وفاء آل منصور توارت أيام الفرح التي كانت تجمعني بكِ، ما بين رنة هاتف ولحظة لقاء.. عبثاً لرجلٍ كسر قوالب عهودنا ومزق أشرعة صداقتنا المتكئة على أريكة الصدق والولاء.. أتعلمين يا صديقتي أن فراقك جعلني أتكبد خسائر شعورية فادحة ما بين حنين مضنٍ.. وشوق مُبكٍ.. فوخز الفراق مؤلم، والأشد إيلاماً: أني بتُ لا أشعر بكِ كما ذي قبل.. فقد كانت نسائم الشعور المتبادل تزورني عند غفوتي وعند مجالستي لصمت أفكاري.. كنتُ قد أدمنتكِ وأدمنت تهكمك وغموضك.. كنت أرتشف صورتك مع قهوتي الصباحية.. وأبتلع أحاديثك مع شطائري المسائية.. من أنت يا رجل الأمس: لتدخلني متاهة الخذلان.. ومرارة الفقدان.. وتساؤلاتٍ على حافة الاستسلام.. فعذراً أيها المتلبس بجلابيب العنجهية المبجلة.. فصداقتنا لا تقبل المساومة ولا حتى الركون بين رفوف الزمن المنسية.. فنحن خُلقنا أوفياء.. متدثرين بذكرى.. ولحظة صفاء. تذكر: أنت من أبكمتها وأنت من سيطلق عنان كلماتها.. اختطفتها من بين أحضان الصبا.. لتفتك بأنوثتها.. وتُسقط حقوقها.. وتُنقض عهودها.. لتشوه معالم ذكرياتنا الجميلة.. راكلاً ضحكاتنا وغمراتنا المرموقة.. تاركنا نرزح تحت وطأة المشاعر المكلومة.. مرتكباً بذلك جُرماً لا يغتفر.. فكن على يقين يا رجل الأمس.. إن كانت «صديقتي» تحت تأثير رجوليتك الفضة، فستصحو يوماً.. وإن كانت غير ذلك.. فلا داعي لكل ذلك..! «همسة» إلى كل شمعةٍ أطفأتها أنفاس رجل تذكري: «أن أكثر الأوقات ظُلمة تلك التي تسبق طلوع الفجر».