×
محافظة مكة المكرمة

جدة: إيقاف خمسة متهمين في الاعتداء على حراس أمن مركز تجاري

صورة الخبر

بثت التليفزيون الوطني الجزائري، في 19 مارس/آذار 2017، فيديو مباشراً، للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وهو في جلسة جمعته بأحد وزرائه. وظهر الرئيس مرتدياً زياً أسود، وهو ينصت إلى وزيره من دون أن يحرك ساكناً ما عدا بعض الإشارات الجسدية البطيئة. وبوتفليقة لم يكن ظهر منذ شهر تقريباً، أي منذ إلغاء اللقاء الذي كان من المفترض أن يجمعه بالمستشارة الألمانية يوم 20 فبراير/شباط الماضي. وتواترت اللقاءات الرسمية التي تم إلغاؤها؛ على غرار زيارة وزير الشؤون الخارجية الإسباني للجزائر، الذي تعذر على بوتفليقة استقباله. كما ألغى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، جولة كان من المفترض أن يزور خلالها 3 بلدان، من بينها الجزائر، وفق ما ذكرت صحيفة الفرنسية. مرض بوتفليقة بوتفليقة، يعاني التهاب الشعب الهوائية الحاد، ولكن العديد من المسؤولين الجزائريين قالوا إبان غيابه عن المشهد السياسي، إنه سيكون بخير. في المقابل، لم تنجح تطمينات المسؤولين الجزائريين في وضع حد للشائعات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حول حالة بوتفليقة الصحية، إلى أن ظهر يوم 19 مارس؛ ليفند كل ما راج عن حالته الصحية. في الحقيقة، كان ظهور بوتفليقة الإعلامي، منذ إصابته بسكتة دماغية سنة 2013، التي تركته مقعَداً، "ممنهجاً"، حيث عمد إلى تصوير وتسجيل كل لقاءاته بالشخصيات الأجنبية. وخلال خريف سنة 2016، ظهر بوتفليقة للعيان في بعض المناسبات، في حين كان يتواصل مع شعبه من خلال إصدار فيديوهات مصورة. من جهة أخرى، أثار غياب الرئيس المتكرر حالة من القلق والغضب بصفوف الشعب الجزائري. وفي الأثناء، وعلى الرغم من أن معظم الجزائريين قد انتقدوا غياب بوتفليقة عن المشهد الوطني، فإن العديد منهم نادوا بأحقية الرئيس في نيل قسط من الراحة، والحصول على عناية صحية تتناسب مع منصبه الرفيع. وفي السياق ذاته، لا يرى العديد من الجزائريين مانعاً في أن يواصل بوتفليقة، الذي يعتبَر آخر رموز حرب التحرير، توليه مقاليد الحكم في بلد المليون ونصف المليون شهيد. في واقع الأمر، ومنذ توليه الرئاسة سنة 1999، حافظ بوتفليقة على السلام والأمن داخل البلاد، إثر معاناة الشعب الحرب الأهلية عقداً كاملاً، وأعقب ذلك، تدفق كبير لمبالغ طائلة من العملة على خزينة الجزائر وارتفاع أسعار النفط.مأزق هيكلي تزامن الثراء الفاحش الذي تدرّه المحروقات مع انتشار كبير لظاهرة الفساد، ولكن ذلك لم يزعج الجزائريين كثيراً؛ نظراً لأن الدولة كانت توزع عليهم جزءاً من مداخيل المحروقات عبر آلية الدعم على المنتجات الغذائية والوقود، بالإضافة إلى دعم القروض الممنوحة للشباب. وعلى العموم، لا يتمنى الجزائريون موت رئيسهم بقدر ما يأملون عودة بلدهم للنهوض من جديد. وضرب انهيار سعر النفط الخام سير التمويلات الوطنية، حيث تراجع سعر البرميل الواحد ليصل إلى 50 دولاراً بعد أن كان سعره يتجاوز عتبة الـ100 دولار. ومن ثم، وجدت الجزائر نفسها مجبَرة، كأي دولة نفطية أخرى، على مواجهة انهيار أسعار النفط. خلافاً لذلك، يعد مأزق انهيار أسعار النفط هيكلياً. فعلى امتداد الـ15 سنة الماضية التي شهدت خلالها الدولة أزمة نفطية، كانت الجزائر غير قادرة على دعم بروز القطاع الخاص كبديل يمكن الاعتماد عليه؛ نظراً لأنه يمتاز بحيويته، فضلاً عن أنه قادر على توفير العديد من فرص العمل. وفي الأثناء، تطورت عدة بنى تحتية، كما سجلت عدة مجموعات اقتصادية نجاحات باهرة، وعلى الرغم من ذلك، عجزت كل هذه القطاعات عن أن تقدم نفسها بديلاً فعلياً للاقتصاد الجزائري. في الحقيقة، لا يتدخل الجزائريون أبداً في السياسة، ليس خوفاً من القمع بقدر خوفهم من حالة "الوهم"، حيث غيبت الدولة المعنى الحقيقي للالتزام السياسي للمواطن. ورغم أن الشباب الجزائري عادة ما كان ينهض في وجه هذه الزمرة التي تمثل نظام "العجائز"، والتي ترفض التنحي عن السلطة، فإنهم يدركون جيداً ما عانته البلاد في أثناء حرب التحرير والحرب الأهلية خلال نصف قرن، وأن الفضل يعود للحكومة الحالية التي تمكنت من الحفاظ على الاستقرار الأمني في البلاد، ما يجعلهم يركنون إلى الصمت. والجدير بالذكر أن الجزائر قد نجحت في التعامل مع التهديدات الإرهابية رغم شساعة رقعتها الجغرافية وخطورة حدودها، وهذا النجاح الأمني أسهم في بناء رابط بين الجزائريين والسلطة، بالإضافة إلى القوات الأمنية.انعدام الرؤية يفتقر الجزائريون إلى رؤية واضحة لمستقبل بلادهم، في حين تشغل بالهم العديد من الأسئلة؛ على غرار كيف سيواجهون الأزمة النفطية؟ وما الأوراق الرابحة التي يمكن أن يستغلوها لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين؟ وما مكانة بلادهم في القارة الإفريقية؟ وكيف ستتعامل الجزائر مع محيطها العربي والمغاربي؟. وفي الوقت الذي يدّعي فيه المسؤولون داخل هياكل الدولة أن قوتهم تكمن في سرية تحركاتهم الدبلوماسية، يأمل الجزائريون التخلص فعلياً من أي تأثير للمحتل الفرنسي السابق على دبلوماسية بلادهم. مؤخراً، تعددت التساؤلات حول صحة الرئيس، وقد تزامن ذلك مع إصدار فيديو كليب تحت عنوان "تيريتوري" التابع للفريق الموسيقي "ذو بلايز"، الذي يضم مغنين فرنسيين. ويظهر في الفيديو كليب شاب جزائري عائد لوطنه وهو يرقص على أسقف البنايات ويجري على الشاطئ. وقد سلط الفيديو الضوء على جمال خليج الجزائر لحظة غروب الشمس، وبعض مظاهر حياة الجزائريين اليومية، بالإضافة إلى عدة مشاهد جميلة في الجزائر. وقد بين هذا الفيديو كليب مدى حب هذا الشاب وطنه، ما جعله يلقى رواجاً كبيراً على شبكات التواصل الاجتماعي. هل تعتبر فئة النخب استثناء في الجزائر؟ قطعاً لا، فأعدادهم كبيرة، ومن بينهم؛ مخرجيو، ورؤساء شركات، وأدباء، وفوتوغرافيون، وعدة نخب شابة أخرى مفعمة بالطموح والموهبة. في الواقع، لا يخاف الشباب الجزائري لا من تاريخهم ولا من مستقبلهم. فعلى سبيل المثال، وعلى الصعيد السينمائي، حصل المخرج الجزائري، حسن فيرهاني، صاحب الـ30 سنة، على عشرات الجوائز خلال سنة 2016، بعد نجاح فيلمه الوثائقي تحت عنوان "داخل رأسي مفترق طرق حول مسالخ الجزائر". على العموم، ما زالت الجزائر تكتظ بالمواهب الشابة التي تنتظر عودة بلادها من جديد للسير نحو طريق التقدم، وهؤلاء الموهوبون مستعدون لتحمل مسؤولياتهم. لذلك وجب مد يد العون لهم، وهذا ليس له علاقة بحالة الرئيس الصحية. - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Le Monde الفرنسية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .