بقلم / محمود دمنهوري لن يختلف معي الكثير لو قلت اننا مجتمع اصبح يعشق الفوضى .. اما لماذا اصبحنا كذلك.. فهذا امر الله وحده يعلم كيف !!فالجرح غائر جدا وعميق ويحتاج الى الف حوار وطني من العيار الثقيل ... ولكني من الممكن ان اتصور احد الأسباب فربما اننا تطرفنا وبشده في تطبيق فقه العبادات واهملنا بشده فقه المعاملات والتسامح والرحمه ... تمسكنا كثيرا بمقولة ( انا ومن بعدي الطوفان ) ومقولة ( نفسي نفسي ) دون اي اكتراث بالآخر كل مانتعلمه في المسجد نبقي عليه في المسجد وننطلق مهرولين كالوحوش ننهش بعضنا بعضا.. وكأن الذي كان في المسجد ترتعد فرائصه من خشية الله شخص اخر تماماً .. وهنا اود ان اقول للقارئ الكريم انني لست من عشاق ( جلد الذات ) او أني احب ان ارمي المجتمع بالفوضى لأني على سبيل المثال عائدا منذ اسبوعين من الخارج احمل شهادة الدكتوراه من جامعة (هارفارد) وانظر للمجتمع بفوقيه وسخف ومقارنه خاطئه .. انني هنا اتحدث عن واقع احياه ويعيشه الجميع وعن فوضى حقيقية مشاهدة بشكل يومي .. ولكن عن اي فوضى اتحدث تحديدا وتحتاج الى وقفة .. اني اتحدث عن الفوضى التي تحدث خارج اسوار المدارس صباح مساء فمن قدّر الله عليه ورزقه بعدد من الابناء والبنات ويقوم بايصالهم الى المدارس صباحا ويعود بهم في قيظ الظهيره يعلم جيدا عن ماذا اتحدث انها ليست جزأً من المعاناه اليوميه انها المعاناة ذاتها انها الفوضى بكامل حذافيرها .. ياساده ياكرام .. ان المشهد هناك حاله لاتوصف ولكن اعتقد انها مزيج من العبث الغير معقول من فوضى السيارت والناس انها تعبير واضح للعنتريات والعنف المليئ بالضغينه في عيون القادمين الى فلذات اكبادهم .. المشهد يصور لك كل يوم ان هذه المدارس ابلغت اولياء الامور بأن مكروها اصاب ابنائهم وبناتهم وعليهم انقاذهم سريعا لاسمح الله .. فهرعوا الناس مهرولين كل منهم يريد انقاذ ذويه بكل الطرق المشروعه وغير المشروعه ضارباً بعرض الحائط كل التعاليم والقيم وابسط مفاهيم التعاون والتسامح !!!! الغريب في الموضوع اننا نعيش الحدث كل يوم والكل يخرج ساخطا على الآخر دون ان نفكر في حل .. دون ان يتفق العقل الجمعي لدينا اننا نسعى لهدف واحد ونريد ان ننجزه سريعا وبشكل آمن لأن لدينا معاناه اخرى في مدرسة اخرى وارتباطات لا طائل لها.. والمسئولين والقائمين على ذلك لم يحركوا ساكناً .. ربما انهم يعتبرونه تدخل في الشأن الداخلي لأفراد المجتمع أو أن ليس لهم علاقه لأن هذا الامر يجري خارج الأسوار .. مع ان منسوبي المدارس هم داخل هذه المنظومه من المعاناة .. .. ولكن ولأن رب ضارة نافعه أو ربما لأننا عشقنا الفوضى فرأت الفوضى ان تمنحنا الحل ومعه هدية مجانيه عباره عن (سبعين الف وظيفه ) تقديرا منها لمجهوداتنا الفوضويه العظيمه وسلوكياتنا الخطيرة منقطعة النظير .. فلو علمنا ان لدينا في مملكتنا الحبيبه مايقارب من خمسه وثلاثين الف مدرسه بنين وبنات وقمنا بتوظيف شخصين فقط في كل مدرسه يقومون على تنظيم الفوضى الغير خلاقه خارج اسوار المدرسه وحماية ابنائنا من مخاطر الطريق اصبح لدينا سبعين الف وظيفه وانهاء للفوضى بالكامل .. وهي من الوظائف التي لاتحتاج الى شهادات عليا وتخدم الفئة التي تحمل المؤهلات المتوسطه ولم تجد فرصة عمل بالإضافه الى فئة المتقاعدين في سن مبكر ولديهم القدره ويرغبون في زيادة دخلهم في مواجهة متطلبات الحياة.. ختاما اقول في ظل ( الموت السريري ) للنقل المدرسي وفي ظل عدم وجود حل لأن تستقيم سلوكياتنا في الشارع .. ومن اجل الحفاظ على اوقاتنا واعصابنا ورغبة في تخفيف الاحتقان بين افراد المجتمع والاهم من كل ذلك من اجل الحفاظ على أمن فلذات اكبادنا لماذا لايتم تبني هذا المشروع الذي ينقذنا من معاناة يوميه لافكاك منها الى الابد.. ويساعد كثيرا في القضاء على البطاله ويساهم في زياده دخل الاسره .. ؟؟!!