دبي: «الشرق الأوسط» استقبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بحضور الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي أمس، محمد جواد ظريف، وزير الشؤون الخارجية الإيراني والوفد المرافق. وتبادل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والوزير ظريف الحديث حول العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وإيران والوضع في المنطقة وسبل تعزيز أسس السلام والاستقرار لشعبيهما والعالم. وتلقى الشيخ محمد دعوة رسمية من الرئيس الدكتور حسن روحاني، الرئيس الإيراني، لزيارة طهران وقبلها حاكم دبي شاكرا. إلى ذلك، أكد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، أن العلاقات بين بلاده وإيران علاقات قديمة وتاريخية تضرب بجذورها في عمق التاريخ وترتكز على أسس متينة من الاحترام المتبادل والتعاون المشترك من أجل أمن واستقرار المنطقة في ظل القيادة الحكيمة للبلدين. وقال الشيخ عبد الله: «هذا النهج الذي سلكه وأوصى به مؤسس الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ومن بعده الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات». وجاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الشيخ عبد الله بن زايد في ختام أعمال الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة بين الإمارات وإيران في ديوان عام وزارة الخارجية بحضور ظريف وزير الخارجية الإيراني، مؤكدا أن «عمل اللجنة وكل الجهود القائمة لدعم العلاقات بين الطرفين تحظى بتأييد وتشجيع قيادتي البلدين وتستهدف تعظيم الفائدة لشعبينا، وما اجتماعنا اليوم إلا دليل على حرص القيادة على تعزيز التعاون الثنائي بما يخدم المصالح المشتركة لكلا الطرفين والتمهيد للأرضية اللازمة لإحداث التقارب بين البلدين أكثر مما مضى». وأضاف الشيخ عبد الله مخاطبا ظريف: «إن إيران شريك استراتيجي لدولة الإمارات ولا يقتصر الأمر على التجارة والعلاقات الاقتصادية فحسب، رغم أهميتها، بل يعود إلى روابط ثقافية وحضارية مشتركة تظهر آثارها فيما تشاهدون في بلدنا وما نشاهده في بلدكم، ولا شك أننا ننظر بالكثير من لإيجابية إلى التوجه العام للرئيس روحاني في مقاربته لعلاقة إيران بمجلس التعاون لدول الخليج العربية ونرى أنها فرصه سانحة لتعزيز علاقاتنا التاريخية وإزالة الشوائب والاختلافات التي تعتريها». وقال: «لقد رحبت دولة الإمارات باتفاق جنيف الأخير (5+1) لإنجاح المفاوضات النووية، وأملنا أن نحافظ على منطقتنا خالية من خطر الانتشار النووي بما يعزز أمننا المشترك، وأن يفتح ذلك الباب أمام انطلاق طاقات أكبر للتعاون بين إيران ودول العالم وفي مقدمتها دول الجوار». وزاد الشيخ عبد الله بن زايد: «من هنا تأتي أهمية عمل هذه اللجنة وأنماط التعاون المماثلة الأخرى، فدولة الإمارات سوف تبذل كل الجهود لإزالة أي عقبة في طريق تعزيز العلاقات بيننا، ولا شك أن تعزيز الوجود الدبلوماسي والقنصلي هو وسيلة مهمة لتطوير العمل المشترك نحو تعاون أقوى وأوثق بين بلدينا». وقال: «حرصا على تطوير الحوار الدائم بين الجانبين جاءت زيارتنا الأخيرة لإيران نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إضافة إلى الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين من الجانبين تقديرا منا جميعا لأهمية التواصل المباشر كسبيل أمثل لتجاوز أي تحديات من خلال تبني منهج الحوار، وربما لا يقل التعاون الثقافي والفني أهمية عن التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري، وكل ذلك يعطي بعدا شعبيا للشراكة بين البلدين». وأعرب الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان عن أمله في أن يرتكز عمل هذه اللجنة على «وضع الأطر والترتيبات الإجرائية التي تمهد الأرضية لمزيد من التعاون بين بلدينا بما يحقق مصالحنا المشتركة، ومع الأخذ في الاعتبار الالتزامات الدولية للطرفين والتطلع لآفاق أرحب يزال فيها كثير من العقبات التي تحد من التبادل التجاري والاقتصادي والتعاون الاستثماري». وقال: «من هذا المنطلق تستطيع اللجنة المشتركة بين البلدين، أن تبدأ في إرساء الأسس والقواعد المطلوبة لتحقيق هذا الطموح وهذه الرؤية وبدء فصل جديد من العلاقات»، لافتا إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل قبل عدة أعوام إلى أكثر من 44 مليار درهم (11.9 مليار دولار) سنويا، لكنه تراجع في السنوات الأخيرة إلى نحو 25 مليار درهم (6.8 مليار دولار) عام 2012، ويحدونا الأمل باستمرار الانفراج بين إيران والعالم بما يسمح لنا بالوصول إلى تلك المعدلات السابقة وتجاوزها». وأكد وزير الخارجية الإماراتي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإماراتية (وام) أن هناك «فرصا كبيرة أمام القطاع الخاص من الجانبين للاستثمار المتبادل بمجرد إزالة العقبات التي تفرضها الالتزامات بالمقررات الدولية وتوفر الأطر والاتفاقيات التي يجب أن تعمل اللجنة عليها من الآن، ولا يقتصر ذلك على مجالي الطاقة والصناعات الغذائية والدوائية، وإنما هناك مجالات أوسع للتعاون يمكن الاستفادة منها على سبيل المثال هناك الخدمات المالية والمصرفية والطاقة المتجددة البديلة». من جانبه، شكر وزير الخارجية الإيراني الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان على استضافة الإمارات لاجتماعات اللجنة وعلى حسن الضيافة والاستقبال، وقال إن «اجتماع اللجنة وفر لنا فرصة طيبة للحوار والتناغم بين القطاعين الحكومي والخاص في المجالات كافة ووضع خريطة عمل لتطور العلاقات الثنائية بين البلدين». ونوه برؤية الرئيس روحاني تجاه دولة الإمارات والمبنية على أسس الأخوة والتفاعل والحوار البناء والحرص على تعزيزها وتوسيعها، مؤكدا أهمية الاستفادة من الإمكانيات والفرص المتاحة لدى البلدين للوصول إلى الأهداف المرجوة لمصلحة البلدين، مشيرا إلى أن العلاقات الإماراتية - الإيرانية لطالما كانت أخوية وجيدة جدا، وأن أساس تحويلها إلى شراكة استراتيجية في المنطقة وبلوغ علاقات رفيعة المستوى جاهزة وموجودة. وأضاف: «إن التعاون الكبير والمفاوضات الإقليمية والثقة المتبادلة في المنطقة أمر استراتيجي ومطلوب من كل الدول، وإن الأمن والاستقرار هما البنية التحتية لازدهار اقتصاد الأمم، فالدور الذي تلعبه الحكومات في هذا الجانب مهم جدا، كما أن السمات المشتركة في هذه المنطقة كبيرة وواسعة النطاق وعميقة أكثر من أي مسألة أخرى قد تخلق انقساما فيما بيننا؛ لذا فمن واجبنا المشترك لخدمة شعبينا خلق سلام دولي». وتابع: «علينا أن نبذل الجهود من أجل تنويع الروابط الموجودة بيننا، فنحن نؤمن بصدق بأن الدول الإقليمية عليها أن تلعب دورا مهما في المنطقة، ونُصر على الحوار والمفاوضات البناءة مع الدول المجاورة لحل المشكلات في المنطقة من خلال تأكيد القواسم التاريخية المشتركة والإقليمية والاحترام المتبادل بطريقة متساوية آخذين بعين الاعتبار مصلحة بلدينا والمنطقة». وقال إن «منطقتنا تمر بوضع حساس ودقيق؛ لذا فإن للإمارات وإيران دورا مهما ومؤثرا، فالمنطقة مهددة بالإرهاب والراديكالية، وبالتالي فإن الأمر يتطلب حكمة القيادات والحوار المستمر بين كبار المسؤولين في البلدين».