×
محافظة المنطقة الشرقية

القبض على سعودي انتحل صفة رجال الأمن وقام باستيقاف المارة وسلبهم بالرياض

صورة الخبر

بين جنة النجاح وروضة الحياة لا بد من جسر للتوازن!اليابانيون انحازوا إلى جنة النجاح، لكنهم لم يستطيعوا أن يعبروا إلى روضة الحياة... فكان شبح «كاروشي» يقف لهم بالمرصاد!ظاهرة «كاروشي» صارت بالفعل تقلق اليابانيين، إذ زاد عدد الذين يموتون فيها بعدما أظهرت إحصائية صدرت عام 2006 أنه بلغ 157 شخصاً في السنة، وفي تقرير صدر مؤخراً، أنها تكبد اليابان خسائر اقتصادية تصل إلى 138 مليار دولار سنوياً. ويستخدم مصطلح كاروشي للتعبير عن الموت بسبب كثرة العمل، إما عن طريق التعرض لنوبة قلبية مفاجئة أو الانتحار.وبعدما كانت الحكومة اليابانية تحثّ على العمل لساعات طويلة للنهوض بالاقتصاد الياباني وتحقيق الربح في السباق مع دول العالم، خصوصاً الولايات المتحدة، رصدت 400 مليون ين (حوالي 3.5 مليون دولار) للعام المالي المقبل، من أجل إطلاق برنامج يشجع الشركات الصغيرة والمتوسطة على تقليل ساعات الدوام، كما ستطلق برنامجاً أيضاً لتدريب الشركات والموظفين على تبني قواعد محددة للعمل، كما تشير التقارير.تلفت نظرنا هذه الظاهرة نحن العرب، لما نشكو من ظاهرة معاكسة هي قلة العمل، والكسل، والهروب من دوام الوظيفة، وقضاء أكثر الأوقات في السياحة، غير مهتمين بمستقبل بلادنا والأجيال الآتية. وبالعودة إلى تاريخ أول وفاة بسبب «كاروشي»، عام 1969، عندما أقدم مواطن ياباني على الانتحار لغضبه من الإفراط في العمل، لم يكن المصطلح موجوداً أو مستخدماً، فهو قُدِّم عام 1982، من قبل ثلاثة أطباء أقروا هذه الظاهرة التي كانت تعني الاضطرابات القلبية المرتبطة بالإفراط في العمل فقط. لكن الجديد اليوم أن الظاهرة أصبحت تتخذ أبعاداً أخرى وتوسعت لتشمل حالات المرض النفسي، والاكتئاب أيضاً، وباتت تنتج حالات من الانتحار، وقد ترك أحد المنتحرين رسالة لزوجته وثلاثة أبناء قال فيها: «لم أعد أحتمل ضغوط العمل».ويعاني موظفون كثر من قلة النوم التي ترجع في الأساس إلى ثقافة العمل غير المتسامحة مع النفس، أي ساعات العمل الطويلة، الأمر الذي يقلل من عدد ساعات النوم، وبالتالي تتراجع الإنتاجية. وتشير دراسات كثيرة ظهرت مع الطفرة الاقتصادية في اليابان والتسابق في الصناعات والتكنولوجيا مع أقوى دولة في العالم وهي الولايات المتحدة، إلى أن اليابان بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية أمام الولايات المتحدة، بعد القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناغازاكي عام 1945، قررت أن تنتصر على هزيمتها فتتفوق على الولايات المتحدة، وتحاربها في الساحة الاقتصادية، وقد طُرح كثيراً سؤال: من يحكم العالم القوة الاقتصادية أم القوة النووية؟وما زالت اليابان تقاتل حتى اليوم بالعمل، وتقدم الحوافز لموظفيها من أجل إنتاج أوسع وأكثر تطوراً. وقد اعتاد الياباني على وتيرة العمل لساعات طويلة بلغت أكثر من 60 ساعة أسبوعياً في حين يعمل العالم اليوم على تقليل ساعات العمل من أجل تحسين الإنتاج، ومع ذلك فالتقليل الذي تطلبه الحكومة اليابانية لا يزيد عن 5 في المئة من ساعات العمل.هكذا أوصلت المبالغة في العمل في اليابان إلى ظاهرة «كاروشي» القاتلة، وقد تكون المبالغة في أمور كثيرة قاتلة.ربما يفرح خبر «كاروشي» الكسالى في مجتمعاتنا، وينامون على حرير عاداتهم السيئة، أو مبالغتهم في الكسل، فلا المبالغة هنا تفرح قلب الإنسان ولا المبالغة هناك تجلب السعادة، فكلتاهما قاتلة، وما علينا إلا اختيار الوسطية بين هذين الأمرين أو الظاهرتين، كي نحفظ أنفسنا من شبح «كاروشي»، ونحفظ مستقبلنا من الضياع في مستنقعات الكسل.اشتغل اليابانيون على مبدأ «أنا أشتغل إذن أنا موجود» مستفيدين من قول الفيلسوف الفرنسي ديكارت «أنا أفكر إذاً أنا موجود»، فالشغل وحده يستطيع أن يحقق للإنسان إنسانيته ويضمن له كرامته. لكن العالم الأميركي جورج فريدمان يقول: «من الممكن دائما أن يبحث العامل عن تحقيق ذاته ويحققها خارج المصنع، في أوقات الفراغ».وعلينا أن ننتبه أن فريدمان يقول ذات «العامل» وليس ذات «العاطل عن العمل» الذي يقتلها كل يوم.* كاتبة كويتيةAmal.randy@yahoo.com