جسدت الأعمال الفنية أحوال النشالين بشكل كوميدي، بدءً من نطقهم الشهادتين أو قراءة الفاتحة قبل تنفيذ أي عملية سطو، كذلك ظهروا يتحدثون عن الأمر وكأنه طبيعي في قالب ساخر مثل ما قاله «سلطان»، هاني رمزي، في فيلم «غبي منه فيه»: «لو عندك عيل في سني كده وعلى وش جواز تسيبه من غير سرقة سرقتين يسند بيهم نفسه». التعامل بتلقائية مع السرقة من جانب النشالين كان هو الأمر السائد في خمسينيات القرن الماضي، حسب ما كشفته صحيفة «المدى» العراقية نقلًا عن أحد أعداد مجلة «المصور» سنة 1954. افتتحت «المصور» تقريرها برواية آخر وقائع السرقة التي وقعت في المحروسة، وقالت: «منذ أسابيع وضع أحد النشالين يده في جيب مسافر في قطار بين دمنهور وإيتاي البارود فنشل كيس نقوده، وكان فيه 4000 جنيه وهو رقمًا قياسيًا من حيث ضخامة المبلغ». واتبعت تلك الواقعة بسرد أحوال النشالين في تلك الفترة، موضحةً أن عددهم داخل محافظة القاهرة يتراوح ما بين 4000 : 5000 من الذكور، وألف فقط من النساء، وبتزايد تعدادهم أسسوا ما يُعرف بـ«الاتحاد العام للنشالين» لكن دون وجود مقر لهم، وهو ما أثار استغراب أجهزة البوليس وقتها لعلمهم بالأمر من خلال المراسلات فقط. وحاول الاتحاد توطيد العلاقات مع السلطات الرسمية، وهو ما عكسه التهنئة التي بعثوها إلى محافظ القاهرة الجديد الذي حلف اليمين، وهو الأمر الذي أخذ مساحات واسعة على أوراق الصحف وقتها. ازدياد وقائع النشل دفعت السلطات لتأسيس مكتب خلص لمكافحته برئاسة الصاغ جمال الدين رشدي، وهو من حصر معدل الحوادث التي قدرها بـ10 إلى 15 واقعة في اليوم الواحد، مشيرًا أن متوسط دخل النشال في الشهر يصل إلى 2500 جنيه، أي 30 ألف جنيه في السنة. كذلك أعلن «جمال الدين» وقتها أن أغلب حوادث السرقة تقع في الأماكن المزدحمة مثل الترام والاتوبيس، ملقيًا اللوم على الجمهور الذي يتعرض لتلك الوقائع لعدم اتخاذهم الحيطة والحذر. كما تعددت طرق النشل التي يستعملونها ما بين الاحتكاك مع الضحية داخل الترام والاوتوبيس، وتظاهر السيدات بالإغماء حتى يكونوا في أحضان المستهدفين وبالتالي سرقتهم، ووصولًا إلى استخدام المشرط من جانب المحترفين فقط، وقالت المجلة عن الشكل الأخير: «لا يمارس هذه العملية إلا الراسخون في العلم». النشالون متراحمون فيما بينهم، فعندما يتعرض أحدهم لضائقة مالية يساعده آخر بما جناه من جيوب الضحايا، كذلك منهم المتقاعدون عن العمل بسبب سنهم، وهم من يجدون العون من الشباب الذين يراعونهم. ومن التراحم إلى الكرم السائد داخل مجتمع النشالين، وهو ما يتضح عندما يصل أحدهم ضيفًا في محافظة أخرى، قبلها ينزل النشال المضيف إلى الشارع لسرقة محفظة نقود يقدمها كهدية لنزيله، كما أن لكل فرد منهم منطقة نفوذ لا يسمع لأقرانه من الاقتراب منها، لكن بالإمكان في حالة الاتفاق أن يزيد العدد إلى 2 وأكثر. وبالرغم من تعدد فضائلهم توجد بعض التصرفات الغريبة، مثل استئثار مساعد النشال بمحفظة النقود والهرب بها، أو خلاف بين شريكين عند اقتسام الغنائم، ليكون داخل ذلك المجتمع أناس كالقضاة أحكامهم نافذة دون رجعة لإقامة العدل بين المتنازعين. ويُعتبر محمد شلبي هو «عمدة النشالين» لتورطه في 52 واقعة سرقة، مع ترشيح العدد للزيادة خارج إطار الأوراق الرسمية، وبالفعل حصل على عدة أحكام وصل مجموع سنوات حبسه فيها إلى 30 عامًا. أما مصير الأموال التي يحصلون عليها لا يخرج مآلها عن دائرة لعب القمار ومصروفات المشروبات داخل الحانات، بجانب الليالي الساخنة مع فتيات الليل. ومع اكتسابهم طابع شبه رسمي عملت السلطات على تحجيم نشاطهم، وبدأت بوضع قائمة سوداء تحصر أسماء النشالين مدعومة بصورهم، وما أن تتوجه الضحية إلى مراكز البوليس يتابع تلك السجلات للتعرف على الجاني. وللقضاء على الظاهرة بشكل نهائي كشفت «المصور» أن حكمدار سابق في البوليس فكر في رسم وشم بعلامة «×» على جبهة كل نشال، لكن الاقتراح قوبل بالرفض لأنه يهدد حياة الفرد منهم على المستوى الإنساني، مع الوضع في الاعتبار رغبة بعضهم في التوبة.