يجمع الأصوليون (علماء أصول الفقه) على ان الفتوى غير ملزمة، فهي لا تلزم إلا من افتى بها أو من قلده، شريطة أن تصدر من مختص بعلوم الشريعة بلغ مرتبة الاجتهاد، وما دون ذلك ممن يفتون لا يلتفت إلى فتاويهم، لأن جلهم نقله لما استقرت عليه المذاهب الأربعة، والخطر كل الخطر أن يتعرض من ليس أهلاً للفتوى أن يفتي في قضايا الأمة الحرجة، مثل القتال في كل بؤرة صراع تنشأ في بلاد المسلمين على أنه جهاد يستحق أن يهاجر إليه من أبنائنا كل صغار السن أولاً ثم من يلحق بهم من متوسطي الأعمار، ممن لم يتحصنوا ضد هذه الافكار المتطرفة، أو يفتي في عادات لا صلة لها بالمعتقد ولا الحكم الشرعي، مثل اعياد الميلاد، او اعياد أخرى كعيد الحب أو الأم أو ما شابه ذلك، مما لا تجد في الشريعة نص يحرمه ولا اجتهاد صحيح يجعله محرماً أو مكروهاً، وتعجب لمن يفتي بحرمته، فأحدهم مثلاً يفتي بحرمة عيد الأم ويقول: إنه من البدع التي استحدثت من أجل ابعاد المسلمين عن سنة نبيهم وهو طبعاً مستحدث ولكنه ليس بدعة في الشرع تمس معتقد المسلم ولا دليل صحيح على تحريمه ثم يقول: لا يجوز الاحتفال به، وكون عدم الاحتفال به يغضب الأمهات لا يغير حكم الله، فحكم جزماً بعدم بعدم جواز الاحتفاء أو الاحتفال به، ولا دليل له شرعي على ما يقول سوى ما استقر في وهمه يتحدث عنه بهذه الصورة كل عام، ويقول: فطاعة الوالدين إنما تجب في المعروف، وهو أمر حقيقي هذا إذا ثبت بدليل شرعي نص أو اجماع على حرمة هذا الاحتفاء ولا سبيل على ذلك، ثم يوهم الناس بأن له دليل على ما يقول فيقول: روى الشيخان من حديث علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، وإنما الطاعة في المعروف وإذا ثبت أن الاحتفاء بيوم الأم واهداء الهدايا ليس محرماً ولم يثبت أنه معصية لله، فهو استدلال باطل، ولا يثبت به تحريم، والقول بأن البر بالأم مأمور به على الدوام، فهذا لا يناقض أن تبر ويحسن إليها في هذا أكثر، خاصة في الزمان الذي يحتاج الناس إلى التذكير بحق الأبوين أكثر، لاهمال الكثيرين لهما فهلا كف هؤلاء عن التبرع بفتاوى هي مجرد رأي وليس لهم دليل تثبت به فتاواهم، هو ما نرجو والله ولي التوفيق. ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043