أُختتمت أمس الأول فعاليات مهرجان «جواثى» الثقافي الرابع بالأحساء «العربية في أدب الجزيرة والخليج العربي الواقع والمأمول قراءة في لغة الإبداع الأدبي»، وذلك بإقامة الجلسات السادسة والسابعة والثامنة. وخُصّصت وقائع الجلسة السادسة لمحور «أثر الاتجاهات الفكرية والنقدية الحديثة على لغة الأدب»، وقدم فيها الأستاذ بكلية الآداب بجامعة الملك فيصل الدكتور عامر بن المختار الحلواني (تونسي) ورقته «شعرية اللغة في الرواية السعودية.. كيف يصبح السّرد لعبة لغوية؟»، واشار فيها إلى أن الباحث في الرواية الخليجية لا بد أن يكون له وعي شديد بأن لبحثه انتظارات منهجية لا بد أن يحددها، مع وعينا الشديد بأنه لا توجد مقاربة أنموذجية للرواية الخليجية تزعم لنفسها الأولوية، وكل ما نعتقده أن الرواية الخليجية تحتاج إلى تصوّر نقدي مبني بوعي إشكالي يساعدنا على الاقتراب من بناها ورؤاها، فهي من أكثر الأجناس التعبيرية تضمّنًا للقيم الخافية. ثم قدَّم أستاذ الدراسات العليا بجامعة الحدود الشمالية الدكتور محمد نجيب التلاوي (مصري) بحثه بعنوان «تأثير الفكر النقدي في لغة الأدب العربي المعاصر»، راصدًا المتغيّرات السلبية التي تجذرت في لغة أدبنا العربي المعاصر بسبب الانفتاح غير المرشد على تيارات الفكر النقدي المعاصر والتي بدأت تلقي بآثارها السلبية على المتلقي العربي من خلال فني الشعر والرواية بخاصة. فيما أكدت الدكتور نوال بنت إبراهيم محمد الحلوة (من جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن) في محاضرتها بعنوان «مقاربة معرفية دلالية في الاستعارة المفهومية في قصة الزهايمر للدكتور غازي القصيبي»، إن في القصة نلتقي مع المرض «الزهايمر» في حالة متفرّدة ومثيرة ومؤثرة ومشحونة بالألم والعاطفة فلم يترك محسوسًا أو معقولًا أو شخوصًا إلا وجسَّد بها هذا المرض باستخدام مخططات تصوريَّة عقلية بالغة الدقة وغاية في الربط، حتى استطاع أن ينقل القارئ إلى رؤية جديدة وبصيرة نافذة إلى عمق المرض وجوهره. وأبانت الدكتورة ندى يسري عبدالعزيز (من جامعة الإسكندرية) في بحثها بعنوان «لغة السرد الجنوسي في رواية خاتم لرجاء عالم»، أن النسويات وجدت في الجنوسة منطلقًا مهمًا لتدمير القيم الذكورية التي رسّخت لها أفكار فرويد والتي ميّز بها الذكر عن الأنثي، وهي أفكار تعود في جذورها إلى الرؤى الأرسطية حول تفوق الذكر النوعي. ومن جانبها أشارت الدكتورة زينب فرغلي حافظ (مصرية) من جامعة الطائف في محاضرتها «صورة الرجل وأثرها في التشكيل اللغوي في روايات رجاء العالم»، إلى أنه أصبح البحث في الخطاب الأدبي وصلته بالمناهج النقدية الحديثة شاغلا لدارسي اللغة والأدب -على حد سواء- منذ بداية القرن العشرين، بعدما عرفت مناهج الدراسات اللسانية والأسلوبية منها تحديدًا طريقها إلى العالم العربي عن طريق الترجمات والمكتسبات المعرفيَّة الأخرى. وقد شهدت الجلسة حضورًا جماهريًا كبيرًا، وفي ختامها قام رئيس النادي الأدبي بالأحساء الدكتور ظافر الشهري بتسليم المحاضرين في الجانب الرجالي دروعهم التذكارية، بينما تسلمت المحاضرات دروعهن في القسم النسائي. وخُصِّصت وقائع الجلسة السابعة للمهرجان لمناقشة محور «جهود المؤسسات العامة والخاصة في دعم لغة الأدب وإثرائها». وذكر الدكتور عبدالعزيز بن علي الحربي (من جامعة أم القرى) في ورقته «مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية» أنه ما من صرح علمي أو أدبي أو ثقافي يكتب فيه مقال ليقرأه الناس، أو شعر أو نثر أو قصة، إلا وفيه نفعٌ للأديب والأدب وتقوية له وإثراء للعربية وإمتاع للأذهان، ما دام أنه ماض على سنن العربية وقوانينها. وأشارت الأديبة شيخة بنت عبدالله بن محمد المطيري (من الإمارات) في ورقتها «مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي نظرة تعريفية عامة» إلى أنه منذ انطلاقة المركز عام 1991 م وضع المركز -متمثلا بالسيد جمعة الماجد- هدف خدمة الثقافة والارتقاء بالمثقف العربي ضمن أولويات أهدافه وذلك من خلال الاهتمام بجمع الأوعية الثقافية المكتوبة من مخطوطات ومطبوعات ووثائق ورسائل جامعية وحفظها، وإيمانًا بدور الأدب وما يمثله من عوامل بناء الحضارة، وتعزيزًا لأهمية الارتقاء بلغة الأدب فقد أولى المركز اهتمامًا بالغًا بهذا الجانب من خلال إقامة عدد من المحاضرات والأمسيات والندوات العلمية. وخُصِصت وقائع الجلسة الثامنة لمناقشة محور «العربية في عيون غير العرب»، وتطرّق فيها الدكتور سيد جهانغير «من الهند» في ورقته بعنوان «العربية في عيون غير العرب» إلى قيمة اللغة العربية في عيون المتذوّقين لها من غير أبناء جنسها، وركز على المضامين المعرفية التي تنهض بها اللغة العربية باعتبارها لغة إنسانية حيّة زادها الله شرفًا أن جعل آخر الرسالات السماوية نزولا بها. وذكر الأستاذ بجامعة الملك سعود الدكتور سهيل صابان (من تركيا) في ورقته بعنوان «تجربتي في اللغة العربية» أنه تعلم قراءة القرآن الكريم وأخذ دورة مكثفة في قواعد التجويد دون أن يلم بشئ في اللغة العربية، وتخرّج من الثانوية العامة وهو لا يعلم شيئًا عن هذه اللغة التي كانت من أكبر أمنياته تعلمها بأصولها وقواعدها، وكان يحز في نفسه أن يقرأ آيات الذكر الحكيم دون أن يعلم شيئًا من معناها، ولقد ترك ذلك حسرة في نفسي، فسعيت السعي الحثيث إلى أن أتعلمها. وأبانت الدكتورة نجاة عبدالرحمن اليازجي (من جامعة الطائف) في بحثها بعنوان «تطور الدراسات العربية في بلاد الصين جامعة اللغات والثقافة ببكين نموذجًا»، أن المساجد كانت في البداية أماكن لأداء الفرائض الدينية ونشر القرآن والأصول الإسلامية، كما هي مدارس لتعليم اللغة العربية ونشر المعارف الإسلامية، وهكذا دخلت اللغة العربية إلى الصين مع وصول المسلمين العرب إليها وانتشرت مع انتشار الإسلام فيها. وفي نهاية الجلسة قام رئيس النادي الأدبي بالأحساء الدكتور ظافر الشهري بتقديم الدروع التذكارية للمحاضرين مع تسليم الدرع التذكاري للدكتورة نجاة اليازجي في القسم النسائي. وقد اختتمت جلسات مهرجان جواثى الأدبي الرابع الذي أقامه النادي الأدبي بالأحساء مساء الخميس بأمسية شعرية قدمها الشاعر جاسم الصحيح وكان فرسانها: الشاعرالدكتور شهاب غانم من الإمارات والشاعر الدكتور محمد العمري من المملكة السعودية والشاعر حسن شهاب من مصر، وقد حلق الشعراء في جولتين شعريتين لمدارس شعرية مختلفة أرضت ذائقة الحاضرين على اختلاف مشاربهم. ومن القصائد التي ألقاها الشعراء، قدم شهاب غانم مجموعة من القصائد القصيرة التي تدور في إطار إنساني وديني ومنها قصيدته إلى حفيدته وقصيدة أخرى يوجهها إلى زوجته أثناء اغترابه للدراسة يقول فيها: لعلك لا تدرين كم أتعب وكيف فؤادي بالبعاد يذوب وكيف اشتياقي صغاري يميتني فكيف أرى حيا وليس لهم أب ثم قدم محمد العمري قصائده ومنها: أطرب بشعرك كل شئ يا دمي واملأ به ظمأ البياض الأعظم وقع على وتر القوافي نغمة عربية المعنى عروب المعجم ثم قدم حسن شهاب الدين قصيدته الأولى «في تحية الأحساء» ومنها: ها أنت يحرس أفقك الشعراء والنخل والكلمات والصحراء قالوا صف الأحساء قلت مجرة والناس قلت كواكب سمراء وبعدها ألقى قصيدة «كن آدما». وفي ختام الأمسية قُدمت الدروع التذكارية وشهادات التقدير لشعراء الأمسية ومقدمها، وتم إعلان ختام المهرجان. المزيد من الصور :