هجوم موسكو الذي وقع العام الماضي يعتبر بداية ظهور الجيل الجديد من المتشددين الذين وجدوا في دعاية داعش وسيلة للهروب من التمييز داخل روسيا.العرب [نُشر في 2017/04/05]روسيا أرض خصبة للتجنيد موسكو/سان بطرسبرج (روسيا)- يمثل أكبرجون جليلوف، الذي تدور حوله الشبهات في تفجير قطار الأنفاق الروسي، موجة جديدة من الإسلاميين المتشددين يندمج أفرادها في مجتمعاتهم المحلية بمنأى عن الحركات الجهادية القائمة مما يزيد من الصعوبات التي تواجهها قوات الأمن في سعيها لوقف هذه الهجمات. وتكشف صفحات جليلوف على المقابل الروسي لفيسبوك عن اهتمامه بالمذهب الوهابي السلفي. لكنها لا تنطوي على أي مؤشرات تدل على أنه قد يلجأ للعنف بل تطرح صورة لشاب عادي يعيش حياة عادية إلى حد كبير. وسقط 14 قتيلا و50 جريحا الاثنين في الهجوم الانتحاري على عربة المترو في سان بطرسبرج. وقال محققون روس إن المفجر المشتبه به هو جليلوف البالغ من العمر 23 عاما المولود في جمهورية قرغيزستان السوفيتية السابقة ذات الغالبية المسلمة. وإذا كان التشدد الإسلامي هو حقا حافزه في تنفيذ الهجوم فسيميزه ذلك عن موجتين سابقتين من المهاجمين الأولى من منطقة شمال القوقاز المضطربة في روسيا خاض أفرادها حركات تمرد متتالية على موسكو والثانية مجموعة ذهب أفرادها إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية.أكبرجون جليلوف يمثل موجة جديدة من الإسلاميين المتشددين وربما يستلهم الجيل الجديد أفكاره، أو يتلقى تعليماته، من بعض من شاركوا في تلك الموجات السابقة بل وربما يخرجون من مجتمعاتهم الإسلامية ذاتها. غير أن هؤلاء المتطرفين الجدد لا تربطهم صلات مباشرة بتلك التنظيمات المتطرفة وليس لهم سجل من أوامر الاعتقال أو التنصت على هواتفهم أو وثائق السفر وعمليات عبور الحدود الخاضعة للمراقبة والتي تعتمد عليها قوى الأمن في العادة لكي تضع الإسلاميين المتطرفين من ذوي الميول العنيفة تحت المراقبة. قال اندريه سولداتوف الخبير الروسي في أجهزة الاستخبارات "هذا نوع مختلف تمام الاختلاف. مستوى مختلف من التهديد الإرهابي عن المستوى الذي اعتادت الأجهزة الأمنية الروسية التعامل معه". وأضاف أن الأجهزة الأمنية عادة ما تبحث عن تنظيم وشبكة تمويل وراء تمويل الهجوم الإرهابي غير أنه قد لا يكون للتنظيم والشبكة وجود في حالات مثل عملية تفجير المترو. وتابع "التصدي لمثل هذه الأمور في غاية الصعوبة". وقد واجهت الشرطة البريطانية مشاكل مماثلة في تحقيقاتها في حالة خالد مسعود الذي دهس المشاة بسيارة مسرعة على جسر وستمنستر الشهر الماضي فقتل ثلاثة أشخاص وجرح العشرات قبل أن يقتل شرطيا طعنا وترديه الشرطة قتيلا بالرصاص. فلم يكن لمسعود أي صلات معروفة بالجماعات الجهادية. العدو الكامن في الداخل جليلوف شاب عادي مثل ملايين الشبان المسلمين الذين يعيشون في روسيا. ولا يوجد شيء في أسلوب حياته يميزه عن الباقين في نظر السلطات. فهو من الأوزبك من مدينة أوش الجنوبية في قرغيزستان انتقل مع والده إلى سان بطرسبرج للعمل منذ عدة سنوات حسب أقوال جيران له في أوش. وقال الجيران إنه عمل في روسيا مع والده في ورشة لإصلاح السيارات. وقال أحد معارف جليلوف في سان بطرسبرج إنه عمل نحو عام في سلسلة مطاعم للسوشي. وقال آخر من معارفه أيضا إنه من عشاق لعبة السامبو أحد فروع الفنون القتالية الشائعة في روسيا. وقال مصدر من السلطات الروسية إنه كان يمتلك سيارة دايو وكان عنوانه مسجلا في شقة بحي راق هادئ في ضواحي سان بطرسبرج. وقال شخص ذكر أنه يمثل صاحب الشقة إن جليلوف لم يكن مقيما في الشقة على الإطلاق بل إن صاحبها منحه حق تسجيل عنوانه مؤقتا عليها محاباة لبعض المعارف المشتركين. وتظهر على صفحة جليلوف على موقع فيكونتاكي، أحد مواقع التواصل الاجتماعي الروسية، صور له وهو يرتدي ملابس غربية وفي مطعم مع أصدقاء بل وهو يدخن الشيشة. ومن اهتماماته المدونة على الصفحة الاستماع لمحطة إذاعية للموسيقى والفنون القتالية. كما تتضمن صفحته رابطا إلى الصفحة الأساسية للملاكم مايك تايسون.الجيل الجديديستلهمأفكاره، أو يتلقى تعليماته، من بعض من شاركوا في تلك الموجات السابقة بل وربما يخرجون من مجتمعاتهم الإسلامية ذاتها لكنه كان يبدي أيضا اهتماما بالدين. فالصفحة تتضمن روابط لموقع اسمه بالروسية "أحب الإسلام" به آيات من القران ولموقع آخر اسمه إسلام هاوس دوت كوم وهدفه معاونة الناس على التعرف على الإسلام. وتضمنت صفحة أخرى على موقع فيكونتاكي تخص جليلوف روابط لموقع يتضمن أقوالا لمحمد بن عبدالوهاب الذي عاش في القرن الثامن عشر وقام المذهب الوهابي على آرائه. الانتقام لسوريا ويقول مسؤولون أمنيون وأفراد تربطهم صلات بالتشدد الإسلامي إن الأجيال السابقة من الإسلاميين ذوي الميول العنيفة خرجت إلى حد كبير من الصورة الآن. وتطارد قوات الأمن المتشددين في شمال القوقاز مما يدفعهم للاختباء في الغابات كما أنهم مشغولون بالبقاء على قيد الحياة بما لا يجعلهم قادرين على شن هجمات على مدن روسية. من ناحية أخرى فإن الآلاف من مواطني روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة الذين حاربوا في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق على قائمة المراقبة لدى أجهزة الاستخبارات الروسية. وبناء على معلومات من المخابرات التركية التي تتابع تحركات الإسلاميين الداخلين إلى سوريا والخارجين منها تلقي روسيا القبض عليهم عند عودتهم إلى البلاد أو تمنعهم من دخولها. وربما يكون هجوم وقع قرب موسكو العام الماضي هو بداية ظهور الجيل الجديد من المتشددين. فقد سافر عثمان موردالوف (21 عاما) وصديقه سليم اسرائيلوف (18 عاما) من موطنهما في الشيشان بشمال القوقاز إلى إحدى ضواحي موسكو وتسلحا بالفؤوس وهاجما موقعا لشرطة المرور. ولقي الاثنان مصرعهما بالرصاص. وقالت أسرتاهما إنهما لم تكن لديهما أي فكرة عن تورط الاثنين في التطرف الإسلامي. غير أن الاثنين اعترفا في تسجيل مصور بالفيديو نشر على الانترنت في اليوم التالي بمبايعة تنظيم الدولة الإسلامية وأشارا إلى التدخل العسكري الروسي في سوريا.قوات الأمن الروسية تطارد المتشددين في شمال القوقاز وقال أحدهما في التسجيل المصور "نحن نسمي هذه العملية عملية ثأرية انتقاما منكم لقتل أخواننا وأخواتنا كل يوم في العراق وسوريا". وكان تنظيم الدولة الإسلامية، الذي بدأت قبضته تضعف على الأراضي الخاضعة لسيطرته في سوريا والعراق، قد حول تركيزه إلى حيث المتعاطفين معه في مواقع أخرى على تنفيذ هجمات. وكان الثأر من روسيا لدورها في الصراع السوري فكرة بارزة في مواقع التواصل الاجتماعي للمجموعة. وبعد فترة قصيرة من بدء روسيا عمليتها العسكرية دعما للرئيس السوري بشار الأسد عام 2015 نشر التنظيم مقطع فيديو هدد فيه بضرب روسيا في القريب العاجل ووصف الروس بأنهم من الكفار وقال إن دماءهم ستسيل أنهارا. أرض خصبة للتجنيد وتجد تلك الدعاية أرضا خصبة داخل روسيا بين ملايين المسلمين من شمال القوقاز والمسلمين المهاجرين من جمهوريات آسيا الوسطى السوفيتية السابقة. ويؤدي كثيرون منهم أعمالا بسيطة بمرتبات منخفضة وعادة ما توقفهم الشرطة لفحص أوراقهم وفي كثير من الأحيان يعانون من التمييز العنصري. ووصف رجلان من آسيا الوسطى شاركا في القتال في صفوف المتشددين الإسلاميين في سوريا كيف أنهما اعتنقا الأفكار المتطرفة أثناء العمل في روسيا. وتحدث أحدهما في سجن في مدينة أوش عام 2015 فقال إن اسمه بوبرجان وإنه يقضي حكما بالسجن بسبب أنشطته في سوريا. وقال إنه جاء إلى موسكو للعمل في موقع للبناء واتصل به رجل في أحد مساجد موسكو عرض عليه مشاهد بالفيديو للصراعات في الشرق الأوسط. وأضاف أن الرجل قال له "انظر الكفار يقتلوننا ويغتصبون نساءنا وأطفالنا وواجب علينا أن ندافع عن إخواننا المسلمين". أما الثاني البالغ من العمر 22 عاما فقال إن اسمه خليجان ويعمل طباخا في مطعم أوزبكي بوسط موسكو. وأضاف "بعض الشباب ممن أعرفهم قالوا إنه لابد أن نذهب ونشارك في الجهاد".