من الأمثال التي نتداولها كثيراً: (من شب على شيء شاب عليه) بمعنى أن من اعتاد على سلوك ما فإنه يصبح طبعاً متأصلاً فيه، والتنشئة الاجتماعية التي يتربى عليها الإنسان تؤثّر في سلوكه مدى الحياة سلباً أو إيجاباً، وتصبح عاداته في النهاية هي ما يشكّل نمط حياته في النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية والعقلية وحتى في المظهر وطريقة التفكير، في البيت والعمل وفي كل مكان. عندما يعتاد المرء على أمر ما يصبح سهلاً، والعادات الحسنة تريحه وتسهل حياته ولذلك لا يشعر بالحاجة إلى تغييرها، ولكن المشكلة مع العادات السيئة التي تضره وتؤثر بمن حوله، مثل التدخين أو الإنفاق غير المدروس، أو الإفراط في الأكل، أو السهر أو كثرة النوم، أو الإدمان على الانترنت وعلى متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، أو الخروج اليومي والتسكع، والتأخر عن المواعيد، أو الكسل وتأجيل الأعمال، أو كثرة التذمر أو الثرثرة أو الكذب، وغيرها من العادات الضارة، فالسلبيات التي تنتج عنها واستياء من حوله تشكل عامل ضغط، فيجد نفسه أحياناً مرغماً على تغييرها وبدء عادات جديدة. والسؤال هنا: كيف تبدأ العادة السيئة وما مسبباتها؟ تنتج العادة السيئة بسبب شعور بالإجهاد أو الملل أو التوتر والقلق، وتكون العادة وسيلة للتغلب على هذا الشعور أو تخفيف الإحساس به، وقد يكون وراء هذا الشعور أسباب كامنة معروفة أو غير معروفة، وربما أن بعض الأفكار التي يعتنقها الإنسان تدفعه إلى الاستمرار، والتغيير هنا يتطلب الكشف عن هذه العوامل ومواجهتها بصدق وشجاعة، أما إذا تجاهلها أو قلل من أهميتها فلن يتغير شيء، خصوصاً أن تلك العادات كما ذكر تحقق شيئاً من الفائدة أو المتعة الجسدية أو النفسية لصاحبها، وهذا هو سر تمسكه به وصعوبة إقلاعه عنها حتى ولو كانت وقتية أو مضرة على المدى البعيد، ولذلك ينصح باستبدالها بعادات نافعة تحقق المتعة أو الفائدة نفسها، فالتوقف صعب إذا لم يحدث إحلال عادة بعادة أخرى مفيدة، وإذا لم يدرك الشخص المحفز والدافع والوقت والظرف المحيط بتلك العادة فلن ينجح، فهو أمام مشكلة كغيرها من المشكلات لا تحل إلا بجهد وإرادة وبطريقة منطقية.