×
محافظة المنطقة الشرقية

مستشفى الولادة بحفر الباطن يكرِّم جمعية «معافى»

صورة الخبر

في زمن ما، كانت القضية الفلسطينية قضية مركزية اجتذبت يابانيين وإيرلنديين وإيطاليين وجنوب أميركيين وغيرهم من "أجانب" أتوا ليشاركوا في حرب ليست حربهم، في سبيل أرض ليست أرضهم. في زمن ما، كان ثمة من يصل من بعيد، من دون أن يُعدّ من المرتزقة، لأن محرّكه الأساس كان دعم قضية رآها محقة في وجه ظلم اعتبره تهديداً لإنسانيته إن هو تجاهله. في أجواء يوم الأرض يعود هؤلاء إلى الذاكرة، وسط نسيان (أو حتى جهل بوجودهم) طغى على ما قدموه، وإزاء تجاهل يلحق بهم في السرديات التاريخية والسياسية، لا سيما من جهات بعضها كان قد تخلى، في وقت سابق، عن حماية هؤلاء أو أقله الاعتراف بجميلهم. في ما يلي بعض أبرز من عبروا القارات لخدمة القضية الفلسطينية، في وقت كان العالم ساحة قتال مشتركة، بينما عمل كثر سراً ولم يتح لأحد إنصافهم، وثمة من لعبت الذاكرة ضده فسقط في النسيان. قد لا يتفق كثر حسب الظروف الحالية مع أساليب النضال التي اعتمدها بعض هؤلاء، باعتبارها "أساليب إرهابية"، لكن العودة إليهم في هذا الوقت تسهم في رسم صورة مختلفة عن "أجانب" يحارب سوادهم الأعظم اليوم كمرتزقة، لقاء أجر مادي أو فكرة متطرفة. كوزو أوكاموتو في العام الماضي، ظهر كوزو أوكاموتو في فيديو تكريمه من قبل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، بسنواته الـ69، متعباً، شارد الذهن، قليل الكلام وشديد التأثر. كثر يذكرون تاريخ كوزو، أو "أحمد الياباني"، في نضاله لأجل فلسطين، لكن ثمة أكثر منهم لا يعني لهم الاسم شيئاً. في أواخر مايو من العام 1972، قام كوزو مع اثنين آخرين من أبناء بلده اليابان، هما تسويشي أوكادايرا (باسم) وياسويوكي ياسودا (صلاح)، باقتحام مطار اللد، وقد أسفر الهجوم عن قتل حوالي 26 إسرائيلياً وجرح عشرات آخرين. لم يُكتب لرفيقي كوزو النجاة، بينما وقع هو في أيدي الإسرائيليين، فحُكم بعدد من المؤبدات. بدا كوزو في المحكمة حينها، بسنواته الـ28، مفعماً بالنشاط والتحدي. واجه المحتل من خلف القضبان قائلاً "إنني جندي في الجيش الأحمر الياباني أحارب من أجل الثورة العالمية، وإذا متّ سأتحوّل إلى نجم في السماء". 13 عاماً قضاها في السجون الإسرائيلية، شهد فيها صنوفاً من التعذيب لا يمكن احتمالها. عندما خرج من السجن في العام 1985، في صفقة تبادل أسرى إثر "عملية الجليل"، لم يكن الشخص نفسه الذي دخله، بدا شبح إنسان يعاني من أعطاب جسدية ونفسية حرجة. في العام 1997، وبضغط من الحكومة اليابانية التي كانت لا تزال تعده على لائحة المطلوبين، عمدت السلطات اللبنانية إلى اعتقاله بتهمة "الإقامة غير الشرعية" (وكان من ضمن المعتقلين الخمسة كذلك المخرج الياباني الشهير ماساو أداتشي الذي كان قد أتى إلى لبنان كذلك لدعم القضية الفلسطينية). لاحقاً، رضخت السلطات لضغوط عديدة من رفاق ومنظمات ومجتمع مدني فأطلقت سراحه (بينما رحّلت رفاقه)، ومنحته اللجوء السياسي شرط الامتناع عن أي نشاط سياسي أو الظهور في وسائل الإعلام.أقوال جاهزة شاركغرد"أجانب" أتوا ليشاركوا الفلسطينيين في حرب ليست حربهم، في سبيل أرض ليست أرضهم شاركغردباع فرانكو أملاك والده وتبرع بها للمخيمات الفلسطينية، كما اشتهر بدقته في استخدام راجمات الكاتيوشا فوساكو شيغونوبو بدأت حكاية فوساكو مع فلسطين في طوكيو العام 1969. في ذلك الوقت، انشقت مجموعة من الناشطين عن الحزب الشيوعي الياباني وشكلت ما يعرف بـ"فصيل الجيش الأحمر". تولت فوساكو منصباً قيادياً في الفصيل، وكانت مهمتها إدارة العلاقات الخارجية. بعد عامين، اعتقل معظم قادة الفصيل بعد اختطافه لطائرة من طوكيو، وبدا أن الفصيل قد فقد رونقه ولم يعد ثورياً بعدما تخلى عن النشاط العملي لصالح الإيديولوجيا. التقت المناضلة اليابانية لاحقاً بتسويوشي أوكودايرا (أحد المشاركين في عملية اللد) وقررا البحث عن طريق يسمح لهما بمناهضة الظلم، فانتقلا لاحقاً، وتحديداً في العام 1971، إلى بيروت بهدف التعرف أكثر على القضية الفلسطينية واستبيان أساليب دعمها. وكان بدء العمل مع "الجبهة الشعبية". بعد عملية اللد، واعتقال أوكوموتو، سُلّطت الأضواء على المشاركة اليابانية في الحرب ضد إسرائيل، وجرى الإعلان عن مسؤولية "الجيش الأحمر الياباني" في بيروت عن العملية. من بين العمليات التي شارك فيها اليابانيون كانت كذلك "عملية لاهاي"، التي هدفت لحجز رهائن فرنسيين لمبادلتهم برفيق لهم كان سبق واعتقل في باريس. في العام 1974، أعلن رسمياً عن تأسيس "الجيش الأحمر الياباني"، من أجل توحيد الجهود الفردية لليابانيين، والعمل بشكل جماعي والتنسيق مع الجبهة الشعبية وليس العمل تحت مظلتها كما كان يحصل. حققت فوساكو ورفاقها اختراقات ملحوظة، واستطاعت كسب تعاطف كبير في اليابان والعالم مع القضية الفلسطينية. لكن بعد عملية لاهاي وإصدار اليابان مذكرات توقيف دولية بحقها وأعضاء حزبها، بدأت الأمور تتأزم. في أواخر التسعينات، رفعت السلطات اللبنانية الغطاء عنهم، وهكذا وصلت فوساكو بين ليلة وضحاها إلى اليابان وجرى اعتقالها هناك. شباب وشابات عبروا القارات لخدمة القضية الفلسطينية، محرّكهم الأساس مواجهة ظلم اعتبروه تهديداً لإنسانيتهم شاركغرد في العام 2001، حلت فوساكو الحزب رسمياً من سجنها، وأعربت عن أسفها لضحايا الهجمات التي نفذتها منظمتها، إلا أنّها لم تعلن ندمها على القضية التي تبنّتها مجموعتها. لم يكن ثمة أدلة كافية على ضلوعها شخصياً بتلك العمليات، لكن القضاء رأى أنها كقيادية تتحمل مسؤوليتها في ذلك. واليوم تمضي فوساكو في السجن سنوات محكوميتها العشرين وهي تعاني من مرض السرطان، وتنتظر الخروج في العام 2023. أصدرت من وراء القضبان ثمانية كتب، أولها كان لابنتها الوحيدة مي بعنوان "قررت أن ألدك تحت شجرة التفاح"، وآخرها "موسم ثورتنا: من ساحة النضال الفلسطيني".أكمل القراءة بين لبنان واليابان، تتابع اليوم مي قصة والدتها وتعمل على التذكير بها "فنسيانها ونسيان القضايا التي دافعت عنها هو أسوأ ما يمكن أن يحصل"، لكن هل يذكر جميع من يحملون هذه القضية في قلوبهم أو يدعون حملها تلك السيدة التي أفنت شبابها في هذا السبيل؟ كارلوس في منتصف الشهر الحالي، أصدرت محكمة فرنسية حكمها الثالث بالسجن المؤبد على الفنزويلي إيلييتش راميريز سانشيز، الذي عرف دولياً بـ"كارلوس الثعلب"، بعد اتهامه بتنفيذ "هجوم إرهابي" في العام 1974 في باريس، قتل فيه اثنان وجرح العشرات. توجه من العاصمة الفنزويلية، حيث ولد في العام 1949 لعائلة ثرية، إلى موسكو للدراسة، هناك التقى بالأمين العام للجبهة الشعبية جورج حبش وتأثر بأفكاره وتبعه إلى بيروت. اعتبر رمزاً من رموز النضال لأجل القضية الفلسطينية في السبعينات والثمانينات، ولقب بالثعلب لنجاحه في التخفي طويلاً. من أشهر عملياته احتجاز وزراء نفط بلدان منظمة "أوبك" في فيينا في العام 1975، بالإضافة إلى عمليات كثيرة أخرى لا تحصى. انتقل في العام 1983 إلى سوريا ومنها إلى السودان التي سلمته للمخابرات الفرنسية في العام 1994، وهو يقبع منذ ذلك الحين في السجن الفرنسي وسط إجراءات مشددة. لم يكن ثمة أدلة واضحة على تورط كارلوس في تلك العملية، ويقول من شارك معه ومن تابعوا قضيته أن كل الأدلة لا تتعدى كونها منشورات صحافية، لكنهم يرون أن الدولة الفرنسية تحاكم ما تم في ذلك الوقت حسب ظروف اليوم. فرانكو فونتانا هو "الطلياني" الذي عاش ومات وهو يهجس بفلسطين. هكذا تختصر حكاية المناضل الإيطالي، الذي عرف باسم "جوزف ابراهيم"، والذي توفي قبل عامين ودفن في مخيم عين الحلوة الفلسطيني في لبنان. في العام 1969، وصل فرانكو، المولود في بولونيا في العام 1946، إلى لبنان بعدما سمع عن العمليات الفدائية التي كان ينفذها الفلسطينيون. من هناك، قاتل في الجناح العسكري في "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، وبقي في لبنان حتى العام 1982، تاريخ انسحاب "منظمة التحرير الفلسطينية"، إذ عاد إلى إيطاليا. كان فرانكو قد باع كل أملاك والده وتبرع بها للمخيمات الفلسطينية، كما اشتهر بدقته في استخدام راجمات الكاتيوشا. بعد غياب طويل، عاد "جوزف" إلى لبنان ليزور الرفاق والأماكن حيث ترك قلبه كما قال، فأصابته جلطة دماغية توفي على أثرها. عندما تدخلت السفارة لنقله، كانت المفاجأة أنه طلب في وصيته أن يدفن في مخيم اليرموك، وإن تعذر ذلك، في عين الحلوة. قال ابنه في تشييعه "سألت والدي يوماً عن الشعب الفلسطيني وعن قضيته وعن سر هذا التأييد الواسع للشعب الفلسطيني في كل دول العالم فقال: الظلم والعدالة والحرية. ونحن اليوم لم نخسر مناضلاً ضد الظلم ومن أجل الحرية، بل أيضاً خسرنا مفسراً دقيقاً للقضية الفلسطينية وعدالتها". رحل فرانكو الذي قال يوماً "قد أموت ولا أرى تحرير فلسطين، ولكن أبنائي أو أحفادي حتماً سيرون تحريرها، وعندها سيعرفون قيمة ما قدمته لهذه الأرض الطيبة ولهذا الشعب الصلب". أولريكا ماينهوف وأندرياس بادر يُعتبر كل من أندرياس بادر وأولريكا ماينهوف الأبوين الروحيين لمنظمة "بادر ماينهوف"، وهي مجموعة من "الجيش الأحمر الألماني" كانت قد روعت البرجوازية الألمانية حتى نهاية التسعينات من القرن الماضي. أسسا المنظمة في العام 1970، باعتبارها "حركة شيوعية ضد الامبريالية لخوض حرب عصابات في المدن". تبنت هذه الجماعة المقاومة المسلحة، كما كانت على علاقة وثيقة بالجبهة الشعبية، وخاصة بالقيادي وديع حداد. كما نفذت العديد من العمليات في قلب أوروبا، منها نسف السفارة الأمريكية وتفجير القواعد الأمريكية في ألمانيا واستهداف قواعد الناتو واستهداف شخصيات ومصالح صهيونية في أوروبا. كما تدربت المجموعة مع الجبهة الشعبية، وعبرت مراراً عن دعم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر عالمية. وفي العام 1977، عمد عناصر من "بادر ماينهوف" إلى اختطاف طائرة تابعة لشركة لوفتهانزا، وطالبوا بتحرير أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية وآخرين يساريين وألمان من رفاقهم. لاحقاً جرى اعتقالهم وماتوا في السجن، وسط سيناريوهات عدة تحكي عن تصفيتهم أو انتحارهم. لا تنتهي اللائحة هنا، بل يضاف إليها عناصر من الجيش الجمهوري الإيرلندي الذين دعموا القضية وألهموا الفلسطينيين، بينهم بوبي ساندز، الذي توفي في الثمانينات في السجن إثر تنفيذه إضراباً عن الطعام. هؤلاء كانوا من زمن مضى، بينما يضاف إليهم أسماء جديدة سقطت من أجل القضية الفلسطينية في السنوات القليلة الماضية. أبرز هؤلاء راشيل كوري التي وصلت إلى غزة إبان الانتفاضة الثانية، وقتلت وهي تتصدى لجرافة إسرائيلية كانت تحاول هدم بيت أحد الفلسطينيين، عندما دهسها سائق الجرافة في مدينة رفح. ومنهم أيضاً فيتوريو أوريغوني، الصحافي والناشط الإيطالي، الذي انتقل للعيش في غزة في العام 2008 تاركاً عائلته ووالده المصاب بالسرطان. لعب فيتوريو دوراً بارزاً في الإضاءة على أحوال القطاع، وحشد التعاطف مع الفلسطينيين، كما رافق السكان المحليين وحاول حمايتهم، لا سيما خلال الحرب على غزة في مطلع العام 2009. وجدت جثته في العام 2011 مشوهة، وتبين أنه قد جرى خطفه وتعذيبه من قبل سلفيين متشددين، كتصفية حساب مع "حركة حماس". اقرأ أيضاًتعرّفوا على حياة أهل غزة من خلال عيدان الثقاب!أغرب الطرق التي استخدمها الموساد لاغتيال قادة فلسطينيينالموساد يدخل عالم الإعلان: "مطلوب جاسوسات للعمل""العهد الفلسطيني"... حملة دعائية لإسرائيل من قلب الأهراماتبانكسي يفتتح فندقاً في آخر مكان متوقّع في العالم: عند الجدار الفاصلكيف أعادت ريما خلف تذكير العالم بأن إسرائيل تقوم على نظام الفصل العنصري   رصيف 22 رصيف22 منبر إعلامي يخاطب 360 مليون عربي من خلال مقاربة مبتكرة للحياة اليومية. تشكّل المبادئ الديمقراطية عصب خطّه التحريري الذي يشرف عليه فريق مستقل، ناقد ولكن بشكل بنّاء، له مواقفه من شؤون المنطقة، ولكن بعيداً عن التجاذبات السياسية القائمة. كلمات مفتاحية إسرائيل فلسطين التعليقات