في الأسبوع الماضي احتفل فرع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة باليوم العالمي للخدمة الاجتماعية تحت شعار «الخدمة الاجتماعية والتنمية المستدامة للمجتمع والبيئة» بتنظيم واهتمام من إدارة مركز التأهيل الشامل للإناث في محافظة جدة يشكرون عليه، وعلى مدار يومين تم من خلالهما طرح ومناقشة مواضيع مختلفة تهُمنا جميعاً كمواطنين كُلفنا بالعمل مع المستفيد من الخدمات التي تقدمها القطاعات المختلفة له، وكذلك تهُم منسوبات ومنسوبي الخدمة الاجتماعية كمهنة إنسانية تتطلب الكثير من المبادئ المهنية التي لا تخِلُ بشرف المهنة ومكانتها العلمية، ولا تسيء للعاملين فيها سمعة ومكانة وظيفية والتي من أهمها «تلبية احتياجات المستفيدين» مهما كانت الضغوط العملية والنفسية!. ولقد كان لي شرف المشاركة بهذه الاحتفالية من خلال ورقة عمل تناولت «دور الإخصائي الاجتماعي في حل مشكلات العنف الجسدي والتحرش مع ذوي الإعاقة»؛ وما هي الإجراءات التي يجب على الإخصائيين العاملين مع هذه الفئة الحساسة اتخاذها فوراً تجاه تعرضهم للعنف الجسدي أو الجنسي منعاً لتكرارها! وبحكم خصائصهم الجسدية والنفسية والعقلية والاجتماعية التي يتسمون بها وباختلافاتها الواضحة لمن حولهم، فإنهم بلا شك يتعرضون لأنواع مختلفة من الإساءة سواء داخل محيط الأسرة أو المراكز الإيوائية أو النهارية على مستوى العالم وليس على المستوى المحلي فقط (إذا تم إهمال حمايتهم ومتابعتهم عن قرب، ولم يتم اختيار الكوادر المُدربة للعمل معهم، أو تم القصور في تلبية احتياجاتهم الأساسية، وإهمال دعمهم عاطفياً وأُسرياً ومؤسسياً)؛ فإن هذه الجوانب السلبية إلى جانب خصائصهم العقلية والشخصية والجسدية كفيلة بتعرضهم بسهولة للعنف بأنواعه المختلفة وخاصة «التحرش الجنسي» الذي يعتبر من أخطر أنواع العنف الجنسي؛ لعدم إدراكهم لأهداف المعتدي الحقيقية ضدهم، ولعدم استيعابهم للهدف الأساسي من هذا الاستغلال الجنسي الذي قد يستهوي فئة منهم لأسباب نفسية خارجة عن إرادتهم وإدراكهم وتقوم على إشباع احتياجاتهم العاطفية والجنسية بالدرجة الأولى!.. لذلك من خلال هذه المشاركة وجهت رسالة مهمة جداً للإخصائيات الاجتماعيات والنفسيات وجميع الفريق العلاجي في مراكز المعاقين على أهمية تقصي سلامة الحالات الجسدية بشكل دوري داخل المراكز، أو بعد عودتهم من الزيارات الخارجية بشكل دقيق وشامل لجميع أعضائهم الجسديةوتدوين التقارير التي تثبت سلامتهم أو تعرضهم لأي اعتداء، والاتصال بمركز البلاغات 1919 بناء على اللائحة التنفيذية رقم 9 من المادة الثامنة من نظام الحماية من الإيذاء والتي تنص على «في حال كان الإيذاء صادراً ضد نزيلة في إحدى الدُور التابعة للوزارة تقوم وحدة الحماية بإبلاغ الشرطة لتتخذ ما يدخل في اختصاصها ومتابعة هذا البلاغ مع عدم الإخلال بحق النزيلة في المطالبة بالتعويض».. فهذه المادة لا تعطي عذراً لأي مسؤول يعمل مع هذه الفئة أو غيرها بعدم التبليغ عند اكتشاف تعرضهم للأذى مهما كان نوعه، والمطالبة بحقوقهم والدفاع بكل إخلاص عن حمايتهم، فهم عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم.. والمكلفين بالعمل معهم «حُماة» لهم وذلك بناء على الأمانة التي كلفوا بها أمام الله، وإلا فإنهم محاسبون أمام الله عندما يتخاذلون وينسحبون من دورهم الإنساني تجاه حماية هؤلاء الضعفاء.