ابن الديرة الارتفاع المستمر في مؤشرات التنمية رغم أنه دليل صحة وعافية اقتصادية، والإنجازات العمرانية والمؤسساتية المتلاحقة رغم أنها شاهدة على قدرة الإنسان على قهر المستحيل وشطبه من قاموس المفردات والمصطلحات، لا يمكنهما الديمومة والاستمرارية بالقدر نفسه من الحيوية والتفرد، ويبقيان بحاجة ماسة لدرع أخلاقي يحميهما ويشكل سياجاً واقياً لهما، يمنع المحبطات والمعيقات وكل عوامل الجذب إلى الخلف، وهي كثيرة.لذلك، كان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الخامس والأربعين للدولة، حريصاً على التأكيد أن نجاحنا في إنجاز الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 الرامية إلى الارتقاء بالوطن، وتحسين معيشة الشعب اقتصادياً وصحياً وتعليمياً وأمنياً، وتوفير المسكن المناسب لكل محتاج، يتطلب في المقام الأول النجاح في السياسات والاستراتيجيات الوطنية في مجالات القراءة والابتكار والإبداع والتميز والبحوث العلمية واستشراف المستقبل. الإنسان، محور عملية التنمية والبناء، هو العنصر الفاعل في المعادلة، والقول الفصل الذي لا يقبل القسمة، وبقدر ما يقرأ المرء يصبح عنصراً فاعلاً وقادراً على العطاء الإيجابي المثمر لصالح الآخرين، وهو بالضبط ما دفع القيادة الرشيدة لإصدار «القانون الوطني للقراءة»، وتفعيله بتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة بالشروع الفوري في التأسيس لمكتبة الإمارات الوطنية، والعمل على تطوير المكتبات العامة ونشرها على مستوى الدولة، لتكون مكتبات حكمة ومعرفة، ومراكز إشعاع حضاري ومعرفي بامتياز. يجب أن نبدأ من المكتبات القائمة حالياً، فيرتفع مستوى الاهتمام بها، ودعمها بمزيد من الكتب، وتشجيع القريبين منها على ممارسة هواية القراءة لتتحول إلى عادة حميدة لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونها، في المدارس ومقار العمل الحكومية والخاصة والمؤسسات الاجتماعية والرياضية، كل جهة منها قادرة على المبادرة وتحويل مكتبتها إلى مزار يستهوي العاملين فيها وزوارها. ودوائر الثقافة ورجال الأعمال يستطيع كل منهم أن يساهم في نشر المكتبات العامة لتصبح الإمارات بعد زمن يسير الأولى عالمياً في عدد مكتباتها، مناراتها العلمية، مقارنة بعدد سكانها، وحينها سنكون أكثر ثقة وسعادة إن استطعنا تأسيس وبناء مكتبة في كل حي سكني وتجمع شبابي ونسائي، وزادت جرعة الاهتمام بالمكتبات الجاذبة للأطفال. الشعب الذي يقرأ يصنع مصيره بيده، ويحقق المعجزات بإرادته، وينطلق بخطوات واثقة إلى آفاق المستقبل الرحيب، وبنور العلم يحل مشاكله ويبني على نقيضها مزيداً من ضروريات الحياة الكريمة داخل الوطن، ويفيض خيرها ليغمر كل محتاج ومتضرر ومتطلع إلى مساعدة إنسانية إغاثية كانت أم تنموية. فمزيداً من المكتبات في كل مكان، لتكون بحق منارات علم وحضارة، والى جانب مؤسساتنا التعليمية والبحثية، تشكل معاً حصان السباق الذي سنمتطيه في طريقنا لانتزاع المراكز الأولى وبمسافات بعيدة عن تابعينا. ebn-aldeera@alkhaleej.ae