ارتكب النظام السوري، أمس، مجزرة «كيماوية» مروعة راح ضحيتها عشرات القتلى من المدنيين، بينهم أطفال، جراء قصف بغازات سامة استهدف بلدة خان شيخون في إدلب، أعاد إلى الأذهان ما حدث قبل أربع سنوات في الغوطة الشرقية لدمشق.وفيما نزلت المجزرة على العالم نزول الصاعقة الا ان التنديد الدولي بقي تنديدا من دون اي اجراءات رادعة، رغم مسارعة دول غربية إلى تحميل النظام السوري المسؤولية، والدعوة إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن. اما مسارا «جنيف» و«أستانة» فصارا في مهب الريح. وأكدت مديرية صحة إدلب سقوط 100 قتيل وإصابة 400 آخرين في «القصف بغاز السارين» على خان شيخون. فيما أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان، نقلاً عن مصادر طبية، مقتل «58 مدنياً على الأقل بينهم 11 طفلاً وإصابة نحو 170 بجروح جراء إصابتهم بحالات اختناق ترافقت مع أعراض إغماء وتقيؤ وخروج زبد من الفم».وتداول ناشطون على الانترنت صوراً تظهر مسعفين وهم يضعون كمامات ويعملون على رش المصابين الممددين على الأرض بأنابيب المياه.ويعد هجوم، أمس، ثاني أكبر اعتداء بسلاح كيماوي منذ مجزرة الغوطة في العام 2013، التي توصلت بعدها واشنطن وموسكو إلى اتفاق على تجريد نظام بشار الأسد من سلاحه الكيماوي.وفي حين أكدت روسيا أن طائراتها «لم تشن أي غارة في خان شيخون»، ونفى جيش النظام استخدام أسلحة كيماوية، أثارت المجزرة عاصفة تنديد دولية، وسط دعوات إلى محاسبة مرتكبيها.واعتبر كبير مفاوضي المعارضة السورية إلى جنيف محمد صبرا ان «الجريمة تضع كل العملية السياسية في جنيف في مهب الريح، وتجعلنا نعيد النظر بجدوى المفاوضات»، متسائلاً «إذا كانت الأمم المتحدة عاجزة عن ردع النظام عن مثل هذه الجرائم، فكيف ستنجز عملية سياسية تؤدي لانتقال سياسي في سورية؟».وفي اتصال هاتفي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالهجوم «الكيماوي» واعتبره «غير إنساني»، محذراً من أنه «قد ينسف كل الجهود الجارية ضمن إطار عملية أستانة»، في إشارة إلى المحادثات التي ترعاها روسيا وتركيا وإيران وتهدف أساساً إلى تثبيت وقف إطلاق النار المُفترض في سورية.وفي حين دعت فرنسا وبريطانيا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن، أعلنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في شأن حقوق الإنسان في سورية أنها باشرت تحقيقاً في الهجوم، «بما فيها المزاعم عن استخدام أسلحة كيماوية».كما أعربت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية عن «قلقها الشديد»، معلنة أنها «تجمع وتحلل معلومات من كل المصادر المتوافرة».وفي اتهام ضمني للنظام، أشار موفد الأمم المتحدة الخاص لسورية ستيفان دي ميستورا إلى أن «الهجوم الكيماوي تم شنه من الجو»، مؤكداً أن المنظمة الدولية تسعى إلى «تحديد واضح للمسؤوليات» و «محاسبة» المرتكبين.وفي السياق نفسه، حملت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني نظام الأسد «المسؤولية الرئيسية» عن الهجوم، فيما قال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «كما حصل في الغوطة (الشرقية لدمشق) في 21 أغسطس 2013 فإن بشار الاسد يهاجم مدنيين مستخدماً وسائل يحظرها المجتمع الدولي. مرة جديدة، سينكر النظام السوري بالتأكيد مسؤوليته عن المجزرة».وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، في مؤتمر صحافي، «إذا ثبت أن نظام الأسد هو من ارتكب الهجوم... فسيكون ذلك سبباً إضافياً للاعتقاد بأنها... جريمة حرب». (عواصم - وكالات)