على مدى 14 عاماً من العمل الدؤوب في مركز الأخبار بمؤسسة دبي للإعلام، نجح الإعلامي محمد الخطيب في تقديم أكثر من 4000 تقرير إخباري، بأسلوب جديد وطرح متوقد يمزج بين الجد وخفة الظل القريبة إلى قلوب وعقول أغلب مشاهديه، وجمهور متابعيه على الشاشة الفضية، في الوقت الذي تفرد الخطيب بتقديم مجموعة من التقارير التي أثارت ردود أفعال متباينة، ولفتت الانتباه إلى نشاطه الإعلامي المتميز وحرصه على تقديم صورة حقيقية للإعلام الاستقصائي الذي يلامس الواقع اليومي للناس، ويسلط الضوء على أدق تفاصيلهم، انطلاقاً من منصات الإعلام المرئي ووصولاً إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي كرست معالم تجربة الخطيب الإعلامية ورسائله الإنسانية. إعلامي أم محقق؟ يبتسم الخطيب، وهو يتذكر حلمه الأول بأن يصبح ضابطاً، قائلاً: «أعتقد أن هذا الحلم قد انعكس على طبيعة عملي، فأنا اليوم محقق صحافي أتعمد طرح الأسئلة بطريقة مشاكسة لأكتشف صدقية الشخص الذي أحاوره، وأتلمس حقيقة وواقعية القصة الإخبارية التي أعمل عليها». بصمة يتحدث الخطيب عن قناته الخاصة على «يوتيوب»، التي تضم حالياً أكثر من 178 فيديو لأهم التقارير الإخبارية المصورة التي تم بثها سابقاً على شاشة تلفزيون دبي، قائلاً: «هي نوع من التوثيق للتقارير الإخبارية والرصيد الإعلامي الذي تحقق إلى حد اليوم، وتظل القناة جهداً فردياً وسعياً شخصياً لتوثيق الحقيقة وترك بصمة متفردة تسهم في التغيير الإيجابي، فمحبة الجمهور هي العائد المعنوي الأهم للإعلامي، ويكفيني أنني قطعت هذا المشوار بروح متجددة وبشغف ومحبة خالصة ورغبة صادقة في تقديم الأفضل». «خلف الكواليس» في مستهل حواره مع «الإمارات اليوم» صرّح الخطيب «استفدت كثيراً من نصيحة أحد أساتذتي القاضية بضرورة مخاطبة جميع فئات الجمهور، والتخلي عن فكرة استعراض عضلاتي اللغوية في الصحافة، لأن التحدي الأصعب في التقرير الإخباري يظل كامناً دوماً في جذب انتباه المشاهد منذ اللحظة الأولى لبث التقرير وحتى نهاية عرضه على شاشة التلفزيون». في المقابل، أكد الخطيب أن تجربة كتاب «ماذا يحدث خلف الكواليس» حاول من خلاله اختزال تجربته الإعلامية الممتدة على مدى 14 عاماً أمضاها في إعداد وتقديم تقارير إخبارية نوعية تجاوزت الشكل الإخباري التقليدي لتكرّس نمطاً إعلامياً جديداً يطّلع من خلاله الجمهور على معوقات العمل الإعلامي، وأبرز التحديات اليومية التي تواجه الإعلامي في رحلة بحثه المستميتة عن التفاصيل التي يتم تقديمها على الشاشة. وتابع الخطيب «في هذا الكتاب قصص حقيقية كاملة عن تقارير إخبارية نالت ردود أفعال واسعة، مثل تقرير الساحرة الإفريقية الذي تم تصويره بعد التنسيق لأشهر طويلة مع الأجهزة المعنية في الدولة»، ويتابع «سئلت مرة كيف استطعنا تصوير هذه الساحرة من دون أن نلفت انتباهها، فلفت السؤال انتباهي إلى فكرة تقديم منجز صحافي يروي قصص الواقع الصحافي وتفاصيله اليومية، ويسجل الأحداث التي تترافق مع عملية إعداد وبث التقارير الإخبارية بلغة قريبة من كل الفئات العمرية والحساسيات الثقافية، وبشكل تتصدر فيه القصص والعبر مرمى الأحداث وأهدافها، والحمد لله، سعيد اليوم بقطف ثمار هذه التجربة الناجحة التي يحضر فيها الكتاب لطبعته الثالثة، بعد أن نفدت الأولى والثانية خلال سبعة أشهر». تجربة نوعية لا ينكر محمد الخطيب أن الشهرة الكاسحة التي حققها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتجاوز عدد متابعيه على موقع «يوتيوب» أكثر من ثلاثة ملايين متابع، قد ساهم بشكل خاص في انتشار الكتاب الجديد وزاد من توزيعه، نظراً لمجموعة التقارير النوعية الاستقصائية الجاذبة التي طرحها للعموم، قائلاً بنبرة لا تخلو من الثقة: «تعلمت البحث دوماً عن التفاصيل الخاصة بالمعلومات التي تردني، لإيماني الدائم بأن الإعلامي الحقيقي مطالب دوماً بتفعيل رسالة الإعلام السامية في خدمة المجتمع بشكل فعلي يكرس أولوية العمل الاستقصائي الذي يعتبر الأصعب في عالم الصحافة والإعلام، نظراً لما يتطلبه من جهود مضاعفة ودقة لامتناهية». تفاصيل جديدة لا يغفل محمد الخطيب عن الإشارة إلى أهمية اختيار الموضوعات التي تلامس الرأي العام وتعكس همومه اليومية، مؤكداً أن ردود الأفعال التي لمسها من خلال تقاريره المتنوعة أكدت له وجهة نظره الصائبة في هذا الصدد «لا أبحث عن الموضوعات اللافتة والشهرة الكاسحة، بالرغم من أن هذا الأمر ينشده الجميع تقريباً، لكنني أسعى إلى تقديم رسالتي وترك بصمتي في عالم الإعلام»، معتبراً في الوقت نفسه أن «إخلاص الإعلامي لرسالته والتزامه بها كفيل بكسب احترام الجمهور وثقتهم العالية وأيضاً تعاونهم معه، خصوصاً إذا تم هذا التعاون في كنف الصدقية والمهنية التي تفرضها المهنة»، في الوقت الذي كشف الخطيب عن تحضيره لتقرير إخباري جديد سيتناول قضية عالمية وصفها «بالكبيرة والمهمة»، قائلاً: «أعتذر عن الكشف عن بعض التفاصيل، لكنني أعد قراء (الإمارات اليوم) بأن يكون خبر هذا التقرير حصراً لجريدتكم، وذلك تزامناً مع بثه على شاشة تلفزيون دبي». حس إعلامي حول أهمية وقيمة التجربة مقارنة بالتخصص الأكاديمي في الإعلام، قال الخطيب: «لنعترف أن الدراسة بعيدة نوعاً ما عن الواقع الإعلامي من ناحية المعطيات والقواعد، وحتى أسس التعامل التي تتطلب حساً إعلامياً متفرداً، أكثر من مجرد المعلومات الأكاديمية، فلابد أن يمتلك الإعلامي مهارات تدعمها الدراسة الأكاديمية، لكن المهارات التي تزداد مع تقادم سنوات الخبرة والمعارف والمصادر التي تسهم بشكل كبير في مدّه بالمعلومات فور حدوثها تظل دوماً الأهم». وعن أكبر العراقيل والمصاعب التي واجهته في بداية مشواره الإعلامي، قال: «أحمد الله الذي منحني نوعاً من القبول والذكاء في إقناع الناس، إضافة إلى التزامي الدائم بحماية مصادري والدفاع عنهم وتحمّل كامل المسؤولية التي أعتبرها ميثاقاً أخلاقياً غير قابل للجدال»، في الوقت الذي «لا مكان للخطوط الحمراء في تناول مختلف الموضوعات المطروحة للنظر، ما عدا القضايا التي تتعلق بالمشكلات الأسرية وقضايا الشرف، بالإضافة إلى القضايا التي تضر بأمن ومصلحة الدولة».