رأيته أكثر من مرة وهو يتردد خلسة إلى أماكن وضع بقايا الطعام ينبش في زوايا الحاويات وهو يلتفت يميناً ويساراً ثم ينصرف وقد حمل في يده بعض أكياس الخبز اليابسة ، لم يكن المشهد عادياً في بلد يُعد من أغنى دول العالم إن لم يكن أغناها على الإطلاق ، استوقفته ذات مرة وسألته عن السبب وراء هذه العادة فأطرق برأسه ملياً ثم قال إنها الحاجة ياأخي ، اعتصر الألم قلبي وتمنيت لو أنني لم أطرح عليه هذا السؤال وتذكرت قائمة الأثرياء التي نشرتها مجلة (فوربس– الشرق الأوسط) في عدد الصادر في شهر ابريل الحالي لهذا العام 2014م حيث تصدرت المملكة القائمة بوجود 39 ثرياً سعودياً ، حيث وصلت ثرواتهم مجتمعة 64.9 مليار دولار وجال في ذهني سؤال أين تذهب زكاة هذه المليارات ياترى ؟ ولماذا لم نر لها أثراً على أرض الواقع ؟ ولو توقفنا قليلاً مع لغة الأرقام والتي تخبرنا بأن زكاة المليار تبلغ خمسة وعشرين مليون ريال فإن لك أن تتخيل كيف سيكون الحال فيما لو تم إيصال هذا المبلغ الكبير إلى الأسر المحتاجة ، فكم من أسرة فقيرة ياترى سيكفيها نصيبها من هذا المبلغ من ذل المسألة ، وكم من بيت ستعود إليه ابتسامة الفرح ، وكم من طفل سيتمكن من شراء لعبته المفضلة . وبكل تأكيد فإنه لا شيء سيدخل السرور والفرح على نفوس الأسر المعدمة والبيوت المتعففة سوى حصولهم على حقهم الذي فرضه الله لهم من زكاة في أموال الأغنياء وأن توزع عليهم بما يحفظ لهم كرامتهم وانسانيتهم. ومما لاشك فيه فإن غياب التوزيع السليم لزكاة هذه الأموال وعدم حرص الأغنياء على ذلك سيضاعف ألم الحاجة لدى المعوزين والمحتاجين ويزيد من المشاهد المؤلمة للفقراء المتعففين وهم يتسللون خلسة إلى حاويات الطعام ليبحثوا عن ما يسد رمقهم ورمق أبنائهم من بين أكوام القمائم والحاويات ، ومن يدري فقد تصبح هذه المشاهد مع مرور الوقت مشاهد مألوفة وعادة يومية لاتلفت الأنظار ولا ترق لها القلوب . حسن الشمراني رابط الخبر بصحيفة الوئام: زكاة أموال أغنيائنا .. أين تذهب ؟