×
محافظة المنطقة الشرقية

سجناء بحفر الباطن يضربون زميلهم لادعائه أنه المهدي المنتظر وتطاوله على الذات الإلهية

صورة الخبر

كابل: محمد الشافعي أشرف غني.. سياسي أفغاني معروف في بلاده وخارجها بكونه شخصية عملية وجريئة، حاصل على شهادات جامعية في العلوم السياسية والإنسانية، ولعل هذا ما جعله يتوجه للتركيز على الجانب الإنساني الاجتماعي في بلاده لدخول غمار العمل السياسي من أوسع أبوابه. كانت شهادته الأولى من الجامعة الأميركية في بيروت، حيث تعرف على زوجته اللبنانية السيدة رولا، التي تظهر لمساتها الفنية الراقية في السجاد الفاخر الموزع بعناية داخل غرفة الاستقبال في منزله بالقرب من قصر «دار الأمان». له من السيدة رولا، طارق ومريم، وكلاهما يعد أطروحة للدكتوراه في الولايات المتحدة. والمنزل الذي يعيش فيه، رغم اللمسات الفنية في كل ركن ولوحات الأبيات الشعرية المكتوبة بالخط الفارسي، التي تزين الجدران، فإن جدرانا ترتفع عدة أمتار تحميه وعدد كبير من الحراس خلف هذه الجدران، التي توحي بوجود قاعدة عسكرية صغيرة في الداخل. وفي قاعة الجلوس هناك مكتبة تتضمن عدة كتب عن الهندسة المعمارية وسجاد ولوحات تحاكي الحياة اليومية الأفغانية وتفاسير للقرآن الكريم. تعرض مقر اللجنة الانتخابية القريب من منزله إلى اعتداءات نفذها مسلحون من طالبان قبل أيام قلائل من استحقاق الانتخابات الرئاسية لاختيار ثاني رئيس لأفغانستان بعد سقوط حركة طالبان نهاية عام 2001. كانت الاتصالات الهاتفية لا تتوقف بين «الشرق الأوسط» وأجمل غني، رجل الأعمال المقيم في أميركا، وابن عم المرشح الرئاسي ومدير حملته الانتخابية، حتى بعد وصولي إلى مطار كابل، وكان الرجل مصرا على إجراء الحديث مع أول صحيفة عربية قبل ساعات من المعترك الانتخابي يوم أمس. أكثر ما ركز عليه أشرف غني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» هو مستقبل البلاد التي تعيش في حروب منذ أكثر من 30 عاما، وكيفية تحقيق الأمن والاستقرار بعد رحيل القوات الأجنبية نهاية العام الحالي. تحدث أيضا عن السعودية وقدرتها على إحلال الأمن والأمان في بلاده، مشيرا إلى أن السعودية هي قلب العالم الإسلامي. قال غني إنه بدأ حملته الانتخابية بالذهاب لأداء العمرة، وهناك ناجى الله تعالى وتوسل إليه بأن يعود الأمن والأمان إلى ربوع أفغانستان، وأكد أنه سيعود لأداء العمرة بعد انتهاء الانتخابات وإعلان اسم الفائز. وأشرف غني أحمد زاي، هو المستشار السابق لجامعة كابل، وهو أيضا رئيس «معهد فاعلية الدولة»، الذي أنشئ عام 2005 بهدف تحسين قدرة الدول على خدمة مواطنيها. قبل عودته إلى أفغانستان عام 2002، عمل غني، وهو خبير بارز في العلوم السياسية والإنسانية، في البنك الدولي في المساعدة الإنمائية الدولية، ثم شغل منصب وزير المالية في أفغانستان بين يوليو (تموز) 2002 وديسمبر (كانون الأول) 2004، ومن خلال عمله تمكن من قيادة محاولة الانتعاش الاقتصادي في بلاده بعد سقوط طالبان، وهو حاليا أحد أعضاء لجنة عدم تهميش الفقراء، أو التمكين القانوني للفقراء، ويمكن أن يكون هذا العمل هو سبب تركيزه على الفقراء والمهمشين الأفغان في عمله السياسي. يطمح غني، المرشح للانتخابات الرئاسية الأفغانية إلى أفغانستان مستقرة تعطي صوتا للنساء والشباب والمحرومين، ويرى أن البلاد لا تواجه مخاطر الفشل رغم الحرب واعتمادها على المساعدة الأجنبية. ويعد ترشيحه مختلفا عن ترشحات بقية المتنافسين لخلافة حميد كرزاي، الذي لا يمكنه أن يطمح لولاية ثالثة بحسب الدستور، لأنه ليس زعيم حزب سابقا ولا ينتمي إلى النخبة السياسية. فقد كان أستاذا محاضرا في جامعة كولومبيا العريقة في نيويورك وخبيرا اقتصاديا مشهورا عمل في البنك الدولي قبل أن يصبح وزيرا للمالية في البلاد بين 2002 و2004. اشتهر بكونه براغماتيا لا يتردد في دعوة حركة طالبان، التي تحاول العودة إلى السلطة بقوة السلاح، إلى المشاركة في الاقتراع، وقد صرح في دعوته لهم بالقول: «إن الكرة في ملعبهم: هل هم مستعدون للانتقال من العنف إلى صناديق الاقتراع؟ وإذا رغبوا في المشاركة في العملية السياسية فإن الباب مفتوح أمامهم». وجاء الحوار معه على النحو التالي: * ما أولوياتكم في حال انتخابكم رئيسا لأفغانستان؟ - سيكون الوضع الأمني على رأس قائمة أولوياتي، إذ سأشرع منذ اليوم الأول في إنشاء مكتب القائد الأعلى، الذي سيقدم تقريرا كل ثماني ساعات حول الوضع الأمني في البلاد. ثم يأتي الاقتصاد، إذ سأعمل على تشكيل المجلس الاقتصادي الوطني الذي سيعمل تحت إشرافي ويضطلع بالتعامل مع متطلبات قطاع التجارة والبطالة بين الشباب. والأولوية الثالثة ستكون رأس المال البشري والتعليم لأن الشباب يشكلون النسبة الأكبر من عدد السكان، وستكون جودة التعليم الأداة الرئيسة للنهوض بالبلاد. والأولوية الرابعة ستكون الإدارة الجيدة التي أعتبرها إحدى الركائز الأساسية، والخامسة هي سيادة القانون، لأن هذا الأمر هو الذي يجمعنا سويا. * ما شعاركم الانتخابي؟ - التحول والاستمرار. نحن بحاجة إلى إجراء عملية تغيير جذري، لكن هذا التغيير بحاجة إلى استمرار تمسكنا بقيمنا ودستورنا. لقد دفعت منطقة الشرق الأوسط ثمن غياب التحول، والتغيير المرتبك. نحن نريد تغييرا منظما ثم نجعل منه دائما ومستديما. * من الذي تسعى إلى تمثيله في هذه الانتخابات؟ وهل تعتبر نفسك ممثلا لصوت المرأة والشباب، أم صوت من لا صوت له؟ - أنا أمثل صوت الاعتدال، صوت الإجماع العام، الذي يجمع تحت ظلاله النساء والشباب والفقراء والمعوزين، وكذلك رجال الدين والفنانين ورجال الأعمال، الذين تجمعهم أجندة وحدة وطنية شاملة وديمقراطية وقابلة للتطبيق. * كتبتم مقالا نشر في صحيفة «نيويورك تايمز» ركز على الإصلاح. كيف تريدون جمع شتات دولة ممزقة على المدى القصير؟ - على المدى القصير، ينبغي أن تحظى بثقة الشعب، فلن تتمكن من جمع شتات دولة دون الاعتماد على الشعب، لذا ينبغي عليك البناء من القاعدة إلى القمة ومن القمة إلى القاعدة، كي تقيم علاقة عضوية تتمكن من توحيد البلاد. * عالجتم في هذا المقال مشكلة الأفيون، وقلتم إن حجم تجارة الأفيون في أفغانستان تصل إلى 2.8 مليار دولار وأن قيمة فدان واحد من الأفيون يساوي قيمة عشرة أفدنة من القمح. فكيف يمكن لأفغانستان حل هذه المشكلة؟ - جزء من المشكلة قد يحل عبر الاستثمار مع منطقة الشرق الأوسط.. كنا نأمل في إنشاء صناعات تعليب غذائي نصدرها إلى الخليج، وهذا أمر بالغ الأهمية. سنسعى للحصول على استثمارات رئيسة من دول الخليج في مجال الزارعة تمكننا من تنفيذ عملية التحول. العنصر الثاني هو العالم الغربي، الذي سنسعى للحصول منه على بعض الامتيازات لصادراتنا. ينبغي أن نقيم اقتصادا ديناميكيا قائما على التصدير. وكما قلت لن يستطيع القمح المنافسة مع الأفيون لكن المنسوجات والأغذية المصنعة ستكون قادرة على المنافسة. ولذا فإن ما نحتاجه هو سوق إقليمية تفتح لنا أبوابها في الخليج ثم أوروبا وأميركا الشمالية. * هل تعتقدون أن المملكة العربية السعودية تستطيع لعب دور أكبر في التوصل إلى تسوية سلمية بين طالبان والحكومة في أفغانستان؟ - بكل تأكيد، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يمثل سلطة إسلامية كبرى، ناهيك بأنه يحظى باحترام كبير من كل الأطراف، ويمكنه جمع كلا الفريقين سويا. فهو حارس الاستقرار في المنطقة، وينبذ التطرف، ويمثل الإسلام المعتدل الذي علمنا إياه النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) وخلفاؤه الراشدون. فهو يتحدث من منطلق سلطة روحية. ومن ثم ستشكل الوساطة السعودية والخليجية عنصرا بالغ الأهمية في توحيدنا سويا حتى نتمكن من إنهاء هذا الصراع، الذي لا يصب في مصلحة أي من الأطراف. * قلتم إن حملتكم الانتخابية بدأت بأداء العمرة وفي حال فوزكم ستؤدون العمرة مجددا. - نعم ذهبت إلى أطهر بقاع الأرض وكنت في حاجة ماسة إليها. زرت بيت الله الحرام والمدينة وكانت زيارة رائعة. هناك أمام الكعبة المشرفة أحسست بنفسي عاجزا عن الكلام، فابتهلت إلى الله تعالى أن يعم الأمن والأمان على أفغانستان بعد كل هذا العنف غير المبرر. كانت بالنسبة لي العمرة الثالثة في حياتي، وسأنهي الحملة الانتخابية أيضا بالذهاب إلى مكة والمدينة، بعد إعلان اسم الرئيس المقبل. * هل تتوقعون تزوير هذه الانتخابات مثلما قيل إنه حدث في انتخابات عامي 2004 و2009؟ - أعتقد أن كل شيء وارد، لكن لن يكون بصورة كبيرة كما حدث من قبل، وذلك بسبب توقع مشاركة هائلة من الأفغان في الانتخابات. المواطنون العاديون جادون في الإدلاء بأصواتهم، وهناك من ذهب في الثانية صباحا ليدلي بصوته، وأبواب المراكز الانتخابية ستبقى مفتوحة حتى السابعة مساء. * كيف ترون الإرث الذي يتركه الرئيس حميد كرزاي منذ تسلمه السلطة عام 2001 حتى خروجه من القصر الرئاسي في غضون أسابيع؟ - ربما من الأفضل أن نترك الحكم للتاريخ والزمن، لكن يجب أن نقول الحق إن كرزاي هو أول رجل سيترك الحكم منذ خمسة آلاف عام في تاريخ أفغانستان طواعية، بموجب الدستور الأفغاني الجديد، وهذا في حد ذاته يضعه في مكانه مميزة في سجل التاريخ. أنا شخصيا أعتقد أن زعماءنا يجب أن يكفل لهم كل الاحترام والتقدير، حتى لو تركوا سدنة الرئاسة، وسأطلب بتخصيص مكتب خاص في القصر الجمهوري للرئيس كرزاي، حتى يكون لرأيه أهمية في مسائل الأمن القومي والإقليمي من واقع خبرته. كما يجب أن نوفر له حياة كريمة ومشرفة. * أيهما أفضل بالنسبة لأفغانستان: نظام سياسي برلماني أم رئاسي؟ - نحن غير مؤهلين للنظام البرلماني كما هو معمول في وستمنستر ببريطانيا، لأنه ليست لدينا أحزاب قوية، وإذا صار عندنا حزبان أو أربعة أحزاب قوية يمكن التحول إلى النظام البرلماني. لدينا عشرات الأحزاب الصغيرة المهمشة غير الفاعلة، ومع أحزاب قوية يمكن أن يكون هناك حياة ديمقراطية سليمة، والبديل سيكون حكومات ائتلافية لا تحقق شيئا على أرض الواقع. * كيف ترون مستقبل أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية نهاية العام الحالي؟ - أرفض السيناريوهات المتشائمة التي تتوقع أن تغرق أفغانستان في حرب أهلية بعد رحيل قوات حلف شمال الأطلسي أواخر عام 2014. نعم لدينا مشكلة أمنية، لكن الأمن مستتب في نحو 80 في المائة من مناطق البلاد، مما يشكل قاعدة متينة لاستقرار أفغانستان. لا أزال مقتنعا بأن البلاد لا تواجه مخاطر الفشل، والصحافة الدولية هي التي ترسم صورة قاتمة عن أفغانستان. أنا فخور بقوات بلادي الأمنية وكنت مسؤولا عن الأمن في الحكومة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات. لقد بدأوا منذ البداية في التدريب وحققوا إنجازات. القوات الأمنية مثلها مثل فريقنا الوطني للكريكيت وفريق كرة القدم، كلهم يتطورون بسرعة. آمل أن أكون قائدهم الأعلى. * كم عدد القوات الأمنية في أفغانستان؟ - العدد الإجمالي نحو 354 ألف جندي وضابط، بينهم 192 ألف يعملون في القوات المسلحة. * اخترتم زعيم الحرب السابق الأوزبكي عبد الرشيد دوستم لمنصب نائب الرئيس على بطاقتكم. ألا يؤثر ذلك على حظوظكم في بعض المناطق الأفغانية؟ - كان هناك بعض ردود الأفعال، لكننا استطعنا احتواء المشكلات. دوستم شخصية شعبية كما أنه شخصية مثيرة للجدل. والناس يعرفون أن هذا الاختيار جاء من أجل الوحدة الوطنية ومن أجل السلام. يجب أن يكون لديك أناس يثقون فيك. * هل لديكم رسالة إلى العالم العربي؟ - المنطقة العربية هي القلب، والأفغان ييممون خمس مرات يوميا باتجاه الكعبة المشرفة عند صلواتهم. ثم إن بين الأفغان والعرب تاريخا إسلاميا مشتركا، منذ عهد الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم. هناك أيضا تاريخ ثقافي مشترك من عهد العلماء مثل ابن سينا والغزالي ومولانا جلال الدين رومي بلخي، واليوم نحن نستقدم علماء من الأزهر لتدريس أبنائنا المنهج الوسطي. لدينا علاقات جيدة مع المجامع الإسلامية في السعودية وباقي المنطقة العربية. * هل ما زلتم على حالة من العداء مع العرب بعد اتهام أسامة بن لادن وأيمن الظواهري بالفوضى التي أحدثوها في بلادكم بعد هجمات سبتمبر (أيلول)؟ - شريحة صغيرة من العرب لا يمكن أن تغير تاريخ 1400 عام من العلاقات بين العرب والأفغان. أنا شخصيا علاقاتي بالعرب أساسية ولا جدال في ذلك، فزوجتي لبنانية، وعشت سنوات من عمري في لبنان أثناء سنوات دراستي الجامعية. ثم إن 99 في المائة من الأفغان مسلمون، أفئدتهم تتجه إلى الكعبة خمس مرات يوميا. * ما رسالتكم للأفغان مع بدء التصويت؟ - أقول لهم إنها فرصة تاريخية، اختاروا الرئيس المناسب ولا تضيعوا الفرصة، وذلك من أجل مستقبل أطفالكم.