×
محافظة المنطقة الشرقية

"واس" توثق حسابها في موقع التدوين المصغر " تويتر "

صورة الخبر

تقع مدينة ريزه في الشمال الشرقي من الجمهورية التركية، على الحدود مع جورجيا، يبدأ موقعها من مدينة طرابزون غرباً، ممتداً حتى مدينة باتومي شرقاً التابعة سياسياً وجغرافياً لجمهورية جورجيا. تَطلُّ مدينة ريزه على البحر الأسود مباشرة، ويعيش أهلها على زراعة الشاي، وصيد السمك. تتبع مدينة ريزه مجموعة من المجالس المحلية، والبلاد والقرى التي يقطنها السكان الأتراك، وبعض الجورجيين الذين يعملون في زراعات الشاي والكيوي. وللشاي حكاية طويلة في ريزه. فمنذ خمسين سنة، كانت ريزه مدينة فقيرة جداً يفر أهلها إلى إسطنبول بحثاً عن الرزق، في البارات والفنادق والصناعات المختلفة، وبخاصة صناعة الخبز بأنواعه كافة، وقيادة الحافلات، والعمل على ظهر السفن المسافرة عبر ميناء طرابزون الكبير من تركيا إلى إيران وأوكرانيا وروسيا، ويغلب على أهل ريزه أنهم يحبون الخدمة كثيراً، والعمل العضلي (الخدمي) الذي تروق له أنفسهم، ونظراً الى طبيعتها الجغرافية، واستمرار سقوط الأمطار عليها والثلوج، إضافة إلى برودة مناخها طوال السنة، اذ الشتاء فيها عشرة شهور، ويتساقط الثلج كثيراً في فصل الشتاء، مما جعل أهل ريزه من الفلاحين الريزيين ينهمكون بزراعة الشاي على أسطح الجبال والهضاب والمرتفعات، ومع قطع أشجار الفاكهة مثل أشجار الماندالينا، والتفاح والكيوي، بدأت زراعة الشاي.... ينبت الشاي في كل مكان من المدينة، على الجبال والهضاب، إنها مدينة جبلية، فهي تقع على سلاسل جبال البحر الأسود. ويُجمع محصول الشاي في العام ثلاث مرات: في أيار (مايو) وآب (أغسطس) وتشرين الأول (أكتوبر). في هذه الأوقات تبدأ النسوة في تجهيز بناتهن استعداداً لتزويجهن. عموماً تتفق العائلات على إتمام زواج البنات والأولاد من محصول الشاي، ويكون على الأم دور كبير في اختيار بيت الزوجية وملاطفة العروس، وتبدأ في توجيه الدعوات الى الأقارب، فيأتون من سامسون وسينوب، وجريسون، وطرابزون وغيرها من المدن القريبة. وللشاي التركي ذي النكهة الطبيعية الخالصة طريقة عجيبة في تحضيره، يحتاج إلى دملكين (برادين) معشوقين، الكبير فيه الماء من أسفل، والصغير فوقه مباشرة، ويكون فيه الشاي فقط، وبعد غليان الماء يصب على عروق الشاي، ويترك على الأقل ربع الساعة وبعدها يصب في برادق صغيرة، وهي مشهورة جداً في بلاد الأناضول عموماً. ولا يكتفي أهل المدينة بشرب كوب واحد من الشاي، على الأقل يشرب الواحد ثلاثة أو أربعة أكواب في الجلسة الواحدة، ومن الممكن أن تصل إلى عشرة أكواب في الساعة الواحدة، فهو شاي طبيعي يخلو من مكسبات اللون والطعم والرائحة، ولذلك لا يحتاج كثيراً من السكر، وأكثرهم يشربه من دون سكر، لأنه يساهم في حرق الكثير من الدهون والكوليسترول المترسب في الجسم. ولذلك تغلب على أهل ريزه النحافة، وجمود البشرة، والغضب السريع، والهيجان العصبي، نظراً إلى طبيعة البحر الأسود والجبال المرتفعة حولهم. وانتشار الأسلحة في ريزه جعل أهلها على استعداد دائم للقتل، ووجود أكبر مصنع للطبنجات في ارضشان، هيأ لهم سهولة الحصول على السلاح. يُصدّر الشاي التركي من ريزه مباشرة إلى أكثر من عشرين دولة عربية وأوروبية، ومن أكثر الدول المستوردة للشاي التركي السعودية واليمن وسورية وليبيا. وفي ريزه متحف تعرَض من خلاله مراحل زراعة الشاي، وجمعه وتجفيفه، حتى وصوله إلى المستهلك. ومن هنا يعد الشاي مصدراً مهماً للرزق في تلك البلدة، بل إنه يمثل مورداً مهماً لدعم الاقتصاد التركي ويوفر فرص عمل كثيرة للشباب من الجنسين، فضلاً عن أنه الطريق إلى زواجهم. متحف الشاي