×
محافظة مكة المكرمة

اعتماد الرخصة الفورية وزيارة ميدانية للموقع لتأكد من وجود المنشأة على الطبيعة

صورة الخبر

أعد المستشار محمد عبدالوهاب خفاجي عضو الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، بحثًا حول طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية وفقا لما جاء بالدستور والقوانين الدولية.وقال إن سلطة المشرع (البرلمان) في موضوع تنظيم الحقوق سلطة تقديرية حدها الطبيعي، قواعد الدستور التي لا تجيز العدوان على الحقوق والحريات والمبادىء الدستورية سواء من هدم ذواتها أو الانتقاص منها، متسائلًا عن مدى قدرة مجلس النواب في ممارسة اختصاصه المحجوز دستورياً في سن التشريغ بالخروج عما يخالف أحد المبادىء الدستورية منها مبدأ استقلال القضاء.كما تساءل الباحث عن كيفية تحقيق استقلال القضاء بعد اتجاه مجلس النواب لتقنين طريقة اختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية بواسطة السلطة التنفيذية، وكيفية قبول رؤساء تلك الجهات أن يكون أحدثهم رئيسًا لأقدمهم، ومدى تقويض القانون لمبدأ الفصل بين السلطات، وأجاب عن السؤال في 11 مبحثًا فرعياً.ذكر خفاجي أن استقلال السلطة القضائية جاء في 10 نصوص دستورية باعتبارها أحد الضمانات الأساسية في المجتمع المتمثلة في حماية حقوق المواطنين وحرياتهم، فضلًا عن أنها سلطة أصيلة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية وتستمد وجودها من الدستور وليس من التشريع الذي لا يجوز له إهدار تلك السلطة.من بين تلك النصوص المادة 185 التي أقرت أن لكل جهة قضائية أن تقوم على شؤونها وألزمت مجلس النواب بأخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لها، وجميع تلك النصوص فرضت كضمانة لاستقلال السلطة القضائية في مواجهة السلطتين الأخريين. وحول مدى انتقاص المشروع من استقلال القضاء وانتهاك حرمة الدستور، قال إن السلطة التشريعية (البرلمان) قد تستتر وراء أحد الاختصاصات المنصوص عليها في الدستور لتمارس نشاطًا آخر يمنعه الدستور صراحةَ أو ضمنًا وهو ما حدث مع إصدار مشروع قانون "اختيار رؤساء الهيئات" وهو ما يسمى بالإنحراف التشريعي يتعين سدّه.وأوضح البحث أن المشرع (البرلمان) أخفى النوايا الحقيقية التي دفعته لإصدار القانون في عجلة مريبة في تمريره ولهفة في إصداره. مؤكدًا أن المشرع خلط الأغراض المخالفة للدستور –مبدأ استقلال القضاء- بأغراض ظاهرها الصحة ليحقق خفية ما عجز علانية عن إنفاذه.وعن مبدأ الأقدمية التي تسود في اختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية وتعامل مجلس النواب معه، قال معدّ البحث إن مجلس النواب تجاهل أنه في ظل النظام القضائي لا يجوز أن يكون المرؤوس رئيسًا لرئيسه، وأن الأقدمية هي مبدأ عريق في القضاء المصري والقانون الجديد يهدمه.وذكر أن حرية إرادة القضاة تعني حرية الاختيار ولا يعهد بهذا الاختيار إلى رئيس الجمهورية وحده، وبالقانون الجديد حُرمَ القضاة من اختيار رؤسائهم الاختيار الحر وهو ما يؤدي إلى إثارة الفتنة داخل الأسرة القضائية الواحدة.وفي المبحث الخامس، ناقشت الدراسة موقف رئيس الجمهورية من السلطات، وأشارت إلى أن دستور 1971 نص في مادته 73 بأن رئيس الجمهورية يرعى الحدود بيت السلطات لتأدية دورها في العمل الوطن، لكن في الدستور الجديد لم يعد (الرئيس) حكمًا بين السلطات الثلاث ولم يعد هناك في مصر دستورياً من له سلطة حل الخلافات التي قد تنشب بين "سلطات الدولة" سوى القضاء ذاته الضمان الوحيد للعدل والانصاف.ولفت إلى أن المادة 173 من دستور 1971 نصت على أن تقوم كل هيئة قضائية على شئونها ويشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية ويرعى شئونها المشتركة، مؤكدًا أن هذا النص ألغي في دستور 2014 وجاءت المادة 188 منه خالية من رئاسة المجلس الأعلى للقضاء من رئيس الجمهورية وهو ما يغل يد الرئيس عن التدخل في شئون العدالة بمعناها الواسع.وأوضح أن الدستور الجديد الذي جاء معبرًا عن إرادة الشعب في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وضع حدًا لتغول السلطتين التشريعية والتنفيذية على مبدأ استقلال القضاء التي أرستها كافة الدساتير.ومضت الدراسة في التفسير بأن مجلس النواب يطبق الدستور بمعيارين الأول فيما يخص اختيار رئيسه، والثاني اهدراه 10 نصوص دستورية عن استقلال القضاء في اختيار رؤسائه، مضيفة أن مجلس النواب قنن لنفسه اختيار رئيسه ومنع تدخل رئيس الجمهورية، وجعل علمه بمجرد الاخطار تطبيقًا للدستور، ويريد تشريعًا يعطي لرئيس الجمهورية سلطة اختيار رؤساء الهيئات مخالفًا بذلك مواد الدستور العشرة.وذهب بأن مشروع القانون ميز بين الجهات والهيئات القضائية عن بعضها البعض، عندما ترك المحكمة الدستورية العليا تختار رئيسها ونائبيه من جميعتها العمومية حسبما جاء بالمادة 193 من الدستور الحالي، بينما جعل اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية في يد الرئيس، مخلاً بمبدأ المساواة. مشيرًا إلى التماثل في المراكز القانونية بين الجهات والهيئات الخمسة وضرورة تطبيق المادة على كافة الهيئات.ولفت إلى أن تعديل المادة 44 من قانون السلطة القضائية في مشروع القانون جاء بطريق الأسلوب الافتراضي المتلاحق المتمثل في اختيار رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين 3 من نوابه ترشحهم الجمعية العمومية الخاصة بمجلس الدولة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس خلال 60 يومًا وإن رشح المجلس أقل من 3 أو تأخر في ارسال المرشحين وقتها يختار الرئيس الرئيس من بين أقدم 7.وأضاف أن تلك الطريقة الافتراضية التي انتهجها مشروع القانون الجديد، تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وتحديدًا في زمن حمورابي سادس ملوك الأسرة البابلية القديمة واستمر حكمه منذ 1728 حتى 1686 قبل الميلاد. وقال إن "ذلك يبين أن مشروع القانون ينم عن أن مجلس النواب استغان بهواة من المبتدئين في العلم القانوني الرصين ويفتقدون حرفة وصناع التشريع.وتطرقت الدراسة إلى مدى تطابق مشروع القانون مع المعايير والمواثيق والقوانين الدولية الموقعة عليها القاهرة مع دول العالم، مؤكدة أنه لا يجوز أن تتدخل السلطة التشريعية في تنظيم القضاء أو إعادة تنظيمه بما يمس استقلاله أو ينتقص منه.وذكرت الدراسة أن استقلال السلطة القضائية أصبح جزءًا من الضمير العالمي والوجدان الانساني عصي على التعديل أبي على التبديل، لافتة إلى أن الأسس الجوهرية لاستقلال السلطة القضائية تعني التزام المشرع بصياغة مبدأ استقلال السلطة القضائية في نصوص تحميها من الاعتداء والانكار، وأنه لا يمكن حماية حقوق المواطنين وحرياتهم إلا من خلال قضاء مستقل في مواجهة السلطتين التنفيذية والتشريعية.وأوضحت أن مبدأ استقلال القضاء مبدأ دولياً هامًا يشكل التزامًا دولياً على كافة الدول وفق ما جاء في مؤتمر العدالة الجنائية في العالم الغربي الذي عقد في مدينة سيراكوزا بايطاليا عام 1985.ودعت الدراسة مجلس النواب الاستجابة لاستقلال القضاة وتطبيق نص طريقة اختيار رئيس المحكمة الدستورية على سائر رؤساء الجهات والهيئات القضائية.وانتهت الدراسة بالقول أن "مشروع القانون يحيي مذبحة القضاة في ستينات القرن الماضي، ووصفه أنه لا استواء له ولا من كيان يقيمه وينهدم من أساسه ليفقد شرعية وجوده دستورياً".