المصالح الاقتصادية محور زيارة الرئيس المصري لواشنطن تنتظر الأوساط الاقتصادية المصرية نتائج ملموسة لمباحثات الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والأميركي دونالد ترامب في واشنطن، خاصة بعد أن استهل السيسي زيارته بلقاءات اقتصادية مع كبرى الشركات الأميركية ورئيس البنك الدولي قبل قمة البيت الأبيض.العرب محمد حماد [نُشر في 2017/04/04، العدد: 10592، ص(10)]اللقاءات الاقتصادية محور أساسي في زيارة السيسي لواشنطن القاهرة – رجح اقتصاديون مصريون أن تعطي زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى واشنطن زخما جديدا للعلاقات الاقتصادية وتساهم في زيادة تدفق الاستثمارات الأميركية إلى مصر، في ظل تزايد التقارب السياسي بين البلدين. وتأتي أول زيارة رسمية لرئيس مصري للعاصمة الأميركية منذ عام 2004، بعد فترة من التوتر أرخت بظلال سلبية على التعاون الاقتصادي، الذي شهد جمودا لافتا خلال السنوات الماضية. وتتباين وجهات النظر حول المنافع الاقتصادية لزيارة السيسي وتأثيرها على المصالح المشتركة بسبب الملفات السياسية والأمنية التي تحتل أولوية واضحة.أنيس أكليمندوس: زيارة السيسي لواشنطن رسالة إيجابية لجذب المستثمرين والشركات الأميركية وبعث السيسي برسائل عديدة حين بدأ زيارته بلقاء جيم يونغ كيم رئيس البنك الدولي وجيف أميلت المدير التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك ومارلين هيوستن المديرة التنفيذية لشركة لوكهيد مارتن المتخصصة في صناعة الطائرات الحربية والصناعات العسكرية. ويحاول السيسي تعزيز التعاون مع البنك الدولي والذي خصص لمصر حزمة تمويل تصل إلى 8 مليارات دولار حتى عام 2019 وكذلك جنرال إلكتريك التي تعتزم ضخ استثمارات بقيمة مماثلة في مجال الطاقة، إلى جانب تعزيز التعاون العسكري مع لوكهيد مارتن. وبلغ حجم المساعدات الأميركية لمصر نحو 1.5 مليار دولار خلال العام الماضي، لتحتل المرتبة الثانية بعد إسرائيل في حجم المساعدات التي تقدمها واشنطن للعالم الخارجي. وتوقع بعض المحللين أن تنعكس الزيارة في زيادة تدفق الاستثمارات الأميركية على مصر، لكن آخرين حذروا من أن توجهات ترامب لا تبرر التفاؤل وقد تعرقل الاستثمارات المتجهة إلى مصر والمنطقة عموما. وشهدت علاقات البلدين حالة من الشد والجذب منذ ثورة يناير 2011. ويتهم البعض إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بتقديم الدعم لحكومة جماعة الإخوان المسلمين. وتزايد التوتر بعد الإطاحة بحكم جماعة الإخوان حيث جمدت واشنطن المساعدات الاقتصادية وتراجعت الاستثمارات ودخلت العلاقات مرحلة غامضة، لم تنفرج إلا بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وكشف تقرير للمكتب التجاري بالسفارة الأميركية في القاهرة أن حجم الاستثمارات الأميركية في مصر وصل لنحو 21.1 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 32 بالمئة من إجمالي الاستثمارات الأميركية في قارة أفريقيا. وتقول الهيئة المصرية العامة للاستثمار إن تلك الاستثمارات تتركز في مجالات الطاقة والغذاء والأدوية وبنوك الاستثمار والأوراق المالية والزراعة والسياحة والسيارات والتشييد والبناء والشحن واللوجستيات.كريستوفر ديمبك: سياسات ترامب غير واضحة ومتناقضة وتشكل خطرا على المستثمرين المصريين ويصل عدد الشركات الأميركية التي تعمل في مصر إلى 1190 شركة وبلغ حجم رؤوس الأموال التي ضختها العام الماضي إلى نحو 2.33 مليار دولار. ويرى أنيس أكليمندوس رئيس غرفة التجارة الأميركية في القاهرة أن زيارة السيسي لواشنطن تؤكد عمق العلاقات المشتركة في كافة المجالات، وفي مقدمتها المجال الاقتصادي. وأكد لـ“العرب” أن وفدا من غرفة القاهرة وفرع الغرفة الجديد في ولاية فيرجينيا ومجلس الأعمال المصري الأميركي يشارك في فعاليات الزيارة. ووصف العلاقات الاقتصادية الحالية بين البلدين بأنها “قوية ومميزة للغاية”. وتحتل مصر المرتبة الـ53 بين أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، رغم تراجع التبادل التجاري من 7.9 مليار دولار في عام 2014 إلى 3.8 مليار دولار في عام 2016. وهي لا تعادل سوى 4 بالمئة من حجم التجارة الأميركية مع دول الشرق الأوسط. ووقعت القاهرة في ديسمبر 2004 على اتفاق المناطق الحرة المؤهلة مع أميركا وإسرائيل في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، والتي تنص على فتح الأسواق الأميركية أمام المنتجات المصرية التي لا تقل المكونات الإسرائيلية فيها عن 10.5 بالمئة وإعفائها من الرسوم الجمركية. وقد ارتفعت صادرات تلك المناطق لتصل حاليا إلى 895 مليون دولار سنويا، أي ما يعادل نحو 45 بالمئة من الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة. وتوقع عاطف عبداللطيف رئيس جمعية مسافرون للسياحة والسفر أن تمهد زيارة السيسي لواشنطن لزيادة أعداد السياح الأميركيين إلى مصر، التي استقبلت نحو 184 ألفا منهم في العام الماضي. ويعول القطاع السياحي على زيادة السياح الأميركيين، بعد أن فقد أسواقا كثيرة منذ حادث سقوط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء في أكتوبر 2015. وأكد كريستوفر ديمبك المحلل الاقتصادي لدى ساكسو بنك أن “سياسات ترامب تمثل خطرا على المستثمرين المصريين”. وقال إن غموض تلك السياسات قد يؤدي إلى انفجار فقاعة اقتصادية عندما يدرك المستثمرون أن الرئيس الجديد غير قادر على تنفيذ وعوده. وأشار إلى أن سعر صرف الدولار الأميركي مبالغ فيه بنسبة 15 بالمئة مقابل الجنيه الإسترليني وبنحو 7.5 بالمئة مقابل الين الياباني ونحو 5 بالمئة مقابل اليورو. وأوضح تقرير لغرفة التجارة الأميركية في القاهرة أن حجم الصادرات المصرية غير البترولية للسوق الأميركية يصل إلى نحو 1.4 مليار دولار، فيما تصل واردات مصر من السوق الأميركية إلى نحو 4.7 مليار دولار، مما يضعها في المرتبة الأولى بين بلدان قارة أفريقيا.