×
محافظة المنطقة الشرقية

الخطوط السعودية تعقد لقاء مديريها التنفيذيين الخامس في تبوك

صورة الخبر

د. وفاء لطفي غادرت «بارك جيون هي» يوم الجمعة الموافق 10 مارس/آذار 2017 منصبها - قبل انتهاء فترة رئاستها- بعد تظاهرات قامت لأكثر من 19 أسبوعاً على التوالي للمطالبة بإقالتها، وبعد أن أيدت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية قرار البرلمان بإقالتها، وبعد مرور 92 يوماً من تعليق جميع مهامها، على إثر قضية فساد شملت شركات كبرى وعصفت بالبلاد.تعتبر «بارك جيون هي» أول رئيسة لكوريا الجنوبية منتخبة ديمقراطياً تجبر على ترك منصبها، حيث اتهمت بالتآمر مع صديقتها «تشوي سون سيل» ومستشار رئاسي سابق بالضغط على شركات للتبرع لمؤسستين أقيمتا لدعم مبادرتها السياسية، فضلاً عن تهم بطلب رشاوى بقيمة «43 مليار وون» من رئيس مجموعة «سامسونغ» في مقابل دعم الحكومة لدمج شركتين تابعتين ل«سامسونغ» في عام 2015 بهدف سيطرته على المجموعة. فقد سمحت لصديقتها بالتدخل في شؤون الدولة، على الرغم من أنها لم تشغل أي منصب حكومي، وتركز التحقيقات على تزويدها بوثائق رئاسية، منها نصوص الخطابات والحوارات التي كانت تجري بين الرئيسة بارك ورؤساء الشركات الكبرى التي تبرعت بأموال لصندوقي «مير» و«كي سبورتس» المثيرين للجدل. وتجدر الإشارة إلى أن «بارك» هي ابنة الرئيس «بارك تشونج هي» - صانع التجربة التنموية في كوريا الجنوبية- التي تم انتخابها وتولت حكم البلاد في 25 فبراير/شباط 2013، وقد حصلت على أعلى نسبة تصويت يحصل عليها مرشح رئاسي في العهد الديمقراطي لكوريا الجنوبية، وتعتبر بارك أول سيدة على الإطلاق تتولى رئاسة كوريا الجنوبية.وتجدر الإشارة إلى أن انتخاب بارك كان بمثابة علامة فارقة في تاريخ كوريا، حيث إن الثقافة الكورية يغلب عليها الطابع الذكوري، وانتخاب بارك ربما كان فرصة ذهبية لتحسين مكانة المرأة هناك. استفادت بارك وبدرجة كبيرة من شعبية والدها «بارك تشونج هي» الذي حكم بقبضة من حديد خلال فترة الستينات والذي وضع أسس التقدم الاقتصادي لكوريا الجنوبية حتى أطلق عليها «معجزة نهر هان كانج»، فقد ارتفعت مستويات معيشة الكوريين الجنوبيين في عهده وتزايدت التطلعات نحو نظام سياسي ديمقراطي يواكب التطور الاقتصادي. وعلى الرغم من الشعبية الكبيرة التي اكتسبتها بارك من والدها بين كبار السن الذين يحنون إلى النمو الاقتصادي السريع الذي تحقق في ظل حكم والدها الذي دام 18 عاما إلا أن رئاستها انهارت عندما خرج ملايين المتظاهرين الغاضبين إلى شوارع البلاد مطالبين بإقالتها.فقد ذكر رئيس المحكمة «لي جونغ مي» أن بارك جيون هي Park Geun-hye انتهكت الدستور والقانون «طوال فترة حكمها». ورغم اعتراضات البرلمان والصحافة فقد أخفت الحقيقة وشنت هجوما على المنتقدين، كما جاء في نص المحكمة الدستورية أن تصرفات الرئيسة تعتبر «خيانة لثقة المواطنين».وقد حاول الحزب الحاكم -الذي كانت تنتمي إليه بارك - إقناع الأحزاب المعارضة في البرلمان بإبقائها في الحكم حتى أبريل/نيسان 2017 وعقد انتخابات مبكرة في يونيو/حزيران حتى لا تسقط البلاد في دوامة من عدم الاستقرار إلا أن الجمعية الوطنية (البرلمان) قد حسمت الموقف في ديسمبر/كانون الأول 2016 بإقالة الرئيسة من منصبها، وقد تم تثبيت شاشة تلفزيونية كبيرة خارج قاعة المحكمة حتى يتمكن الناس في الخارج من مشاهدة الحكم على الهواء مباشرة.ومن هذا المنطلق، وبعد رحيل بارك يتحول الانتباه إلى مرحلة جديدة من العملية الديمقراطية، فسوف تجرى انتخابات رئاسية مبكرة في 9 مايو/أيار القادم كما أعلنت مفوضية الانتخابات الكورية في بيان أصدرته عزمها على قبول طلبات الترشيح بانتخابات الرئاسة.كما أكدت المفوضية أنها ستعزز من ضوابطها الانتخابية لمنع وقوع مخالفات قانونية من طرف المرشحين المحتملين لخوض سباق الرئاسة وحذرت من أنها ستتعامل بحزم مع أي تجاوزات يمكن حدوثها أثناء الحملات الانتخابية للمرشحين.وبعد ساعات من قرار المحكمة الدستورية بتأييد تصويت البرلمان بعزل بارك، أكد رئيس الوزراء «هوانج غيو-آن» - القائم بأعمال الرئاسة والذي يستمر في المنصب حتى موعد إقامة الانتخابات- أن الحكومة ستحقق الاستقرار في البلاد لمنع تفاقم حدة الصراع.ومن جانبه دعا الرئيس المؤقت معارضي ومؤيدي الرئيسة المقالة، إلى إنهاء التظاهرات. وأضاف في خطاب له نقلته شبكة «أيه بي سي» الأمريكية «سيكون هناك أشخاص يعجزون عن فهم أو قبول حكم المحكمة الدستورية لكن حان الوقت للمضي قدما وإنهاء جميع الصراعات والمواجهات». وينتظر أن تواجه الرئيسة المقالة تحقيقا موسعا ودقيقا كمتهمة عادية علماً بأنها فقدت حصانتها ضد الملاحقة القضائية.وفي إطار موقف الاطراف الدولية من عزل الرئيسة الكورية نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية أعربت بعد عزل بارك، على لسان الناطق باسم السفارة الأمريكية في كوريا الجنوبية أنها تتطلع إلى بناء علاقات مثمرة مع الرئيس المقبل للبلاد، مؤكدة أن الولايات المتحدة ستبقى حليفا وشريكا وصديقا مخلصا لكوريا الجنوبية وأن ما حدث هو شأن داخلي لمواطني كوريا الجنوبية لاتخاذ قرار من خلال عمليتهم الديمقراطية ونحترم قرارهم. وأعلنت اليابان التزامها بتعزيز التعاون الأمني مع كوريا الجنوبية لمواجهة ارتفاع التهديد النووي لكوريا الشمالية بعد حجب الثقة من بارك.هذا بالإضافة إلى ما ذكرته وكالة الأنباء اليابانية «كيودو»، أن اليابان ستراقب بحذر كيفية تطور السياسة الكورية الجنوبية بعد الإطاحة ببارك، في الوقت الذي لا تزال تشهد فيه العلاقات بين الجارتين الآسيويتين توتراً بسبب قضايا تاريخية.ويأمل المعارضون لبارك أن تكون هذه الخطوة حافزا لإجراء إصلاحات شاملة للسيطرة على التأثير السياسي للتكتلات الصناعية الكبرى (الشيبول Chaebol)، مثل: مجموعة «سامسونغ»، «هيونداي»، «لاكي جولد ستار»، و«دايو»، «صانجيونغ»، «هيوسونغ»، «كومهو»، والتي تغطي قطاعات متنوعة من الصناعة إلى الخدمات. ويجدر بالذكر أن كوريا الجنوبية تمكنت بفضل هذه التكتلات الصناعية مع سياسة الحكومة من تنمية البحث والتطوير والصناعات الدقيقة والكيمياء ذات الدقة العالية والبيوتكنولوجي، وصناعات الفضاء ومؤخراً ميادين تتصل بالنووي والطاقات الخضراء.كانت الرئيسة السابقة «بارك جيون هي» تمثل حليفا تعتمد علية الولايات المتحدة، وتدفع بالنهج المتشدد لواشنطن تجاه كوريا الشمالية والذي كان يهدف إلى الضغط على زعيم بيونغ يانغ حول برامجه الصاروخية النووية. وحسب ما ذكرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن كوريا الجنوبية قد تسلمت أول مكونات منظومة الدفاع الصاروخية «ثاد» والتي من شأنها ردع التهديد الصاروخي لكوريا الشمالية. ومن وجهة نظر مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين يرون أن الرئيس الكوري والمرشح المحتمل- ليخلف بارك «مون جاي -آن» قد أبدى تشككه في منظومة الدفاع الصاروخية «ثاد»، ويؤيد سياسات من شأنها تقرب كوريا الجنوبية من الصين، وتشجع للتفاوض أكثر مع النظام الكوري في بيونغ يانغ، حيث يسعى إلى التودد لكوريا الشمالية عبر الحوافز الاقتصادية والمشروعات التجارية المشتركة.ولا شك أن إقالة «بارك جيون هي» - حليف الولايات المتحدة - تطرح شكوكاً جديدة في شمال شرق آسيا في ظل القلق المتنامي من قبل الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية والصين.