دعتني زوجة ابني إلى لقاء مع زميلات حفيدتي في المرحلة الابتدائية. رحبت بالفكرة واقترحت أن يكون حديثي مع الصغيرات حوارا حول مقولة العقاد «غناك في نفسك، وقيمتك في عملك، ودوافعك أولى بالتحري من غاياتك». بالرغم من اعتراض المدرسات على الموضوع باعتباره أعلى من مستوى تفكير البنات إلا أنني أصررت عليه إيمانا مني بأن الحوار قادر على إيصال الفكرة. لم يستغرق منا الحوار حول موضوعي : الغنى غنى النفس، وقيمة الإنسان في عمله إلا دقائق معدودة، ثم أتينا إلى الجانب الصعب «دوافعك أولى بالتحري من غاياتك». التفت إلى إحدى الصغيرات.. حبيبتي ماذا تريدين أن تكوني في المستقبل؟ وغردت الصغيرة.. دكتورة، وأنت؟، وأنت؟.. وتسارعت تغريدات الصغيرات في مرح: معلمة، مهندسة ديكور، محامية .. وانتهينا بعد لأي إلى أن هذه الإجابات تمثل غايات الإنسان. وتابعنا الحوار: أنتِ لِم تريدين أن تكوني طبيبة؟، وأنتِ لِم تريدين أن تكوني مهندسة ديكور؟، وأنتِ لِم تريدين أن تكوني محامية؟، وانطلقت الصغيرات يغردن مرة أخرى في مرح وحماس دافق.. كل منهن تشرح لِم تريد أن تكون .. وانتهينا أيضا بعد لأي إلى أن هذه هي الدوافع.. ثم تدرجنا في حوارنا إلى الإجابة على السؤال.. لِم كانت الدوافع أولى بالتحري من الغايات. ما أجدرنا أن يتسم تعليمنا في جميـع مراحله بالحوار لما فيه من متعة، وتعبير عن الذات، وانفتاح على الرأي الآخر، وتثبيت للمعلومة.