أكد فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن حسن المريخي الخطيب والداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، أن الدين الإسلامي شدد على خطورة الكذب، وأضاف: أن من غضب الله على عباده ابتلاءهم بمرض الكذب، وأن أخطر الكذب هو على الله ورسوله، وأن المنافقين يسعون بكذبهم ليبدلوا الحق بالباطل. وأضاف: أن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبده خيراً وفقه للصلاح والعمل الصالح والخلق الكريم، فكان أحسن المخلوقين، وإذا أراد بعبده سوءاً أوكله إلى نفسه بما كسبت يداه فظهر فاسداً مفسداً ذا خلق سيئ وطبع فاسد، وتابع: أن الإسلام دعا إلى التحلي بالأخلاق الكريمة والابتعاد عن الأخلاق السيئة التي تودي بمروءة المرء وشيمته ودينه وتسقط آدميته وإنسانيته (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) ومما حذر الله تعالى منه عباده ورسوله صلى الله عليه وسلم خلق الكذب، وكفى بالمرء خسة أن يكون كذاباً يشار إليه من بعيد، وإذا ذكر الكذب تذكروا المتصف به. 280 آية قرآنية عن الكذب أوضح خطيب الجمعة أن الكذب مذكور في كتاب الله في 280 آية جاءت هذه الآيات ذامة للكذب ومبينة عاقبة الكاذبين ومعلمة سخط الله وبغضه لهذا الخلق وأهله، فهو مذموم محرم على المسلم قولاً وفعلاً ضاحكاً به أو جاداً ومخادعاً أو محتالاً، ويكون اختراعاً لقصة لا أصل لها، أو زيادة في القصة، أو نقصاناً يغيران المعنى، أو تحريفاً، أو إخباراً عما لا وجود في الواقع بقصد التحايل واجتلاب النفع، واستدفاع الضر، وحب الظهور والبروز، ونيل المراتب المزيفة من رتب هذه الدنيا من الثناء والمدح، والوصف بالمعرفة والثقافة، أو التشفي من إنسان بوصفه بأقبح الأوصاف أو حب الترَؤُّس أو لسوء الطويّة وقلة الأدب حتى ترادف عليه فألفه فصار عادة له ومنهجاً. مآسي كذبة أبريل أضاف المريخي: أن الكذب خطر على خلق المسلم ودينه، وقد حذر رسول الله أمته من الكذب أيّاً كان حاله مازحاً أو جاداً فيه، ولفت إلى أن الغافلين اعتادوا أن يتعمدوا الكذب أو يحدثوا أحداثاً مكذوبة في أول الشهر الرابع الأفرنجي الميلادي يسمونها بكذبة أبريل، يضحك بعضهم بعضاً ويتعمد الكذب ليسجل موقفاً محرجاً لصديقه أو زميله، أو يحدث ممازحة يمازح بها أصدقاءه وزملاءه ورفقاءه، فيقول: هذا مزاح أو هذه كذبة بيضاء، والبعض يحاول أن تكون كذبة أبريل قوية جداً جهلاً منه وغفلة عما يسببه الكذب من مآس ومحن، فيوقظ نائماً من نومه ليبلغه خبراً مفجعاً أو يتصل بصاحبه أو قريبة وهو في بلده يستدعيه للمساعدة لمصيبة نزلت به، فإذا وصل إليه أخبره بكذبة أبريل. وأوضح د.المريخي أن البعض أفتى بأن الكذب أبيض وأسود ولقد افتروا على الله الكذب (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ). وأوضح أن "كذبة أبريل" تتسبب في مصائب ومشاكل ومحن، فمن أخبر بوفاة عزيز عليه أو حدوث حادث لحبيب إليه، أو نزول مرض بصديق له وأصيب البعض بأمراض السكر وضغط الدم بسبب شدة الصدمة بالخبر المكذوب، وأضاف: أن فقد البعض صوابه ورشده وعقله وتقاطع البعض بسبب الكذب واللعب بدين الله والاستهتار بحدود الله والاستهزاء بزجر الله ورسوله (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) أقبح الأوصاف أكد د.المريخي أن أعظم الكذب هو الكذب على الله ورسوله، الذين يقولون على الله ما لم ينزل به سلطاناً يضللون الناس، ويصدون عن سبيل الله فيقولون على الله، ويفترون عليه الكذب فيبتدعون البدع والطرق والسبل والمخالفات والتأويلات، ويقولون: هذا من عند الله، وهذا دين رسول الله، وهذه سنته وهم يكذبون، وأوضح أن المولى عز وجل وصف أهل الكذب بأقبح الأوصاف وذمهم ونفى عنهم الإيمان بآياته، فهم المنافقون ضعاف النفوس المخادعون خبثت نفوسهم، وانتكست بصائرهم وظنوا أنهم سيخدعون الله تعالى كما يخدعون الناس، يقول تعالى (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) فقدان الثقة نوه المريخي بأن المرء يفقد الثقة فلا يصدقه الناس أبداً لكثرة كذبه عليهم، وإن الكذب من أصحاب القدوات وذوي المسؤوليات ليس كباقي الكذب فأثره كبير وخطره عظيم، ولا يجوز الكذب في الشريعة إلا في ثلاث مواضع يقول رسول الله (لا يصلح الكذب إلا في ثلاث الرجل يكذب في الحرب والحرب خدعة والرجل يكذب بين رجلين ليصلح بينهما والرجل يكذب للمرأة ليرضيها بذلك) رواه أحمد ومسلم بمعناه، ولفت إلى قول رسولنا الكريم: (ليس الكذاب الذي يصلح بين اثنين، أو قال: بين الناس، فيقول خيراً أو ينمي خيراً) رواه البخاري ومسلم.;