مغامر جسور، وذكاء متوقد مجموعة من الصفات، التي يجمع أصدقاء رجل الأعمال المهندس شرف الحريري أنها المعطيات الأساسية، التي أسهمت في نجاحه فعندما قرر الحريري أن يكون شخصا مميزا عن الآخرين كان هذا التحدي يقف أمامه، حياته لم تكن في البداية وليدة تخطيط بقدر ماكانت تحكمها ظروف وتفاصيل الحياة. كان لمعان اسمه في الداخل والخارج كرجل أعمال بارز عندما وجهت وسائل الإعلام بوصلتها تجاه الحريري أول عربي سعودي يفتتح جلسة التداول في بورصة نيويورك، حيث أصر أن يصادف هذا الحدث شهر سبتمبر، وتمنى لو أنه صادف يوم الحادي عشر منه، تعمد الحريري اختيار ذلك الشهر للسبب أحداث سبتمبر 2001م، هذه الأحداث التي ساهمت كثيرًا في تشويه صورة الإنسان المسلم والعربي والسعودي على وجه الخصوص، فكان حريصًا على المساهمة في تقديم صورة إيجابية مغايرة لتلك الصورة السلبية وعلى مرأى من الإعلام الأجنبي التي عادة ما يتواجد لتغطية هذا الحدث يؤمن أن التحدي الأكبر ليس النجاح وإنما الاستمرار فيه يقول الحريري عن قصة كفاحه نشأت في بيئة غرست في شخصيتي ميزتين مهمتين في نظري، وهما حب الاستقلالية وروح القيادة عن طريق الوالد رحمة الله عليه، وهاتان الميزتان أظنهما كانتا الأساس للتفكير مبكرا وأنا على مقاعد الدراسة بالحلم في أن يكون لي مشروعي الخاص، الذي أنشئه وأديره بنفسي، ففي الوقت الذي كان زملائي الآخرون يفكرون في وظيفة ما سواء في القطاع الحكومي أو الخاص بعد الدراسة، كنت أفكر أنا باتجاه آخر وهو إنشاء مشروع تجاري خاص بي، بالرغم من أنني حينها لم أكن أملك الإمكانيات المادية ولا العملية، التي قد تساعدني في تحقيق حلمي حينذاك، ولكني كنت أملك في المقابل ما كنت أظنه كافيا: الحلم، الإصرار، روح التحدي! فما كان مني بعد الدراسة إلا أن أبدأ مشواري في تحقيق ذلك الحلم بالرغم من معارضة الأهل، وتخوفهم من فشلي في ذلك الوقت، ولأني لم أكن أملك رأس المال لعمل مشروعي التجاري حينها قمت ببيع سيارتي الخاصة بدون علم الأهل للبدء في ذلك المشروع الصغير، ولم ألجأ لأحد من الأهل أو الأقارب لمساعدتي ماديا، لأنني كنت ومازلت مؤمنًا أن من حقك أن تحلم كما تشاء ولكن ليس من حقك أن تطالب أحدا أن يساهم في سداد فاتورة حلمك ما لم تدفع حصتك كاملة من تلك الفاتورة أولًا إذا أردت تحقيقه، وبذلت كل ما أستطيع من جهد في ذلك المشروع الصغير لإنجاحه، فقد كنت أقوم بعمل أربعة موظفين، وأعمل لمدة 15 ساعة في اليوم كحدّ أدنى، واستمررت على هذه الوتيرة لمدة سنة إلى أن بدأت أقطف ثمار ذلك الجهد، ومن ثم بدأت مسيرة الاستثمار في مشروعات صغيرة أخرى بعضها تكلل بالنجاح بفضل من الله، وبعضها الآخر انتهى بالفشل، إلاّ أن الفشل لم يكن ليمنعني من المضي قدمًا، حتى هذه اللحظة التي توسّع فيها العمل وأصبح على ما هو عليه الآن يذكر الحريري أن نجاحه كان بفضل الله أولًا وأخيرًا ومن بعد ذلك سلامة النية، والصدق مع النفس ومع والآخرين، أضف إلى ذلك الجهد والاجتهاد المتواصل وحيال المعوقات التي تقف اليوم في وجه شباب الأعمال لخصها في عدم الجرأة والتردد وهما أكبر معوقين قد تواجهم في البدايات، متى ما تم تجاوز هاتين العقبتين أظن أن المعوقات الأخرى يمكن تخطيها، خاصة أن الظروف الآن باعتقادي أفضل مما كانت عليه، مقارنة في الفترة التي بدأ فيها من هم في جيلي من الشباب، الآن الدولة تدعم المشروعات الصغيرة من خلال صناديقها المتخصصة الكثيرة والمتنوعة، وكذلك بعض الجهات من القطاع الخاص، والبنوك الآن أقل تحفظا في سياساتها الإقراضية وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى أن الوعي الاستثماري ارتفع لدى الأفراد والمعلومات أصبحت متاحة أكثر من ذي قبل وفي متناول اليد.. وبمناسبة الحديث عن الجرأة أود أن أشير إلى أنها لا يجب أن تقتصر على المبادرة فقط، ولكن يجب أن تستمر حتى في حالة الفشل، لا بد أن لا تُفقد هذه الروح حتى تمكنك من الوقوف مرة أخرى إلى أن تعرف طريق النجاح والاستمرار فيه. وأكد الحريري أن افتتاح جلسة التداول في سبتمبر 2013م لبورصة نيويورك، كان حدثا كبيرا ومهما بالنسبة لي، شكل حافزًا لي وإشارة معينة على طريق النجاح، وأنا بهذه المناسبة أهدي هذا النجاح لوطني المملكة العربية السعودية، التي ما كان بالإمكان أن أصل لهذه المحطة من النجاح بدونه، وأهدي هذا النجاح أيضًا لكل شباب الوطن الذين لا أرى نفسي إلا أحدهم وأقلهم استحقاقا لمثل هذا التكريم العظيم.. وافتتاح بورصة نيويورك بالنسبة لي ليست سوى محطة في المشوارالطويل، ولن تنتهي الطموحات والأحلام عند تلك المحطة وذكر الحريري أنه يعمل منذ عام 99م في بورصة نيويورك وأتداول بها، وكنت أشاهد افتتاح البورصة بشكل يومي، وكانت إحدى الأمنيات أن يأتي يوم وأكون أنا من يفتتح جلسة التداول فيها، الحمدلله أن هذه الأمنية قد تحققت وهذا بالتأكيد مدعاة سعادة لي، أما على الصعيد الوطني فالفرح بالتأكيد بالنسبة لي أكبر، وذلك من منطلق الإحساس أن من واجبي كمواطن أن أسعى إلى إبراز الصورة الجميلة لهذا الوطن، والتي حاول البعض تشويهها بعد أحداث سبتمبر 2001م، وأعتقد أن هذا واجب كل مواطن كلُّ في مجاله وحسب إمكانياته وقدرته، وأيضا على عاتق كل سعودي أن يكون سفيرا مشرفا للوطن في حله وترحاله ولقد أضاف لي هذا الحدث وفتح أمامي آفافًا أوسع على الصعيد العملي، وأبوابا جديدة للاستثمار مع شركات وأفراد في أمريكا وخارجها، بالإضافة إلى أن ذلك ساهم في بناء علاقات شخصية مع شخصيات بارزة ومؤثرة في مجال المال والأعمال وحتى شخصيات أخرى مشهورة خارج هذا المجال في المجتمع الأمريكي. المزيد من الصور :