النسخة: الورقية - دولي حين يصبح الأمل مطلباً للملايين وتصبح مواجهة الشرور أمنية، يتحول المواطن الإيجابي إلى بطل على رغم أنفه، فقط لأنه قام بما يجب على أي واحد في موقعه أن يفعله. والقضية ليست لغزاً، ففي إطار تغيير حكومات متعددة في مصر منذ «25 يناير»، ثم مجيء حكومات منذ «30 يونيو»، توقع ملايين المصريين انقطاع «شرور» الشارع، لكن هذا لم يحدث، ومن هنا جاءت الفرحة الطاغية حين قام سائق تاكسي بما يفترض أن يقوم به أي إنسان يرى جريمة ويندفع للقبض على مرتكبيها أو مجرد تقديم المساعدة قبل أن يهرب الأشرار. وهو ما حدث قبل أيام في منطقة الدقي أمام جامعة القاهرة، إذ أدت شجاعة السائق إلى القبض على واحد من اثنين فجرا نقطة شرطة وطارا بالدراجة... السائق الشجاع أصبح قضية وسائل الإعلام، خصوصاً الفضائيات التي تنافست على استضافته، لكن الاحتفاء به تلفزيونياً حوله إلى بطل خارق، خصوصاً حين لم تكشف هويته، في حين اختار له جمال عنايت مقدم برنامج «مساء جديد» على قناة «التحرير» اسم «كابوريا» وهو يجلس أمامه كشبح مغلف باللون الرمادي في احتياط أمني يعني الحفاظ على حياته من تعقب فرق الموت. في الحوار معه، كشف «كابوريا» عن حالته الاجتماعية، كأب لثلاثة أولاد ينفق عليهم من عمله على التاكسي الذي تهشم في الحادثة حين صدم به الدراجة البخارية التي يستقلها الإرهابيان ليمنعهما من الفرار. تحدث «البطل» عن همه في رعاية أسرته من دون مورد رزقه، وفوراً التقط مقدم البرنامج الخيط وراح يطالب المشاهدين بدعمه لإصلاح سيارته أو شراء أخرى جديدة لتتوالى مكالمات الناس المتأثرة والمتعاطفة والمعبرة عن فهم لهذه المفارقة المحزنة، وهي أن هذا البطل الشعبي فقد مورد رزقه بسبب بطولته وربما كانت أكثر المداخلات تأثراً لامرأة متقاعدة تبرعت له بمعاشها لأنها تتمنى – على حد قولها – أن يعود الشارع آمناً كما كان. القصة لم تنته بنهاية الحلقة «وإنما تداولتها برامج أخرى في اليوم التالي، صباحية وهذا أمر طبيعي، ولكن غير الطبيعي أن تتناولها برامج مسائية وكأنها حدث جديد، وهو ما دعا عنايت إلى لقاء مشاهديه بابتسامة عريضة في المساء التالي وإخبارهم أن القضية في طريقها للحل. والحقيقة أن تكريم أي شخصية تقوم بعمل كهذا لا يحتاج إلى صراع برامجي وإنما إلى تنسيق وتعاون، فليس مهماً من الذي سبق واستضاف هذا المواطن الذي أعاد الاعتبار لكلمات مثل البطولة، وإنما الأهم أن تصل إلى ملايين المشاهدين جرعة إيجابية تزيل مخاوفهم وتقويهم على مواجهة الأحداث، خصوصاً بعدما أكد هذا المواطن لمحاوره أنه لو عاد به الزمن وواجه الموقف ذاته، سيفعل ما فعل... وبلا تردد.