×
محافظة المدينة المنورة

“صحة المدينة” تنظم فعاليات الملتقى الدولي الأول للإعلام والعلاقات العامة والتوعية الصحية‎

صورة الخبر

من يفقد عزيزا عليه يحاول أن يتأقلم مع الموت والفقد، ولكن ماذا لو زاد هذا التأقلم والانسجام مع الموت، وعاش الميت بجانبك سنين طويلة! في منطقة نائية أعالي جزيرة سولارسي الإندونيسية تدعى "ناتا توراجا"، يعيش هناك أناس يعتبرون التواصل مع الأموات أهم من التعايش مع الأحياء، فيجعلون من الميت جزءا من حياتهم اليومية، ولا ينتهي وجوده بينهم بوفاته أو توقف نفسه، كما يعتقدون! احتفاؤهم بالميت وتكريمه أكثر من الاحتفال بأفراحهم من زفاف وولادة، والعلاقة بينهم وبين المتوفى لا تنتهي، بل تتحول وتأخذ صورة أخرى، ويعبرون عن هذه العلاقة بسخائهم في الحب، والاهتمام بالباقي من ميتهم لديهم وهو جسده! عند وفاة الشخص يتم وضعه في غرفة تسمى "تونجكونان"، يحضر القديس إليه ويستلقي فوقه ويتنفس في فمه، لإعادة الحياة إليه كما يعتقدون! ويسمى الميت في هذه المرحلة بالنائم أو "المريض"، إلى أن تقام له مراسم التشييع التي تليق بمكانته، ويتطلب ذلك أموالا طائلة، لذا قد يبقى الميت في تابوت حجري لسنين عديدة، يُخرج كل فترة ويُلبس ويُزين ثم يعاد إلى تابوته، لحين توفر المال لذبح الجواميس أو الخنازير التي ستحمل روحه، تقول عالمة الأنثروبولوجيا "كيلي سوازي" التي تزوجت رجلا من هذه القرية، إن زوجي لديه ذكريات جميلة جدا في التحدث واللعب والوجود حول جثة جده المتوفى لسنين عديدة! وفي مراسم التشييع يخرج الميت من تابوته للمرة الأخيرة ويُلبس ويُزين ثم ينقل إلى مثواه الأخير، الذي هو مكان ولادته وليس المكان الذي عاش فيه. والمدهش أن الميت يذهب مشيا على الأقدام في منظر يصعب تصديقه! ويتم ذلك طبعا بمساندة من حوله، فيُعتَقد أنه يمشي بنفسه! وبذلك تكتمل دورة الحياة وتستريح روحه هناك، ويضمنون عدم عودته للحياة مرة أخرى. في هذه الحالة فقط يطلق عليه لقب "متوفى"! ويفد إليهم في كل عام آلاف السواح لمشاهدة هذه الطقوس الغريبة، ورؤية الأموات يمشون، ولكن بشرط عدم ارتدائهم اللونين الأحمر والأسود! ولا تقف الغرابة عند هذا الحد، فهم لا يدفنون موتاهم في الأرض، بل يضعونهم في توابيت خشبية مثبتة في أطراف الجبال والمنحدرات، وتحفر في الجبل أو المنحدر شبابيك يوضع فيها مجسم خشبي صغير يشبه المتوفى، ومع مرور الوقت يبلى الخشب وتتناثر بقايا المتوفين، وهذا لا يغضبهم، بل يعتبرونه بشرى خير!