أصبح التصوير لدى السعوديين هواية محترفة، تقام له المعارض المحلية والدولية، ويجتذب كل عام العديد من المواهب التي تسلك دروباً وعرة أو ممهدة في هذا الفن الإنساني العميق، إذ تخصص فيه شبان وشابات إما بسبيل الهواية أو العمل والاحتراف، فهو يدر أرباحاً لا بأس بها، ومن تصوير المناسبات التي لا تتوقف لدى المجتمع السعودي إلى التصوير بغرض التوثيق أو إبراز معالم كانت غائبة لمدة طويلة عن عدسة تلتقط أو عين تتمتع. وبلغ المصورون السعوديون مرحلة متقدمة في عالم التصوير الاحترافي، إذ يسافر له بعض محترفي هذا الفن مسافات طويلة بغرض البحث عن مواضيع تكون محل اختيار ذائقتهم والتماع بصرهم للاحتفاظ بها عبر صورة تؤهلهم للمنافسة عالمياً على مسابقات وجوائز التصوير الضوئي، وحقق العديد من المواهب السعودية نجاحات وإنجازات في هذا المجال. نهض هذا الفن لدى السعوديين بعد أن تعطل لعقود بسبب آراء التحريم الشرعي والتحفظ الديني تجاه التصوير، قبل أن تتبلور آراء أقل توجساً وأكثر تقبلاً لفكرة التصوير لينمو هذا المجال بسرعة كبيرة لدى السعوديين، وجاء ذلك مترافقاً مع حجم من التحولات الكبيرة والسريعة التي شهدتها السعودية، بعد فترة من الركود والانغلاق، لكن التحول الثقافي قاد المجتمع السعودي إلى التحول والاطلاع على الثقافات والأقوال الأخرى والمذاهب الفقهية الأخرى، وفتح الآفاق واسعاً لكثير من الفنون التي وجدت من يجيدها ويتقنها من السعوديين. وانتقل التصوير في السعودية إلى بعد جديد في ظل رعاية الحكومة لمبادرات من شأنها أن تثري هذا المجال بعد سنوات من الجهود الفردية التي يكون دافعها حب الفن والاستمتاع به، ولكن وعبر بعض المناسبات السنوية التي تقام في أطراف المملكة أصبح لهذا الفن من يرعاه ويتبناه. «متلقى ألوان السعودية» هو أكبر ملتقى للتصوير الفوتوغرافي والأفلام، إذ تنظم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الملتقى منذ سنوات، ويستهدف حضور أكثر من 30 ألف زائر لتبادل المعرفة والعلاقات مع أكثر من 80 عارضاً من جهات متخصصة، وشركات تكنولوجيا التصوير ومحترفي وصناع الأفلام، والاستفادة من البرنامج العلمي للملتقى، وتطوير المهارات مع الرواد والمحترفين في مجالات صناعة التصوير في أكثر من 30 ورشة عمل متخصصة. كما تنظم على هامش الملتقى، مسابقة «التصوير الضوئي» تشجيعاً للمصورين المحترفين والمبدعين بهدف إبراز ما تتمتع به المملكة من مواقع سياحية وتراث وآثار وبيئة طبيعية متنوعة وتقدم حضاري، ويبلغ مجموع جوائزها 280 ألف ريال. أسامة السلمي مصور فوتوغرافي سعودي من مدينة جدة، مهتم بالتصوير الرياضي وتصوير حياة الناس والشارع والسفر، بدأ التصوير منتصف ٢٠١٠، وسافر إلى دول عدة لغرض توثيق حياة الناس فيها مثل كوبا والهند ونيبال ومصر وإثيوبيا. في حديث لـ«الحياة» اعترف بشغفه بالتصوير، إذ جرّب مجالات عدة، حتى وجد نفسه في تصوير السفر والتصوير الرياضي، وحصل في إطار ذلك على جوائز دولية عدة في التصوير، واختيرت أحد أعماله كأفضل صور في الأسبوع ضمن مسابقة لقناة ناشيونال جيوغرافيك. وقال: «المصورون السعوديون وصلوا إلى العالمية، وهناك أسماء قوية جداً في شتى مجالات التصوير الفوتوغرافي لها حضورها في العالم العربي وعلى مستوى المسابقات الدولية، وهي جميعها جهود فردية سواء في التعلم أم المشاركة في المعارض». بدورها، ترى المصورة السعودية منال الدباغ أن مهنة التصوير ليست سهلة، وفيها صعاب من أهمها أن يخرج المصور بالتقاطه ترضي نفسه والجميع. وقالت في حديث لـ«الحياة»: «اخترت مهنة صعبة تحديت فيها نفسي، وكان لدي الإصرار والإرادة والقوة والجرأة لأثبت أن المرأة السعودية قادرة على تقديم نفسها بكل المحافل، خصوصاً بمثل هذه المهنة الصعبة». لكنها انتقلت إلى دولة قطر بعد أن وصلها عرض منهم للعمل وقبلت، وذلك لأن الإمكانات في السعودية لا تسمح، على رغم أنها دخلت الملاعب السعودية كأول مصورة سعودية تدخل الملاعب في بطولة النخبة في أبها جنوب السعودية، واتصل بها جميع الصحف السعودية لتهنئنها، ولكن واحدة منهم لم تقدم لها عرضاً للعمل كما كانت تتمنى، لتنتقل إلى قطر التي اعتبرتها خطوة جديدة لكسب الخبرات، ومحطة مهمة بالنسبة إليها. وتشير الدباغ إلى أن المصورة السعودية لتجاوز التحديات فإن يعتمد على الناحية الاجتماعية وكونها قادرة على التحدي ومواجهة الصعاب، إضافة إلى دور الأهل بالموافقة ودعمها لتخوض التجربة.