بيروت: نذير رضا واصلت القوات النظامية السورية، أمس، تصعيدها العسكري ضد أحياء حمص المحاصرة، استكمالا لحملة عسكرية أطلقتها الثلاثاء الماضي لاستعادة السيطرة على مدينة حمص القديمة. وفي حين أعربت الأمم المتحدة عن قلقها على المدنيين المحاصرين، بررت السلطات السورية حملتها العسكرية، قائلة، على لسان مندوبها لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، إن المحاصرين «يبلغ عددهم 170 شخصا، وهم رفضوا الخروج من المدينة بضغط من نحو 2000 مقاتل معارض في المدينة». وبموازاة ذلك، قتل تسعة أشخاص في انفجار سيارة مفخخة أمام مسجد بلال في المدينة. وقال مصدر أمني سوري، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «القوات النظامية تتقدم في الأحياء المحاصرة لمدينة حمص، وتضيق الخناق على مقاتلي المعارضة الذين يسيطرون عليها»، مشيرا إلى تقدّم حيث «تستعيد القوات الحكومية في كل يوم كتلا من الأبنية وتضيق الحصار على المقاتلين المعارضين بالتدرج». وذكر التلفزيون الرسمي السوري أن «وحدات من الجيش حققت نجاحات مهمة في حمص القديمة»، مشيرا إلى أنها «تتقدم باتجاه أحياء جورة الشياح والحميدية وباب هود ووادي السايح» المحيطة بحمص القديمة. وبدأت القوات النظامية الثلاثاء حملة عسكرية واسعة على هذه الأحياء التي تعد آخر معاقل المعارضين في ثالثة كبرى مدن سوريا، والتي ما زال فيها نحو 1800 شخص بينهم 1200 مقاتل. وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن «ثمة تقدما للقوات النظامية في حيي باب هود ووادي السايح، وسيطرة على مبان وكتل بنائية»، مشيرا إلى أن «هذا التقدم لا يغير أي شيء في موازين القوى حتى اللحظة». وأوضح أن «القوات النظامية لم تتمكن من السيطرة على شوارع بكاملها، وتواصل القصف والأعمال العسكرية». وأفاد المرصد بتعرض الأحياء المحاصرة لقصف بالطيران المروحي، تزامنا مع تواصل الاشتباكات «بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة، ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة والكتائب المقاتلة من جهة أخرى». من جهة ثانية، أفادت شبكة «شام» بأن قصفا براجمات الصواريخ والأسطوانات المتفجرة والدبابات استهدف حي الوعر بالتزامن مع اشتباكات في منطقة الجزيرة السابعة بالحي. كما بث ناشطون صورا لمسلحي المعارضة وهم يقيمون سواتر ترابية لصد اجتياح مرتقب من قوات النظام. وتعد حمص القديمة وحيا باب هود ووادي السائح، من أبرز الأحياء المحاصرة، وتقع هذه المناطق التي لا تتعدى مساحتها أربعة كيلومترات مربعة تحت حصار خانق مفروض من القوات النظامية منذ نحو عامين، اشتد الصيف الماضي بعد سيطرة القوات الحكومية على حي الخالدية. وقال عبد الرحمن إن «المعارك تدور على شكل حرب شوارع»، مشيرا إلى وجود «مئات المقاتلين الذين يعرفون المنطقة جيدا، وهم رفضوا الخروج في إطار التسوية ويريدون القتال حتى النهاية»، في إشارة إلى إجلاء نحو 1400 مدني من الأحياء المحاصرة في إطار اتفاق أشرفت عليه الأمم المتحدة، في فبراير (شباط) الماضي، عُرف بالقرار 2139 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بعد مباحثات (جنيف 2)، والذي يدعو إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية في سوريا. ولا يزال نحو 120 مدنيا و60 ناشطا يوجدون داخلها. وبينما طالب أعضاء مجلس الأمن الدولي «بالتطبيق الفوري للقرار 2139» الصادر في 22 فبراير، قال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن 170 مدنيا موجودين في حمص «رفضوا طلب الحكومة مغادرة المدينة، إما لأنهم أقارب لهؤلاء الإرهابيين، وإما بسبب ممارسة ضغوط عليهم من الإرهابيين». وأوضح أنه يوجد حاليا في حمص القديمة إضافة إلى المدنيين الـ170، نحو ألفي مقاتل معارض «هم من الأجانب». وتحركت المعارضة، أمس، على خط «نصرة المحاصرين في حمص»، إذ تحدث معارضون عن إنشاء غرفة عمليات تحت إشراف العقيد المنشق محمود أيوب لمساعدة المحاصرين عسكريا ورد الهجوم عنهم. غير أن مصادر المجلس الأعلى للقيادة العسكرية بالجيش الحر نفت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» الشروع في هذه الخطة، أو تمويلها حتى اللحظة، مؤكدة أن المبادرة «بقيت في إطار اقتراح تقدم به أعضاء في المجلس العسكري، لكن هيئة الأركان لم توافق عليه بعد». وفي موازاة التصعيد العسكري، أكد ناشطون سوريون في حمص مقتل 9 أشخاص، وإصابة 36 آخرين في انفجار سيارة مفخخة أمام مسجد بلال الحبشي في مساكن ضاحية الوليد الواقعة تحت سيطرة النظام، وقد نقل المصابون إلى مستشفى بيسان. وأشار هؤلاء إلى أن معظم المصابين هم طلاب في جامعة البعث بحمص. في غضون ذلك، قالت مصادر المعارضة في حلب إن قواتها جددت الهجوم على المناطق المحيطة بمبنى المخابرات الجوية، فيما قتل أربعة مدنيين وجرح 11 آخرون في حي بستان القصر، الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة في مدينة حلب، نتيجة استهداف الحي ببرميل متفجر من قبل مروحية تابعة للجيش السوري النظامي. ووثّق ناشطون معارضون مقتل ثمانية مدنيين في حي شارع النيل، الواقع تحت سيطرة جيش النظام بعد استهداف الحي بقذيفة هاون مجهولة المصدر. فيما ارتفعت أعداد القتلى، نتيجة استهداف الأحياء الخاضعة تحت سيطرة النظام بالقذائف الصاروخية، إلى 25 بينهم سبعة من النساء والأطفال.