×
محافظة المنطقة الشرقية

حلم "الأندلس" يعيد خالد يوسف إلى الإخراج السينمائي

صورة الخبر

انديرا مطر ــ بيروت | أجرت الباحثة في التمييز الجندري الدكتورة عزة شرارة بيضون بحثاً ميدانياً، ثم نشرته في كتاب عنوانه «العنف الأسري: رجال يتكلمون». أصدرت الكتاب منظمة أبعاد- مركز الموارد للمساواة بين الجنسين ووزعت نسخه مجاناً، علما ان مؤسسات ومنظمات حقوقية دولية دعمت هذا البحت مادياً. يجيب البحث ــ الكتاب عن السؤال التالي: «ماذا يقول الرجال إذا سُئلوا عن سبب تعنيفهم زوجاتهم؟»، وإذا أجابوا عن هذا السؤال بالتفصيل. لكن في البداية لا بدّ من السؤال: ما الذي يحمل الرجال على الكلام في هذا الموضوع؟ والجواب هو نشاط جمعيات ومنظمات المجتمع المدني اللبناني التي أرغمت السلطات اللبنانية على إقرار قانون حماية النساء من العنف الأسري. فالبحث هذا يتقصى حالات العنف الأسري وأسبابها وأبعادها الاجتماعية والنفسية، في أعقاب إقرار مجلس النواب اللبناني قانونا يلاحق قضايا العنف الأسري والزوجي ويتصدى لها. وذلك ينقل بعض القضايا المتعلقة بالزواج والأسرة من المحاكم الروحية الى القضاء المدني. وقد أقر هذا القانون بعد حملة قوية وتظاهرات قادتها منظمات المجتمع المدني للمطالبة بإقرار قانون يحمي النساء من العنف الممارس عليهن، والذي تسبب بوفاة نساء عدة في لبنان بعد تعرضهم للضرب أو للقتل على يد أزواجهن. وماذا يقولون؟ ترصد عزّة شرارة بيضون اعترافات الرجال المعنِّفين عن أسباب ارتكابهم العنف ضد زوجاتهم، وذلك بناء على دعاوى وملفات قضائية حصلت عليها من المحاكم المدنية. وقد قامت إحدى المحاميات بإجراء مقابلات مع تسعة أزواج صدرت بحقهم أحكام قضائية تلزمهم عدم التعرض لزوجاتهم وترك منزل الزوجية لفترات متفاوتة، وبعضهم نال، إضافة الى ذلك، حكما بوجوب الخضوع لجلسات تأهيلية برعاية منظمات غير حكومية. هذا المسار هو ما يحمل الرجال على الاعتراف بأفعالهم، والأحرى الدفاع عن أنفسهم، وغالباً رمي المسؤولية على النساء، زوجاتهم اللواتي يقول الرجال أنهن هنَّ من أجبروهم على ضربهن. كأنهم في هذا يتماثلون مع المثل العامي الجنوبي الساخر والقائل: «إذا النسوان مش نسوانا ما بنضرب النسوان». الهوية الجندرية الدراسة اذاً بحث ميداني لدراسة أحوال الرجال الذين مارسوا العنف ضد زوجاتهم، ودفاعهم عن أنفسهم لتسويغ سلوكهم. وتشير نتائج هذا البحث إلى ان الأزواج الذين يمارسون العنف مع زوجاتهم يعانون أزمة في هوياتهم الجندرية (تدني مرتبة النساء وقيمتهن وكرامتهن إزاء الرجال). هذه الأزمة عميقة، تقليدية وقديمة، قدر ما هي حديثة ومعاصرة. مما يجعل الرجال عاجزين عن اللحاق بالتغييرات التي أصابت واقع نسائهم والنساء عامة في المجتمعات الراهنة. هكذا يصبح العنف ردَّ فعل طبيعي من الرجل في محاولة منه لاسترجاع هويته وهيبته المفقودة الممنوحة له بوصفه رجلاً. كما بيّنت الدراسة تحفّظ الرجال بل استخفافهم وعداءهم تجاه تدخل مؤسسات الدولة المدنية في الحياة الأسرية عبر القانون المذكور أعلاه. أبعاد اجتماعية ونفسية ينقسم كتاب بيضون إلى قسمين: القسم الأول يعرض اعترافات ودفاع الرجال عن أنفسهم. أما القسم الثاني، فيعرض خلاصات هذه الدراسة الميدانية وأبعادها الاجتماعية والنفسية. نقدم هنا مقتطفات من اعترفات الرجال المستجوَبين ودفاعهم عن أنفسهم. يقول أحدهم مثلاً: «كل الأزواج يضربون زوجاتهم، ولكن ينبغي التمييز بين أنواع الضرب. أنا لم أضرب زوجتي بآلة حادة، لا سمح الله، أنا أصفعها فقط حين تجادلني وتبحلق في عينيَّ.. ثم أنها تجعل من كل صفعة فضيحة». ويعترف آخر: «أنا متزوج برجل، بل إن قوتها (المعنوية) تضاهي قوة رجلين. لم أعد أجرؤ على ضربها، جعلتني أبدو كأنني هرّ، بتُّ أخاف منها فهي تتحداني أن أضربها وتهددني بالقضاء. تذهب إلى العمل ليلاً وأنا أضطر إلى مجالسة ابننا، هي تشترط أن تعمل، ثم أن كل الأزواج يضربون زوجاتهم، ولكنهن جميعا يسكتن عن ضرب أزواجهن بعكس زوجتي ذات الصوت العالي والفضائحية». وتستنتج الباحثة بيضون من هذه الشهادات أن الرجال التسعة المستجوبين من دون استثناء يحملون في دواخلهم خيبة عميقة تجاه زوجاتهم. كلٌّ منهم تزوج امرأة ما لبثت أن انقلبت إلى أخرى، أو أن كلا منهم تزوج تصوراً عن امرأة لم يطابق الزوجة الواقعية التي عايشها. فهي كانت حين اختاروها شريكة لهم طيبة، ولكنها تحولت إلى سيئة بل شريرة. عنف بلا ندم يُجمع الرجال كلهم على أن زوجاتهم هن المسؤولات عن سلوكهم العنيف تجاههن. والرجال الممارسون للعنف الأسري أو الزوجي لا يبدون ندماً على أفعالهم العنيفة هذه، بل يقللون من مساوئها ومسؤوليتهم عنها. وتشير بيضون إلى أن دراستها تطمح إلى الإسهام في إضافة جديد إلى المخزون المعرفي للمعنيين بموضوع العنف ضد النساء في أسرهم، أي الجسم الحقوقي من مشرعين وقضاة ومحامين إضافة إلى المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية المعنية بهذا الشأن، وكذلك إلى المعالجين والمرشدين النفسيين والباحثين الاجتماعيين. وفي نهاية الفصل الثاني من الكتاب، تتناول الباحثة الوسائل العلاجية النفسية الممكن اتباعها في التقليل من تبعات هذا العنف الأسري. وفي هوامش المقابلات مع الرجال هناك تعليقات للباحثة تشبه دليلاً ضمنياً لقراءتها وكذلك تعريفاً اجتماعياً مهنياً بالرجال المقابَلين. إضافة إلى فائدة هذا البحث في مجاله الاجتماعي والنفسي والقانوني يساهم أيضاً في تقديم نماذج عن الأزمات الاجتماعية والفردية التي يمكن أن تفيد الباحثين والصحافيين والكتاب الروائيين.