«التوحد هدية ونعمة من الله، فالأطفال التوحديون هم أطفال استثنائيون يملكون أحاسيس ومشاعر مرهفة لا يملكها غيرهم من الأطفال»، هذا ما قالته أم الطفل يوسف علي عسكر، والذي سيطفئ قريباً شمعته الرابعة. التحق يوسف في عامه الأول بإحدى الحاضنات، لم تعتقد والدته بأنه يعاني من خطب فهو مازال صغيراً ولا يمكن تشخيصه، إلا أنه بعد انقضاء الفصل الدراسي الأول استدعت مديرة الروضة والدته». وأثناء هذا الاجتماع كانت بداية المشوار مع يوسف، إذ قالت والدته: «إن مديرة المدرسة اجتمعت معي لمعرفة ما إذا كان يوسف لديه نفس الطباع في المنزل، فهو لا يتفاعل مع من حوله، وكانت فقط تقوم بوضع النقاط على بعض السلوكيات». وأضافت «عدت إلى مكتبي وبدأت في إجراء البحث وتبين بأن جميع سلوكيات التوحد هي نفسها التي يمتلكها يوسف، حجزت سريعاً لدى إحدى الطبيبات المتخصصات في تشخيص التوحد، إلا أن المفاجأة أنها أكدت أنه طبيعي، إلا أنني كنت على علم بأنه غير طبيعي فسلوكيات التوحد في يوسف وأراه ولا أحتاج بأن يبلغني أحد بذلك». وتابعت: «راجعت أحد المراكز وهناك شخصه أحد المختصين بأنه يملك صفات التوحد إلا أنه لا يمكن تأكيد ذلك لكون عمره لم يتجاوز ثلاثة أعوام، لم أستطع الانتظار، لذا بدأت معه بعض برامج العلاج السلوكي ومن أهمها برنامج النطق، وفي تلك الأثناء راسلت إحدى المستشفيات في كندا وبعد حجز الموعد غادرنا إلى هناك وتم تشخيصه بأنه يعاني من التوحد بشكل متوسط، وأعطينا برنامجاً وبقيت معه هناك لمدة شهر». وأضافت «واصلت معه نفس البرنامج حتى بعد عودتي إلى البحرين ومازلت أواصل على نفس البرنامج، بعد عودتنا نقلته من المركز الذي كان فيه قبل السفر إلى مركز آخر، فبحسب ما ذكره المختصون في كندا فإنه بحاجة إلى أن يكون في مركز متخصص يضم برامج سلوكية وتأهيلية، لذا نقلته إلى مركز آخر ومازال في نفس المركز». وتابعت «أحاول قدر المستطاع أن يستفيد يوسف من البرامج، وذلك من خلال شغل البرنامج اليومي ببرامج عديدة حتى لا يكون لديه المجال بأن يكون في عالمه الخاص، لذا فهو على طوال الأسبوع في أحد المراكز، إضافة إلى أن لديه برامج خلال فترة المساء، كما أنه يتلقى العلاج بالموسيقى لأن الموسيقى هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن تساهم في تشغيل كل أعصاب المخ، إلى جانب أنه تحسن من مستوى التخاطب والتحدث». وذكرت أم يوسف أن أطفال التوحد تعليمهم يختلف عن باقي الأطفال، إذ إن تعليمهم لابد أن يكون مستمراً ولا ويجد وقت فراغ حتى لا يعود الطفل إلى عالمه. وذكرت أم يوسف أنه شخص قبل أشهر في البحرين بإصابته بالتوحد، مبينة بأنه تم تشخيصه فقط ليتم إدراجه ضمن الأطفال المشخص إصابتهم بالتوحد، مشيرة إلى أنه في اللحظة التي شخص فيها يوسف في المرة الأولى بدأت تشعر بالقلق والخوف فهو ليس مرض سيشفى منه فهو جزء منه سيعيش معه، ملفتة إلى أن التفكير في المستقبل مقلق على الرغم من أن هناك قصص نجاح لمصابين بالتوحد استطاعوا أن يصبحوا أساتذة جامعة. وعن نظرة المجتمع لفتت إلى أن هناك قلة توعية بشأن التوحد، مبينة أنها كأم لطفل توحدي فإن بعض النظرات تزعج الأم وخصوصاً إذا كان الطفل في مكان عام وقد بدأ بالصراخ والبكاء إذ إن في تلك الأثناء يبدأ الجميع في النظر باستنكار إلى الطفل ووالديه، مشيرة إلى أن تلك النظرة تزعج الأهل، فضلاً عن بعض التعليقات والتي تشير إلى أن الطفل لا يعي ما بحوله وإنه يعيش في عالمه وحيداً. وقالت: «يجب أن يكون هناك استيعاب إلى النوبات التي قد يتعرض لها الطفل التوحدي، فهم أطفال حساسون لهم حساسية اتجاه الأصوات لا يحتملون الصراخ». وقالت: «لا يمكن أن يكون هناك طفل مشخص بالتوحد ولا يحصل على علاج، فالعلاج هو الأهم في بداية المرحلة فهو الذي سيؤهله إلى الالتحاق بالمدرسة، لذا يجب أن يوفر علاج لهذه الفئة، إضافة إلى أنه يجب أن تكون المدارس مهيأة لاستقبالهم حتى وإن كانوا غير قادرين على النطق، ففي كندا هناك صف دراسي لطلبة التوحد في كل مرحلة، إلى جانب أن هناك معلمين يتواصلون معهم بلغة الإشارة وهذا ما نفتقده في البحرين، فأغلب المدارس رفضت أن تستقبل يوسف لكونه غير قادر على النطق سابقاً، في الوقت الذي تطور لديه النطق مؤخراً وأصبح قادراً على تكوين بعض الكلمات والجمل البسيطة». أما حلم أم يوسف فهو أن يكون يوسف مستقلاً، مبينة أنه لا يمكن تحديد مدى استقلاليته إلا أن هناك قصص نجاح قد تزرع الأمل في نفوس العديد، مؤكدة بأنه في حال لم يحصل يوسف على فرصة التعليم في البحرين فإنها ستشد الرحال مع عائلتها المكونة منها ومن زوجها وابنتها ياسمين ويوسف إلى خارج البحرين، موضحة أنها تسعى بكل ما لديها أن يتلقى يوسف التعليم المناسب الذي يؤهله للمستقبل ويجعله يتمتع بالاستقلالية.