تونس: المنجي السعيداني أطلق ثوار ليبيا مبادرة مصالحة وطنية انطلاقا من تونس، وحضر أحد عشر قائدا للثوار ورئيس قبيلة مؤتمرا صحافيا عقد في العاصمة التونسية أمس، وأعلنوا خلاله تأسيس تجمع «لأجلك ليبيا». ويمثل هؤلاء القادة السياسيون مناطق ليبية كثيرة، من بينها مصراتة وسبها وبنغازي وتاجورا والزنتان ومرزق. ولئن تباينت الآراء حول خطوات المصالحة، فقد اعترف معظم المتدخلين بصعوبة تنفيذ المصالحة الوطنية في ليبيا لتشعب الملفات، وانتشار الأسلحة بكثافة وضياع سلطة الدولة، لكن عماد الكوني، عضو المكتب السياسي والمنسق العام لتجمع «لأجلك ليبيا»، قال إن ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 تمثل كل الليبيين ولا يمكن اختزالها في أشخاص معينين، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ترعاها الجمعية التونسية - الليبية للتضامن والأعمال الخيرية. وقال الكوني إن المصالحة الوطنية ستبدأ بمحاولة فض ملف النازحين الليبيين داخل ليبيا وخارجها، مبرزا أن ملف المصالحة الوطنية هو الذي يمثل العائق الأكبر أمام بناء الدولة الليبية ما بعد الثورة. وبشأن تعدد مبادرات المصالحة الوطنية، وتزايد الحديث عن مبادرة فاطمة حمروش انطلاقا من مالطا، ومبادرة الجامعة العربية، ومبادرة محمود جبريل، وكذلك مبادرة راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية، قال نصر بلقاسم بلحاج، رئيس تجمع «لأجلك ليبيا»، إن تعدد مبادرات المصالحة يؤكد حاجة الليبيين الأكيدة لهذه الخطوة السياسية المهمة لبناء الدولة وإعادة الاستقرار. ورأى بلحاج في كثرة المبادرات عنوان صحة ومحاولات جادة للخروج من الأزمة، وقال إن تجمع «لأجلك ليبيا» مستعد للتعامل مع كل المبادرات التي تخدم مصالح الليبيين، على حد تعبيره. على صعيد متصل، فند مصطفى الأبيض، عضو تجمع «لأجلك ليبيا» وقائد ثوار مصراتة، الأخبار المتواترة عن الوضع الأمني المتوتر في ليبيا، وقال إن الثورة جرت، وإن الوقت قد حان للجوء الليبيين إلى صناديق الاقتراع. وتابع: «نحن ثوار في ليبيا، ولكن لسنا ثوارا على طريقة تشي غيفارا أو معمر القذافي، بل ثوار يريدون الذهاب بالبلاد نحو الديمقراطية». وذكر الأبيض لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يمكن الحديث في ليبيا عن فصائل سياسية متناحرة، وتابع قوله موضحا «لا يوجد أبطال للثورة ولا توجد ميلشيات قوية تحكم على الأرض». وفند الأبيض في المقابل الحديث عن كثرة الأسلحة وانتشارها في ليبيا ووقوفها وراء انعدام الاستقرار الأمني والسياسي، وقال في تصريحه لو أن تلك الأسلحة وجدت في أي بلد آخر فإن الكارثة ستكون أعمق بكثير مما رأيناه في ليبيا خلال الثلاث سنوات الأخيرة. وبشأن اختيار تجمع «لأجلك ليبيا» لتونس لتفعيل أولى خطوات مبادرة المصالحة الوطنية، قال الأبيض إن تونس تؤوي حاليا قرابة 400 ألف ليبي بشكل دائم، «ونحن فضلنا التوجه لهؤلاء الليبيين في أولى خطوات المصالحة، وفي برنامجنا زيارة العائلات الليبية في تونس ودراسة مشاكلها والتفكير في حلول لها قبل العودة بها إلى ليبيا». ونفى الأبيض أن تكون ليبيا مقدمة خلال الفترة المقبلة على قمع أنصار العقيد الليبي السابق، وقال في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إن القانون صريح في هذا الباب فمن لم يرتكب جرائم إبادة بحق الليبيين أو لم يكن مطلوبا للعدالة الليبية بإمكانه العودة على الفور. وبشأن المطلوبين العشرة الذين طالب بهم وزير الداخلية الليبي صالح المازق خلال زيارته إلى تونس خلال الأسبوع الماضي، قال الأبيض: «لهذه الأسباب، أردنا دراسة ضمانات عودة الليبيين من تونس». وأضاف قائلا: «إن هذا القرار لا يمكن اتخاذه إلا بعد ضمان حلول مرضية للمشكلة في مواطنها الأصلية». وتنص الورقة التأسيسية لتجمع «لأجلك ليبيا»، على مجموعة من الرؤى والأهداف العامة؛ من بينها احترام الحريات العامة وحقوق الإنسان حسب القيم الإسلامية والموروث الثقافي للشعب الليبي، ونبذ العنف بكل إشكاله ومكافحة الإرهاب والتطرف الفكري، والتداول السلمي للسلطة في إطار من الشفافية والمصداقية، ودعم السلم والأمن الدوليين والمساهمة في استقراره، بالإضافة إلى احترام حق المواطنة وحسن الجوار وكل المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.