منذ 31 عاماً لم يمر المصريون بموجة تضخم كالتي تشهدها مصر حاليا والتي وصلت وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى 32.5 % على أساس سنوي في مارس مقابل %31.7 خلال فبراير الماضي. ودفع الارتفاع غير المسبوق للأسعار الذي تشهده مصر حاليا البعض إلى إطلاق حملات لمقاطعة السلع وأبرز حملات المقاطعة التي أطلقها عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك التابع لوزارة التموين للضغط على التجار من أجل تسعير المنتجات بشكل عادل. وقبل أيام انطلقت حملة مقاطعة الأسماك "خليها تعفن" بعد زيادة أسعارها بصورة كبيرة، وصلت إلى 120%، ومن ضمن الحملات الشعبية التي تم إطلاقها مقاطعة اللحوم الحمراء "بلاها لحمة" بعد تخطيها حاجز الـ120 جنيها كما تم تدشين مبادرة أخرى لمقاطعة الدواجن التي زاد سعرها خلال الفترة الأخيرة متخطية 37 جنيها للدواجن البلدي، و30 جنيها للبيضاء. وشكك الكثيرون في جدوى حملات المقاطعة نظرا لغياب هذه الثقافة لدى المستهلكين في مصر ورغم ذلك تؤكد الشركات المنتجة للسلع المختلفة والتجار أن هناك حالة ركود في الأسواق وتراجع في الطلب على السلع المختلفة لعدة أسباب أهمها عدم تحرك الرواتب حيث يبلغ الحد الأدنى للأجور حاليا 1200 جنيه ( نحو 67 دولار ) في حين أن 17.8٪ من الأسر المصرية يتراوح عدد أفرادها بين6-7 أفراد وأكثر من ثلث عدد الأســــر يـــتراوح عدد الأفراد بها بين 3- 4 أفراد ،و 22.4٪ من الأسر بها 5 أفراد . ورغم التشكيك في جدوى حملات المقاطعة تحاول بعض جمعيات المستهلكين بالتعاون مع النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تشكيل لجنة موحدة لتنظيم حملات المقاطعة لتكون هذه الحملات أكثر فاعلية ويكون لها قوة التفاوض مع المنتجين والتجار. وقال محمود العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء أنه يمكن القول أن حملات المقاطعة التي تم إعلانها الفترة الماضية حققت نجاح نسبى واثبتت أن المستهلك المصري بدأ في تغيير ثقافته واقتنع أنه يمكن تخفيض الأسعار من خلال حملات المقاطعة مشيراً إلى حملة مقاطعة الأسماك خاصة في المدن الساحلية فقد نجحت لحد ما في تخفيض الأسعار بنسب طفيفة . وأشاد العسقلاني بمواقع التواصل الاجتماعي التي خلقت تعاطفا كبيراً مع حملات المقاطعة المختلفة وساهمت في انتشارها ومشاركة اعداد اكبر من المستهلكين فيها. وأكد محمود العسقلاني أنه لكى تحقق حملات مقاطعة السلع النتائج التي نتمناها لابد أن تكون موحدة ولذلك تتجه "جمعية مواطنون ضد الغلاء" إلى تشكيل لجنة لتنظيم حملات المقاطعة بالتعاون مع جمعيات المستهلكين الأخرى بهدف احكام قبضة المستهلكين على هذه الحملات. ويرى العسقلاني أن انضمام جهاز حماية المستهلك لهذه اللجنة سيكون له مردود ايجابي لأنه سيعطى لها قوة وقدرة على التفاوض مع التجار لتخفيض الأسعار موضحا أن الحملات التي تمت الفترة الماضية لم تتمكن من التفاوض مع التجار لانها تمثل مبادرات فردية . وبالنسبة للتجار يقول فتحي الطحاوي نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية أن هناك ظلم للشركات والتجار باتهامهم برفع الاسعار مشيرا إلى أن التاجر يعمل في السوق المصري منذ سنوات دون شكوى ولكن تعويم الجنيه كان سببا رئيسيا في ارتفاع الأسعار خاصة أن الاستيراد يغطى أكثر من 70 % من احتياجات السوق من كافة السلع. وأشار الطحاوي إلى ان حملات المقاطعة لن تنجح في تخفيض الأسعار لأن التاجر لن يخسر رأسماله كما أنه يعانى من حالة الركود التي تجتاح الأسواق. ويرى الدكتور فخري الفقي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن الغلاء وضعف المرتبات وراء ركود الأسواق وتراجع القوى الشرائية وبالتالي حملات المقاطعة لن تكون ذات تأثير كبير مشيراً إلى أن اصحاب الدخول المرتفعة اضطروا إلى ترشيد نفقاتهم.. أما الفقراء فيقاطعون كثير من السلع رغما عنهم. ويتوقع الدكتور الفقي أن تتراجع معدلات التضخم خلال الأشهر القادمة بعد أن وصلنا إلى أعلى معدلاته خلال الأشهر الأولى من العام الحالي بدليل تراجع معدل التضخم على أساس شهري خلال مارس الماضي.