×
محافظة مكة المكرمة

البحث عن مسنً مفقود بحرّة المحاني

صورة الخبر

أي عمـل إداري يُدار -في الغالب- عن طـريق ثـلاث شخصيات -كما يراها علماء النفس في إدارة المجموعات- الشخصية الأولى: هي الشخصية المتسلطة، والشخصيـة الثانيـة: هـي الشخصية الـديمقراطية، أمّا الشخصية الثالثة: فهي الشخصية التي لا تُطبّق أي نوع من أنواع القيادة في الإدارة، فأي شخص في الجهاز الإداري بإمكانه أن يقود المجموعة، فليس هناك قائد إداري مُحدَّد، وليس هناك خطط أو إجراءات تُتَّبع، وبالتالي تعم الفوضى والارتجالية والارتباك وسوء التنظيم، والتي تؤدّي جميعها، بدون أدنى شك، إلى عدم وجود إنتاجية على الإطلاق. في مجتمعاتنا النامية الصنف الثالث والأخير من أساليب الإدارة غير موجود، وإن وُجد فإنه بأضيق الحدود. الشخصية الأولى المتسلطة، التي تقود المجموعة، دائمًا تعاني من مركب نقص تحاول تعويضه من خلال تقوقعها في برج عاجي، ولا تسمح لأحد بالدخول عليها أو حتى مناقشتها، وأنت كمرؤوس عليك أن تتقبل الأوامـر والنواهي وتنفيذها دون نقاش أو معارضة أو تذمر. المدير المتسلط يعتبر نفسه العَالِم ببواطن الأمور، وأنت كمرؤوس لا تفهم في العمل شيئًا، وبذلك عليك أن تستأنس برأيه، فهو الذي يحل ويربط (أي المركزية في اتخاذ القرارات). الاستعلاء، الغرور، الكبرياء، الغطرسة، الفوقية، والانتقام... جميعها مرادفات للشخصية المتسلطة. هذه الشخصية لا يمكن أن تعيش إلاّ بين بطانة فاسدة يُصفِّقون له، ويُشكِّلون سدًّا منيعًا بينه وبين بقية المرؤوسين، ولذلك لا تجد من يخترق تلك البطانة الفاسدة المنافقة. شخصية لا تنـزع للتجديد والتطوير والرفع من أداء الجهاز، بل إن التركيز دائمًا على مصالحه الشخصية، أمّا المصلحة العامة التي من أجلها جاء هو وغيره من قبله، فإنها آخر شيء يُفكِّر فيها. ومن صفات هذه الشخصية أيضًا العجلة والتسرع بإصدار القرارات والتعاميم دون دراسة مستفيضة، ثم بعد ذلك يلغيها بناءً على همس ممّن حوله من المُقرّبين، ويأتي بقرارات وتعاميم أخرى أسوأ من التي قبلها. الكذب والافتراء من صفات الشخصية المتسلطة، وذلك لتغطية هفواته الكثيرة وأخطائه التي لا تُغتفر. أمّا النمط الثاني من أنماط القيادة الإدارية فتتمثل بالشخصية الديمقراطية، التي هي على النقيض تمامًا من الشخصية المتسلطة، فهي شخصية تتصف بأن لديها مساحة كافية للحوار والأخذ والعطاء، ولا تتحمّل المسؤولية الكاملة، وإنما المسؤولية مُلقاة على جميع المرؤوسين الذين يشاركون في تحمّل المسؤولية مع رئيسهم. هذه الشخصية لا تنفرد باتخاذ القرارات، ولا تعتبر نفسها عالمة ببواطن الأمور. شخصية لا تتقوقع في مكانها ومكاتبها، ولا تعتمد على التقارير التي تصل إليها من بعض المقربين له الذين قد لا يخافون الله، بل شخصية ميدانية تؤمن بالعمل الجماعي والنقاش والحوار، وقراراتها وتعاميمها مدروسة دراسة جيدة، لأنها تُتخذ بشكل جماعي. ولكن الذي يُؤخذ على هذه الشخصية الديمقراطية وعيبها الكبير الذي يفسد العمل برمته، أنها دائمًا تُنعت بأنها شخصية ضعيفة. فبعض المرؤوسين ينظرون لهذه الشخصية على أنها شخصية ضعيفة لا يمكـن أن تسيطر على العمـل أو تتحكم بالموظفين. فأسلوب التودد، والأسلوب الحسن، والاحترام في التعامل لا تُؤكل عيشًا مع شريحة كبيرة من الموظفين في مجتمعاتنا النامية. فالمرؤوس، في العادة، ينظر للشخصية الديمقراطية التي تُعامله باحترام بأنها تبحث عن علاقات شخصية وليس علاقات عمل فيه تدرُّج وظيفي واحترام مُتبادل ما بين الرئيس والمرؤوس، ومن هنا تختلط الأمور ما بين العلاقات الشخصية والعلاقات في العمل، ممّا يؤدّي إلى أن يُصبح العمل يُدار بالمجاملات، وذلك لاختلاط تلك العلاقتين، وبذلك يفشل العمل وتقل الإنتاجية كونها سوف تُبنَى على مجاملات ومصالح شخصية شبيهة بالشخصية المتسلطة. علماء النفس يقولون: بأنه من الأفضل عندما تبدأ أي عمل قيادي جديد يجب أن تكون متسلطًا (حازمًا) في بدايته، لا تتجاوز عدة أشهر تكون من خلالها مركزيًّا حتى تمسك بزمام الأمور، وتعرف كذلك كيف تسير الأمور، وكيف تفترق، وكيف تتلاقى، وكيف تتعارض... إلى غيرها من الأعمال الروتينية الإدارية. ولكن عندما تتقمص هذا الأسلوب الإداري القيادي يجب عليك أن لا تأخذ فترة طويلة في استخدام هذه الطريقة، فقط عدة أشهر، كما أسلفنا، تكون أنت بعد تلك الفترة القصيرة استوعبت وفهمت اللعبة الإدارية، ومصطلحاتها، وقنواتها، وفهمت المرؤوسين على حقيقتهم الذين إمّا أن يكونوا سببًا في نجاحك، أو سببًا في فشلك، بعدها تنتقل إلى القيادة الديمقراطية تدريجيًّا، حتى لا تحدث فجوة خلال عملية النقل ما بين الأسلوبين "المتسلط والديمقراطي". بمعنى آخر أن تنتقل بتدرج من غير أن يشعر المرؤوسون بذلك، بحيث يكونون قد درسوا وعرفوا شخصيتك وعرفوك جيدًا بأنك إنسان عملي جاد ومنتج وحريص في تطبيق الأنظمة والتعليمات بدون إجحاف في حقهم أو في العمل، وأنك تحترم وتُقدِّر مرؤوسيك، وأنك عادل في تعاملك معهم، ومهتم بالصالح العام وليس بمصالحك الشخصية. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (29) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain