حنان المرحبي يتبادر إلى ذهني تساؤل حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الشركات العريقة في تحريك التنمية بفتح مشاريع جديدة. إن الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تصل إليها هذه الفئة من الشركات أكبر وأوفر مقارنة بتلك التي تتوفر للأفراد أو المشاريع المبتدئة والنامية. تملك هذه الشركات إمكانات وموارد ضخمة، وسمعة تسويقية وتمويلية جيدة، واستقرارا أعلى، وشراكات تعاونية فيما بينها وبين أطراف وجهات أخرى مؤثرة، وهي عوامل تقلل الكثير من العقبات والمخاطر التي تصاحب الاستثمار في مشاريع جديدة. وبأخذ لمحة سريعة على حركة الاكتتابات في سوق الأسهم السعودية بالسنوات القليلة الماضية باعتباره الوعاء الاستثماري الذي يضم أكثر المشاريع جاهزية للتوسع والانتقال من فئة المتوسطة إلى الكبيرة والدولية، وبحسب رصد أجرته وحدة التقارير في صحيفة الاقتصادية، نجد أن هناك انخفاضا شديدا في أعداد الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية بالسنوات القليلة الماضية، وقد سجل العام 2015 أقل رقم في الاكتتابات الجديدة منذ 2007، حيث تم إدراج ثلاث شركات فقط (مقارنة بـ25 شركة في 2007). وبحسب التقرير، منذ 29 يونيو 2016، لم تدرج الهيئة أي شركة في السوق حتى الآن، عدا شركة الرياض ريت في 13 نوفمبر 2016. هناك انخفاض شديد في المشاريع الجيدة الداخلة إلى الصناعة السعودية. وليس الهدف من المقال التطرق إلى هذا التراجع والذي قد تكون أحد أسبابه انخفاض ثقة المستثمرين في سوق الأسهم أو الإجراءات النظامية. ولكن أردت أن أقدم نظرة خاطفة لوضع الاستثمار المحلي والصناعة الوطنية فيما يتعلق بفرصه للنمو من خلال معدل المشاريع الجديدة الجيدة. من بين الاستراتيجيات التي تلجأ إليها المشاريع للنمو ومواجهة المنافسة هي البحث المستمر عن الفرص الجديدة للتوسع (بفتح عدد أكبر من الفروع محليا ودوليا) أو التنويع (من خلال الاستثمار في إضافة منتجات جديدة). ومع هذا لا نزال نشهد تراجعا في إقبال المشاريع الكبيرة لخوض تجارب استثمارية مبتكرة ومتنوعة، بنسبة مخاطر أعلى قليلا من الذي اعتادت عليه، على الرغم من أن السوق السعودي ناشئ وواعد، والفرص كبيرة. ولعل انخفاض الاستثمار في أنشطة البحث والتطوير دليل آخر يبرهن على هذا التراجع. هذه الاستثمارات عالية الخطورة ونجاحها قد لا يتحقق في سنة ولا حتى خمس سنوات، فقد يستغرق تطوير منتج جديد ما يقارب العشر سنوات من الأبحاث والتجارب، ثم تتبع ذلك جهود تسويقية قد تنجح وقد تفشل. ومع أن المملكة قد قطعت شوطا مهما في توفير موارد بشرية عالية المهارة والمعرفة من خلال برامج الابتعاث، في المقابل لا يبدو أن الشركات تولي الأمر قدرا كافيا من الاهتمام لاستثمار هذه الفرصة في خلق مشاريع مبتكرة ونوعية. المنافسة إذا ارتفعت سوف تدفع الشركات إلى البحث عن فرص النمو. وقد بدت لي الصناعة السعودية مشبعة، أي أن الكيكة (حصص التجار من السوق) لا تزال ضخمة، وفرص البقاء عالية لهذا فالحافز منخفض لخوض أي مغامرات إضافية. رفع المنافسة المحلية قد يقدم حلا عمليا. والسبيل إلى ذلك هو تشجيع دخول المستثمر الأجنبي الذي يحرك تلك المنافسة، يوطن المواهب والخبرات والتقنيات الحديثة ويستثمر الكوادر الوطنية المتفوقة، وبالتالي يساهم في دفع التنمية من طرف الصناعة. almarahbi.h@makkahnp.comالص�?حة التالية >