يريد القائد الفلسطيني المُعتقل مروان البرغوثي أن يشارك جميع المعتقلين الأمنيين لحركة فتح داخل السجون الإسرائيلية، البالغ عددهم 2890، فضلاً عن سجناء الفصائل الأخرى، في إضرابٍ عن الطعام لأجلٍ غير مُسمَّى بدايةً من الـ17 من أبريل/نيسان، الذي يوافق يوم الأسير الفلسطيني. ويبدو أنَّ هذا التحرُّك الذي يقوده البرغوثي، الذي يقضي 5 أحكام بالسجن مدى الحياة لتدبيره سلسلةٍ من الهجمات المُميتة في بداية الانتفاضة الثانية، يستهدف إسرائيل. لكنَّ القيادة الفلسطينية في رام الله ستراقب المسألة من كثبٍ أيضاً؛ لأنَّ البرغوثي على الأرجح يحاول استعراض قوته السياسية، رغم محاولة رام الله عزله وفق صحيفة . رسمياً، يُعَدُ تحرُّك السجناء الذي يقوده البرغوثي احتجاجاً على ما يعتبرونه فشل مصلحة السجون الإسرائيلية في تلبية مطالبهم المتعلِّقة بتحسين الظروف في مراكز الاحتجاز. وتقول الصحيفة إن الإضراب سيكون بمثابة أكبر اختبارٍ للبرغوثي منذ دخوله السجن قبل نحو 15 عاماً. والعام المُقبل، 2018، سيحتفل البرغوثي بعيد ميلاده الستين.الرجل الأقوى في فتح وتضيف أنه خلال انتخابات قيادة اللجنة المركزية لحركة فتح (أبرز مؤسسات الحركة) في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حصل البرغوثي على المركز الأول. وحلَت زوجته، فدوى، في المرتبة الأولى في انتخابات المجلس الثوري للحركة (ثاني أهم مؤسسات الحركة). ويبدو ظاهرياً أنَّه زعيم الحركة بلا منازع، رغم وجوده خلف القضبان. ومع ذلك، قام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والموالون له في قيادة فتح، بسلسلةٍ من الخطوات لإضعافه وعزله؛ إذ لم يعيّنه عباس نائباً لرئيس حركة فتح كما كان البرغوثي يتوقَّع، ووُزِّعَت المناصب الرفيعة لآخرين، هم خصوم له. وفشل مؤيدو البرغوثي في النجاح في الانتخابات على المقاعد الأخرى باللجنة المركزية، وأدرك أنَّه كانت تجري إزاحته عن الصورة ببطء. ويستخدم البرغوثي، الذي أُبعِد عن أروقة السلطة، الإضراب ليبعث بإشارةٍ إلى السلطة الفلسطينية بأنَّه لا يزال قادراً على أن يمارس نفوذاً معتبراً في الشارع الفلسطيني. وقام البرغوثي بمناورةٍ شبيهة عام 2000. وآنذاك، حينما كان خارج جدران السجن، قاد البرغوثي مسيراتٍ كبيرة من الأنصار إلى نقاط التفتيش الإسرائيلية، حيث تواجهوا مع الجنود الإسرائيليين.هل ينجح البرغوثي؟ وتقو أن مشكلة البرغوثي تتمثل في أنَّ الشارع الفلسطيني لم يعد كما كان عام 2000. فقد عُزِل في السجن، وليس من المؤكِّد أنَّ إضرابه سيلقى استجابةً، فضلاً عن تحفيز سُكَّان الضفة الغربية اليائسين للتحرُّك. وفي هذه الأيام، لا تندفع تلك الجماهير إلى التظاهر كما كانت تفعل في السابق، وتُركِّز على المسائل الشخصية بصورةٍ أكبر من القضايا الجماعية. فهم أكثر ميلاً إلى "الإعجاب" بمنشورٍ على موقع فيسبوك أكثر من الخروج إلى الشوارع. وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ مطلب البرغوثي بأن تمنح إسرائيل السجناء الأمنيين إمكانية الوصول إلى الهواتف العمومية مبالغ فيه للغاية. ويُستبعَد أن تبدأ إسرائيل ببساطة في تركيب خطوط الهاتف. كما يُستبعَد أن يجد مطلباه بأن تزيد إسرائيل عدد الزيارات الأسرية للسجناء، ومنع إلغاء تلك الزيارات لاعتباراتٍ أمنية، أي أصداءٍ داخل السلطات الإسرائيلية. لقد قام البرغوثي بمناورةٍ خطيرة، وليس واضحاً ما إذا كان الشارع الفلسطيني سيدعمه فيها، أو ما إن كان لديه من النفوذ ما يضمن نجاحها. وفي حال انتهى هذا الإضراب دون نتائج (فشهر رمضان سيبدأ في 26 مايو/أيار، ويُحرِّم الإسلام الدخول في إضرابٍ كهذا في أثناء الشهر)، قد يجد البرغوثي نفسه حتى معزولاً سياسياً بصورةٍ أكبر.فرص البرغوثي في النجاح ومع ذلك، يمتلك تحرُّك البرغوثي فرصاً كبيرة للنجاح؛ فمن المُتوقَّع أن يُثير الإضراب عن الطعام صداعاً جديَّاً للسلطة الفلسطينية وقواتها الأمنية. فقد ظلَّ الوضع في الأراضي الفلسطينية (وبالتأكيد في رام الله) مستقراً وهادئاً نسبياً. ويبدو أنَّ التعاون الأمني الإسرائيلي-الفلسطيني قد نجح في احتواء الاضطرابات على الأرض رغم محاولات حركة حماس لإثارة المتاعب. وخلافاً لما كان في الماضي، وفقا للصحيفة فإن من الصعب التنبّؤ برد فعل السلطة الفلسطينية على هذا الإضراب. فهذا ليس استفزازاً آخر من حماس، العازِمة على إعاقة عباس ورفاقه. كما أنَّ هذا ليس رجلاً واحداً يحاول تأمين بطاقة إطلاق سراح للخروج من السجن. إنَّه إضرابٌ عن الطعام من جانب آلاف السجناء الذين هم أعضاءٌ في حركة فتح؛ بل إنَّ بعضهم حتى كان من المسؤولين السابقين في القوات الأمنية لعباس. وبالنسبة للشعب الفلسطيني، هؤلاء السجناء هم "أطفاله"، ويقودهم رجل أصبح منذ فترةٍ طويلة رمزاً وطنياً، ويُعتَبَر أحد أكثر القادة شعبيةً في كلٍ من الضفة الغربية وقطاع غزة. هل ستندفع القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية لتُفرِّق مظاهرةً تقودها حركة فتح مُتَّجِهةً من جامعة بيرزيت إلى مدخل رام الله؟ فهي لم تُبد أي تردُّدٍ يُذكَر في إيقاف المسيرات التي نظَّمتها مجموعة طلاب حماس المعرفة بالكتلة الإسلامية. لكن هذه المرة القصة مختلفة. ولن تكون مناورة البرغوثي مسألةً سهلة كذلك بالنسبة لقوات الأمن الإسرائيلية أو حُرَّاس السجن، الذين قد يكون عليهم التعامل مع تظاهراتٍ كبيرة وتوتُّراتٍ متزايدة داخل جدران السجون. ولم يتضح بعدُ ما إذا كان سجناء حماس سيشاركون في الإضراب. لكن في سجن هداريم، حيث يُحتَجَز البرغوثي، أعلنت حماس بالفعل أنَّها ستشارك في الإضراب إلى جانبه. وفي السجون الأخرى، يبدو أنَّ سجناء حماس أكثر حرصاً فيما يتعلَّق بالتوصل إلى قرار في هذا الشأن؛ لكن من الواضح أنَّهم في حال شاركوا في الإضراب، فإنَّ ذلك لن يؤدي إلّا إلى زيادة حدة الاضطرابات. - هذا الموضوع مترجم عن موقع The Times of Israel الإسرائيلي. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.