تحوّل عوز بعض فئات العمالة الهامشية والوافدين من ذوي المداخيل المحدودة جداً إلى مصدر رزق لفئات أخرى تستغل العسر المالي لهؤلاء، لتقديم بعض السلع الغذائية بأسعار زهيدة، لكنها غالباً ما تكون غير صالحة للاستهلاك. جليب الشيوخ... خيطان والحساوي نماذج صارخة لتلك الظاهرة، التي تقوم على جمع بقايا أسواق الجمعيات التعاونية وأسواق الفاكهة والخضار، بالإضافة إلى توالف الجمعيات والمحال التجارية لعرضها، مجدداً في أسواق عشوائية، غالباً ما تكون بعيدة عن الجهات الرقابية. تباع السلع الغذائية والفواكه والخضراوات التي تصنفها الجمعيات التعاونية "توالف" يجب إعدامها بربع سعرها في الحساوي والعباسية وخيطان، ما يشكل تهديدا كبيرا على صحة الإنسان ويتسبب في انتشار الأمراض. وفي حين تسعى التعاونيات للتخلص من السلع والمنتجات التالفة أو التي اقتربت صلاحيتها من الانتهاء، تتحول هذه "التوالف" إلى مصدر للربح لدى مروجي تلك السلع في المناطق التي تضعف بها أنشطة الأجهزة الرقابية، ويقبل عليها بشغف أصحاب الدخول المنخفضة دون إدراك حقيقي لخطورتها على صحة الإنسان. سلع فاسدة "الجريدة" استطلعت هذه الظاهرة على أرض الواقع وجالت على بعض الاسواق العشوائية التي تشهد اقبالا على شراء معروضاتها، رغم ادراك الكثير من رواد السوق أن تلك السلع منتهية الصلاحية، أو على وشك الانتهاء او ربما تكون فسدت بسبب سوء التخزين، ولا تصلح للاستهلاك الآدمي. عثمان عبيد (وافد مصري) يسكن بمنطقة الحساوي يشير الى ان الاسواق العشوائية تمتلئ بتوالف الجمعيات التعاونية من سلع غذائية معلبة وخضراوات وفواكه، بمختلف أنواعها، حتى إن أصحاب البقالات يقبلون على شراء تلك المنتجات من تجارها ويبيعونها للمستهلكين ما يدر عليهم مكاسب كبيرة. بدوره، يرى أبو طلال (سوري الجنسية)، أنه بجانب فساد السلع وعدم صلاحيتها، فإنها تباع في أماكن ملوثة ولا تنطبق عليها الشروط الصحية، مضيفاً ان الكثير من الناس يدرك خطر ذلك لكنهم يقبلون على الشراء، خصوصا اصحاب الدخول المحدودة. ويرى عبدالله العجمي (رئيس قسم بوزارة التربية)، أن ظاهرة الباعة المتجولين وما يبيعونه من سلع ومنتجات رديئة تشوه صورة الكويت كما انها تشكل سببا رئيسيا لتفشي الأمراض، مبيناً أن"الأمر ليس مقتصراً على خيطان والجليب فقط، فأنا اعيش في منطقة الفحيحيل ويوجد بها من يبيعون توالف المواد الغذائية، إضافة إلى الأسماك التالفة، كما يوجد بينهم من يبيعون السلع التموينية الخاصة بالكويتيين وأمام أعين الجميع". غياب الرادع وأعرب عن استغرابه الموقف السلبي للجهات المسؤولة تجاه هذه الظاهرة قائلاً: "من أمن العقوبة أساء الأدب، وهؤلاء لم يجدوا من يردعهم ويعاقبهم على أفعالهم فتمادوا الى حد الاستهتار بصحة وحياة الناس". اما محمد عادل (مقيم بمنطقة خيطان) فيشير الى رصد الكثير من الاصابات بالامراض نتيجة تناول تلك التوالف، ويقول ان المسؤولية تقع بالدرجة الاولى على من يشتري هذه المنتجات رغم معرفته بعدم صلاحيتها لكنه يشير في المقابل الى وجوب عدم التهاون مع الذين يروجون تلك السلع مستغلين العسر المالي لسكان تلك المناطق.