أرغمت المعارك في الجانب الغربي من مدينة الموصل نحو 15 ألف شخص على الفرار يومياً خلال الفترة الأخيرة، رغم بقاء أعداد كبيرة أخرى من المدنيين وسط ظروف صعبة، الأمر الذي يفاقم الأزمة الإنسانية.ففي مخيم حمام العليل للنازحين جنوب الموصل، يتوافد مئات المدنيين بواسطة حافلات طوال اليوم بمواكبة أمنية. ويعد هذا المخيم موقعاً للتدقيق في المعلومات قبل التوجه بعد ذلك إلى حافلات أو سيارات أجرة، بحثاً عن مسكن في مخيمات أخرى أو لدى أقارب لهم في الجانب الشرقي «المحرر» من الموصل أو مناطق أخرى مجاورة. لكن بعض النازحين يبقون في المخيم حيث يلجؤون إلى خيم أقاربهم أو جيرانهم، وأحياناً تكتظ بهم خيمة طولها عشرة أمتار وعرضها أربعة أمتار، وتجتمع فيها ثلاث أو أربع أسر. وقال مروان نايف (25 عاماً) من غرب الموصل، وقد تجمع حشد من الأطفال حوله: «يوجد أربع عائلات في هذه الخيمة.. 30 شخصاً ينامون هنا»، وأضاف: «أحيانا، المكان لا يتسع، لذا يذهب الرجال للنوم في خيم أصدقائهم، وحالياً أنام في خيمة أخي». وتحمل شهرة حازم ابنها على ذراعيها في أحد ممرات المخيم، الذي ارتفع عدد سكانه إلى حوالي ثلاثين ألف نسمة، وقالت: «إن طفلها بحاجة إلى عملية جراحية.. هناك مياه في رأسه، لكن لا توجد مساعدات، وحاولت أن آخذه إلى مخيم آخر لكن لم يسمحوا لنا بالدخول». تزايد النازحين وتواجه غالبية الذين فروا من منازلهم في الجانب الغربي من الموصل مصاعب، خلال مراحل عملية استعادة هذا الجانب التي انطلقت في 19 فبراير. وفي مخيم حمام العليل، صفوف طويلة من المدنيين تتجمع عند منتصف النهار، لاستلام مساعدة غذائية، بينهم أطفال حفاة، وآخرون يفترشون الأرض بانتظار حصصهم التموينية. كما قام بعض سكان المخيم بجلب الطعام من الخارج، أو من سوق مؤقت على الأطراف الخارجية لسور المخيم. في غضون ذلك، كان أحد الصبية يبيع فرشاً حصلت عليه أسرته كمساعدات طارئة تقدمها الأمم المتحدة، بهدف شراء قطع من الشوكولاتة في السوق. ووقفت امرأة تحمل ابنتها، وأخذت تروي لجيرانها من الموصل كيف نجت مع عائلتها من قصف جوي دمر منزلهم، فقالت: «إن (داعش) وضع رشاشاً آلياً أمام بابنا، وقامت قوات الأمن بإطلاق النار (...) كنا جميعاً في الملجأ الأرضي لحسن الحظ». وأضافت: «إن بعض جيراننا حاولوا الفرار أمس، لكن القوات الأمنية أطلقت عليهم النار لأنها توقعت أنهم من داعش (...) وهذا ما يتكرر كثيرا». ولم تغادر غالبية السكان منازلها خلال المرحلة الأولى من العملية، لكن مقاومة تنظيم الدولة باتت شرسة داخل وحول المدينة القديمة في الجانب الغربي. وقالت ميلاني ماركهام، المتحدثة باسم المجلس النرويجي للاجئين: «أبلغنا الناسُ عندما هربوا من منازلهم أن مساكن بأكملها تعرضت للتدمير، لذا نحصل على تقارير تتعلق بالمستوى الكبير من الدمار». ومن أسوأ الأحداث التي وقعت منذ انطلاق عملية الموصل قبل حوالي ستة أشهر، هو مقتل عشرات المدنيين في ضربة جوية يعتقد أنها ناجمة عن غارة شنتها طائرة للتحالف الدولي.;