بقلم : يوسف الكويليت نعرف من يمثلون المملكة في المحافل الأكاديمية، والاقتصادية والتجارية، وعلى رأسها السياسية، وندرك أننا دولة محور وليس طرفاً، وإمكاناتنا المادية ليست فقط سبب هذا التمثيل، وإنما الكفاءات التي ندفع بها لتحاور وتلتقي وتجادل وفق منطق العصر، وعندما نبحث عن سبب نجاح تلك الكفاءات نجد أن الخيارات لا تُبنى على المحسوبيات أو نظام الترشيح التلقائي بل يذهب التفضيل لصاحب الاختصاص والكفاءة لننجح بشكل مغاير للصورة المأخوذة عنا سواء بوصف مجتمعنا بالاستهلاكي الجاهل، أو الأخرى النمطية بأننا لا نضع حدوداً للمرأة إلاّ في مجتمع الحريم. مشكلتنا مع المثقف والمثقفة أن التحديد لمن هو المقصود بحامل هذه الصفة، تقرره جهات حكومية وليس أندية أو هيئات ثقافية مستقلة ولذلك نجد أن تمثيلنا في المحافل العربية والدولية يتم الترشيح للمثقف على قواعد الرسميات وليس الاختصاص والكفاءة حتى إن من يحضرون هذه المناسبات هم موظفو الحكومة ممن قد يحمل بعضهم حرف الدال وتوابعه، ولكنه لا يستطيع تحليل قصيدة أو قصة قصيرة، وهذا الأمر خلق مشكلاً في الخيارات عندما يُختار الأشخاص الذين ترغب وزارتا الثقافة، والتعليم العالي أن يكونوا ضمن خياراتهما والتي لا تبنى على تفسير من هو المثقف المؤرخ، كاتب العمود بالجريدة أم القاص والشاعر، وخلف كل ذلك من هو الموهوب وصاحب الحضور الحقيقي بالرصيد المتكامل في معالجة القضايا أو خطف الصور وتحويلها إلى عمل فني هائل، وكيف نفرق بين من يرسم بالكلمات، ومن تتكامل عنده اللوحة التشكيلية، ثم من يقوّم هذه الأعمال وينصف أصحابها، بدون أن يخضع الشخص للمحسوبيات أو علو خطابته وصوته إذا كانت المهارة الفنية لا تتطلب صورة المحامي ليسرق شخص الموهوب فكيف تبنى هذه العلاقة بين الرسمي وغير الرسمي؟ الأمانة الثقافية مطلوبة ولا نعتقد أن وصول روائي أو قاص وشاعر تقدمه الواسطة فقط أسوة بمن كانوا مؤدلجين للفكر الشيوعي أو الرأسمالي والحزبي أو الديني فالكفاءة جهد ذاتي ومعاناة وصبر وأفق لا محدود باستيعاب البيئة المحيطة والكون العالمي كله، ولا نحتاج لضرب الأمثال بمن نالوا الجوائز وحققوا لأممهم وشعوبهم عبقرية الإنسان واستحقاقه الشرف المعنوي والجائزة المادية.. نحن لا نقول إننا سابقون بثقافتنا أو ذات جذور عميقة بل هي ناشئة ولكنها ليست متواضعة وما يعيبنا هو سيطرة الإدارة البيروقراطية على أي نشاط ليأتي تمثيلنا ناقصاً حتى إن البعض من الرسميين يعجز عن أن يكون ضيف حلقة حوار، أو مقابلة تلفزيونية، وطالما بقيت العلاقة بهذه الحدود، فإن تمثيلنا يبقى رسمياً يطغى عليه دور الوظيفة لا دور المثقف، وليس بالضرورة أن يكون المبدع في أي مجال موظف دولة تصدق عليه مراسيم الانتدابات وتحديد الدعوة باسمه، طالما المثقف منبته المجتمع كله ولا تحدده وظيفة أو جغرافيا أو مكان وبالتالي صارت مهمة وزارة الإعلام والثقافة، ووزارة التعليم العالي أنهما من يصنف ويختار حتى لو لم تُبن قواعد الاختيار على الكفاءة والموهبة. كل عام تأتي الدعوات من مراكز ثقافية أو معارض كتب أو مناسبات مختلفة ومثلها ما يحدث في الداخل، فهل شهدنا من يمثلنا باختصاصه ليخاطب تلك المجتمعات بمعارفه ومفاهيمه، أم أن الأمر تمثيل وظيفي تكررت فيه نفس الوجوه والأسماء والجهات؟! نقلا عن الرياض