×
محافظة المنطقة الشرقية

«ساعة الأرض» في فندق وريزيدنس سفير الكويت – الفنطاس... من دون طاقة - مجتمع

صورة الخبر

الإنسان.. ذلك الكائن الذي خلقه الله، ونفخ فيه من روحه منذ آلاف السنين، ومنذ خلقه ونفسه تراوده فيغلبها وتغلبه، تخرجه من الجنة تارةً، وتعيده لرحمة ربه تارة أخرى. ورغم تطور الإنسان في شتى المجالات، فإن نظرتنا إلى النفس البشرية وفحواها ما زالت تميل إلى أفكار الإنسان الأول، فما زالت نظرتنا مقتصرة على تصنيفين للنفس؛ فهي إما نفسٌ خيرّة، وإما نفسٌ سيئة. ما زال ينقصنا الكثير والكثير؛ لكي نفهم ذلك الغموض الذي يحيط بنفوسنا، تلك الطبائع التي تتغير بين الحين والآخر، ما زال لدينا الكثير من التطور؛ لكي نصل إلى أن يصيح الواحد منّا بأعلى صوته "أنا إنسان". أنا إنسان، لا أخجل من إنسانيتي، ولا أجد حرجاً في تلك الهواجس السيئة التي تملأ داخلي أحياناً، ولا أرى عيباً في تلك الطبائع التي تتغير باستمرار داخل نفسي. أنا إنسان، هكذا خلقني الله، وتلك طبيعتي وتكويني، خُلقت لأجاهد نفسي وأجاهدها فأغلبها وتغلبني، تدفعني الشهوة وأدفعها، أقاوم هواي فأصرعه ويصرعني، لست ملاكاً ولن أرتقي يوماً لتلك المنزلة، فخطاء أنا بطعبي، ولست شيطاناً ولن أنحط يوماً لتلك الدرجة، فالخير فيّ قد جُبلت عليه. أنا إنسان، أصيب وأخطئ، لا تحملني أكثر من هذا، لا ترتقي بي لمنزلة ليس لي منها شيء إلا أنك تحبني، ولا تحط من شأني وتمسك خطئي وتلعنني كشيطانٍ لأنك تكرهني. أنا إنسان، خُلقتُ مُخيّراً واختياري سر إنسانيتي، واختياري سر خطئي وتوبتي، لم يبقني الله بين ملائكته فلستُ منهم، ولم ينزل بي لباطن الأرض مع شياطين لست واحداً منهم. الإنسانية هي ذلك الطبع الذي يميزنا جميعاً بعضنا عن بعض، وفي داخلها مُزجت كل الصفات من الشر والخير والحب والكره.. إلخ. وما يميز إنساناً عن الآخر هي قدرته في التحكم في تلك الصفات، وإظهار خيرها ودحض شرها في داخله، وليس هناك إنسان كامل، فكلنا نحمل في طيات نفوسنا مفاتيح الأنفس جميعها، وقد يخطئ واحد منّا خطأً واحداً فنلعنه طوال حياتنا وندفعه بلعننا لأن ينقلب شيطاناً ليس منه إلا الشر، وقد يصيب أحدنا فنصل به لدرجة من الملائكية لا نتوقع بعدها منه أي شر! لسنا نقصد بهذا كله أن نعطي تبريراً لتلك الأنفس الضعيفة التي تقترف من الأخطاء ما لا نستطيع مسامحتها، وإنما هي محاولة لتفهم أفعالهم وتصرفاتهم، فكلنا ندرك أننا معرضون لأن نخطئ في يومٍ ما، ولسنا في عزلةٍ عن بقية البشر، فليس لنا إلا أن ندرك طبيعتنا لنعرف ماهية أنفسنا، وكيف نتعامل معها، نفهم أن أنفسنا لا تخضع للمقاييس الحسابية والطبيعية، فلسنا جامدين ثابتين، وإنما تتقلب نفوسنا بين حينٍ وآخر، نفعل الخطأ وفي داخلنا الخير، ونقوم بالخير وفي داخلنا كل شر. وإن كان فهمنا لشيء ما لا يعني بالضرورة قبوله، فالأنفس كما الأفكار ربما نتداولها، كما قال أرسطو، دون أن نتقبلها، لكن إدراكنا لطبائعنا قد يجعل تعاملاتنا مع الآخرين أيسر وأسهل، فما بداخلهم يجوب في خاطرنا، وما وقعوا فيه لسنا في مناعةٍ منه، وما نعيب على أحدٍ فعله قد نسقط فيه ويُعاب علينا مثله، وكما قال رسولنا: "إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء". ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.