، أجاب الشيخ: "هي بادرة حسنة أن تقف المؤسسة في الموقف الوسط بين البنك والمقترض، بشكل يحمي حقوق كل الأطراف". وكان ملتقى عن الشأن العقاري نُظم في الرياض نهاية مارس الماضي قد تناول أزمة الإسكان وأبرز الحلول للسوق العقارية، حيث استضاف عددا من الخبراء الاقتصاديين والعقاريين في جلسة نقاش مفتوحة، حضرها الخبير الاقتصادي راشد الفوزان الذي اقترح ابتعاد الحكومة عن مشروع الإسكان، على أن تتحمل الدولة الفوائد في إقراض البنوك للمواطنين الباحثين عن السكن، مبيناً في طرحه أن يصبح ذلك بمثابة قرض حسن، معتقداً أن ذلك سيوفر على الدولة بشكل كبير حيث ستتحمل الدولة قرابة 5 مليارات في السنة كفوائد للبنوك، بشكل يعفيها مما هي تتحمله الآن من مبالغ رصدتها لحل الأزمة والتي تقدر بـ 250 مليارا من خلال إنشائها للوحدات السكنية التي تشرف عليها وتبنيها وزارة الإسكان. وكان الملتقى قد أكد أن العقار شأن رئيسي شأنه شأن الصحة والتعليم نظراً لما تفرضه الأزمة الحالية، حيث لفت المحاضرون إلى أن وجود السكن يوفر 30% من دخل المواطن ويوفر له الأمن الأسري والحياة الاجتماعية ويقوي انتماءه. وكان راشد الفوزان قد طالب خلال الملتقى ذاته بضرورة أن تبتعد الدولة عن مجال السكن ليتم حل المشكلة، مؤكدا أنه التقى العديد من كبار العقاريين بالسعودية والمطورين ووجد أن مشكلاتهم تراكمية من فترة طويلة حيث تتعلق المسألة بالتمويل في حين المواطن ليس لديه قدرة مالية، في مقابل تزايد سعر العقار.