قيل: الثورة يصنعها الشرفاء، ويقودها الشجعان، ويسرقها الانتهازيون. وأقول: شوارع الكويت يبتلع أموالها المقاولون، ويتحمل مصائب غرقها رجال الإطفاء، ويُحاسَب عليها مسؤولو وزارة الأشغال. والكويت اليوم تغرق بعد ساعة واحدة من المطر. وتغرق أماكن ذكرياتنا في الصباحية والمنقف والفحيحيل والعقيلة وغيرها. وأرض الكويت منبسطة كطاولة، أي أن تنفيذ الشوارع فيها وسفلتتها لا يتطلبان العمل بكلتا اليدين. بل يدٌ واحدة تكفي وتزيد. لكن الحكومة تصور تعبيد شارع فرعي أنه إنجاز يفوق النورماندي، وتستحق أن تمشي تحت قوس النصر بعد كل جسر تنفذه. وقبل الغزو العراقي، كما قال لنا ضباط الجيش الأقدم منا: كان الطريق إلى هذه الوحدة العسكرية رملياً، والطريق إلى ذلك الموقع كان رملياً، وذاك أيضاً كان رملياً، فاحتلت القوات العراقية الغازية البلد، وقامت بسفلتة الطرق الرملية في طرفة عين، رغم أنها كانت تحت التهديدات والخوف والقصف وضعف الإمكانيات، مقارنة بحكومة بلد نفطي في حالة سلم. ويقول روبيرت فيسك، الصحافي البريطاني الشهير: بيوت العرب غاية في النظافة وشوارعهم تملؤها القاذورات، لأنهم يشعرون أن بيوتهم ملكهم، أما أوطانهم فلا تعنيهم. وأقول للسيد فيسك: ليتك أضفت كلمة "المسؤولين"، لتصبح الجملة: بيوت المسؤولين العرب. على أية حال، سأكرر هذه المقالة في كل عام في مثل هذا الوقت، فلن يتغير شيء مطلقاً، وكل مطر وأنتم بخير.