شكلت الضربة الأمريكية على مطار الشعيرات في حمص، والذي بدا وكأنه سباق مع جملة معطيات، بدأت تفرض نفسها في هذا الموضوع، محطة مفصلية لسير العمليات السياسية، والعسكرية في سوريا، - خصوصا - وقد مثّل القرار الشجاع للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» رداً على جرائم النظام السوري البغيض تجاه شعبه ، في ظل تقاعس المجتمع الدولي؛ ولانتزاع النقطة الحيوية الإستراتيجية من جيش النظام ؛ ولتحمل رسالة سياسية للخارج، والداخل الأمريكي، بأن العهد الجديد في أمريكا سيعيدها إلى مكانها المتصدر في العالم، من خلال إعادة توازن القوى العالمية. صحيح، أن الأبعاد السياسية للضربة الأمريكية أهم بكثير من أبعادها العسكرية، إلا أن الضربة ستبقى ضربة محدودة ؛ هدفها ذا طبيعة إستراتيجية . وما لم تتخذ إجراءات لتطويرها، فإنها سترخي بظلالها على المستويين - الإقليمي والدولي - ، - لا سيما - وأنها كما يزعم الطرف الآخر، تأتي في ذروة العمليات العسكرية ضد الإرهاب، وتأتي - أيضا - بالتزامن مع محاولات تثبيت الهدنة في سوريا، وإطلاق المفاوضات السياسية. فالمسألة - في نهاية المطاف - ترتبط مباشرة بمصالح حيويّة فائقة الأهمية للدول الإقليمية الأساسية، وللدول العظمى - أيضاً -. في المقابل، لا تخفي إسرائيل خشيتها من امتلاك سوريا لأسلحة كيماوية، لا تضمن أن يستخدمها النظام، أو المعارضة حال استيلائها عليها ضدها؛ ولذا لا يمكن إبعاد التأثير الإسرائيلي، ومصالحه في حصول الضربة، بعد أن جاء استهداف نقطة عسكرية إستراتيجية في سوريا نقطة مهمة لحسابات عسكرية، وميدانية في المستقبل. البعد الجيو - سياسي يقتضي وقف جرائم النظام، واستخدامه للأسلحة المحرمة دولياً، وانتهاكاته المستمرة للقوانين الدولية، بما فيها استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين العزل، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم للعدالة الدولية، وإيجاد حل للأزمة يستجيب لإرادة الشعب السوري، وتشكيل حكومة انتقالية تضمن الحفاظ على وحدة سوريا، ومؤسساتها؛ من أجل إنهاء الفوضى، والقتل، والدمار في منطقة الشرق الأوسط، وإعادة الاستقرار، والأمن إلى المنطقة، وإنهاء معاناة شعوبها.