×
محافظة المدينة المنورة

الحربي: نعمل على عودة قوية لأحد.. وتسلم المقر نهاية رجب

صورة الخبر

النسخة: الورقية - سعودي أدفع بكم اليوم لمقطع «يوتيوبي» وقع في يدي بالمصادفة البحتة، ولم يحدث أن دفعت بالقارئ لسباق المشاهدة في السابق من المشوار الكتابي، المقطع مزيج من الألم والأمل، عَبَرت دقائقه الأربع على عيني عبوراً محملاً بالحزن والشجن، حزن على أن هناك أشياء يعدها كثير من أبناء بلدي ترفاً وزائدة عن الحاجة وفي متناول اليدين، وهي لا تزال لغيرهم ولسبب مجهول في مربع الأحلام والمعجزات، أما الشجن فعلى جيل نقي لذيذ يمضغ مرارة العيش، وحين يسأله قادم لماذا أنت هنا يجيبه مبتسماً: «لا أحب العيش إلا هنا، خلقت هنا، الحي لا يحب إلا حيه، ووطني.. وطني ولو كان رأس عود». افتحوا مقطعاً على الموقع الشهير «يوتيوب» بعنوان «قرية الأودية» أعدّه الزميل في قناة «إم بي سي» حسين بن مسعد وطاقم العمل معه، رحلتهم إلى هذه القرية الواقعة في محافظة هروب بمنطقة جازان تطلبت أربع ساعات، أنتجت أربع دقائق علمتني على الصعيد الشخصي قبل أن تعلّم من شاهدها أن القناعة هي أغلى مقتنيات الروح، وجعلتني أكاد أجزم أن الجيل العصامي الذي بارك الرب في عمره جيل مضى ويكاد أن ينتهي، تأملوا بعد أن تأخذوا نفساً طويلاً فوارق الجيل وتجاعيد الوجه وعفوية الكلمات وكيف لها أن تخرج على هيئة أغنية، ثم استخرجوا مع المعاناة القاسية وحواجز الآهات في الكلام حكايات الشموخ وقصص القناعة والفطرة الخالصة التي ولدنا بها وعجزنا عن استردادها، لأن ثمة من زرع الشكوك في عقولنا بالتدريج حتى ينفرد باليقين وحده، ويقنعنا أنه وحده ولد خالياً من الشكوك. شاغبت روح الصديق الشاعر مريع سوادي بهذا المقطع - فمثل هذه المقاطع تؤثث أرواحنا وترمم الزوايا الخربة فيها، تركل عقولنا وتعيد لها شيئاً من التوازن المفقود - فقال: «يا ساترا وجه العناء ومربكا: سنن البقاء ترفقا بهواني/ إن كنت تستر بعض ما كشف الورى: أو كيف تقدر إذ رآك بناني/ أشربتنا التوحيد درساً واحداً: وملأت باقي الوعد بالنكران/ جدفت في التأريخ حتى أنني: ما عدت أعرف مبتدى أوطاني/ «لو كان لي وطن برأس شجيرة: للثمته شوقاً بدمع قاني»/ ماذا أقول وفي هروب حكايتي: أمي هناك وإخوتي وزماني/ ماذا أقول وقد تبدى أمرهم: عن وجه تنمية بلا إيمان/ لا تكشفوا ضيماً وغطوا همكم: واستقبلوا وعداً أراه يراني. أي جيل هو الذي تعلم ماذا يعني وطن واختصره في نص فاخر حد الدهشة، وأي قرية يبعث فيك أهلها التفاؤل قبل أن يبعث الجو المحيط بهم عوالم من الانكسار والخيبة، رأيت في وجه كل عجوز من عجائز هذه القرية وجه جدتي ووجه أمي، وآمنت أنهن لا يؤمن بالانكسار طالما كانت الشمس تغازلهن وأقدامهن تسير بهن، لكني أردد.. أن الوطن كريم على من جحده وخانه، فكيف به على من أحبه وعشقه ولو كان رأس عود!